معادلة "لا غالب ولا مغلوب" رهان قطر الأخير لإنهاء أزمتها
يبدو أن قطر تراهن منذ بداية الأزمة على تحقيق معادلة "لا غالب ولا مغلوب" باعتبارها الوسيلة التي يمكن من خلالها الخروج من المشكلة التي تعانيها، بأقل الخسائر، وبدون أن تخرج بصورة الطرف الخاسر من الصراع الذي تخوضه مع دول الجوار، وهو الأمر الذي تجلى في العديد من السياسات التي تبنتها الإمارة الخليجية، سواء في أزمتها الحالية أو أزماتها السابقة.
ولعل القائمة التي أصدرتها الدوحة، صباح أمس الخميس، والتي اشتملت على عدد من الأفراد والكيانات، والذين تم إدراجهم في قائمة التنظيمات الإرهابية، هي بمثابة محاولة يائسة للظهور بأن الدوحة ما زالت صاحبة قرارها، وهو الأمر الذي يتعارض مع الحقيقة، خاصة وأن القائمة احتوت نفس العناصر التي سبق وأن وضعتها الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب على قوائمها منذ شهور.
رد فعل
التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال لقائه مع ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، كانت بمثابة رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يتسامحوا مع ممولي الإرهاب وداعميه، وبالتالي فكانت الخطوة القطرية هنا رد فعل، على تلك التصريحات، وليست قرارا سياديا اتخذته الدوحة إيمانا بخطورة تلك التنظيمات.
وهنا تساءل الإعلامي والكاتب الإماراتي سالم الجحوشي، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "هل يستطيع تميم أن يقف في الأمم المتحدة ويوضح مفهوم الإرهاب، الذي طالما استثنى منه داعش والإخوان؟ هل يستطيع أن يبرر لشعب قطر لماذا أصدر القائمة الآن؟ ولماذا تحتوي تلك القائمة على أفراد وكيانات لطالما نادى بأنهم مظلومون ولا علاقة لهم بالإرهاب؟"
طلاق رسمي
الإجابات على تساؤلات "الجحوشي" تبدو واضحة، حيث أن قطر لم تعد تملك قرارها، وأن القرارات التي تتخذها ما هي إلا مجرد رد فعل لموقف دولي حاشد ضد دعمها للإرهاب وللتنظيمات المتطرفة، خاصة وأن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع بن سلمان تزامن مع تقارير صحفية تدور حول بدء الولايات المتحدة في إخلاء قاعدتها العسكرية في العديد.
كان موقع "ديبكا" الإسرائيلي قد نشر في تقرير له أمس الخميس أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل إخلاء كلا من قاعدة العديد العسكرية، وقاعدة "انجرليك" التركية من قواتها، وهي الخطوة التي تعد بمثابة طلاق رسمي بين قطر وأمريكا، والتي طالما راهنت عليها قطر منذ بداية الأزمة.
تتنازل في الظلام
ولعل لعبة الخروج بدون هزيمة، أو ما يسمى بمعادلة "لا غالب ولا مغلوب"، هي أكثر ما تهتم قطر بتحقيقه في كافة أزماتها، والخروج بدون الظهور بصورة الطرف الخاسر، وهو الأمر الذي بدا في أزمة قطر مع جيرانها الخليجيين في عام 2014، عندما قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائهم من الدوحة.
يقول الكاتب السعودي البارز عبد الرحمن الراشد، في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط"، أن قطر دائما ما تظهر الرفض الدعائي لمطالب خصومها، من خلال تمثيل أدوار بطولية لا تنسجم مع قدراتها الحقيقية، إلا أنها في الواقع دائما ما تقدم التنازلات في الظلام، موضحا أن قطر وافقت على كل مطالب دول الجوار في 2014، بما فيها إسكات قناة "الجزيرة"، ولكن كان الشرط الوحيد لأمير قطر هو عدم الإعلان عن تفاصيل الاتفاق، وهو الأمر الذي وافقت عليه السعودية حينها.