الموت خلف جبال المنيا.. شباب تفقد أعضاءها بالمحاجر مقابل 80 جنيه
لم يكن يعلم شباب المنيا، أن رحلة خروجهم إلى الجبال البيضاء (محاجر الموت) لكسب لقمة العيش التى تقدر بثمانين جنيهًا فى اليوم الواحد لكل منهم، سوف تنتهى بعودتهم فاقدى أحد أعضائهم، أو الموت بأبشع صوره، تحت سطو ماكينة "الحشاشة" أو شقيقتها "القطاعة".
"دوت مصر" قضى معايشة في منازل ثلاثة ممن عملوا أكثر من 10 سنوات في قلب الجبل كعمال محاجر، وبدى لهم الأمر فى البداية كأنه رزق وفير، وانتهى بهم الحال بالإصابة بشكل مؤلم، وصل بعضها لبتر الساقين، والعيش فى المنزل بلا عائل.
"الحشاشة جريت ورايا وكلتنى" بتلك الكلمات بدأ جوزيف عياد مسعد، صاحب الأربعون عامًا حديثه معنا، إذ عمل فى المحاجر لمدة 10 سنوات ، وفى عام 2016 كصباح كل يوم توجه رفقة زملائه للمحجر لبدء العمل وبعدها بقليل طالته أسنان الماكينة أثناء جمع قوالب الحجارة، وقطعت له الساق اليسرى، ونصف القدم اليمنى والأصابع، ورغم اجراءه عدة عمليات إلا أنها بائت بالفشل ويعيش حاليًا بساق صناعية.
وأضاف عياد: الإصابة عبر الماكينات ليست وحدها هى الكارثة، بل أن العديد من العاملين يصابون كذلك عبر كابلات الكهرباء، وغالبًا ما يؤدى صعق الكهرباء للموت سريعًا، لافتًا إلى أنه لا يوجد أية اجراءات وقائية من قبل أصحاب المحاجر سواء بالتأمين على العمال أو حمايتهم أثناء العمل، مضيفًا: صاحب المصنع يؤمن على نفسه فقط وأقاربه، أما العمال البسطاء فلا أحد يؤمن عليهم، ولا يسأل إلا عن حصيلة اليومية وفى نهاية اليوم لا يعرفك.
وعن تفادى تلك الحوادث قال عامل المحاجر إنها تحدث بشكل مفاجئ أثناء قيام أى عامل بتقليب البلوك وجمعه، خاصة لتناثر التراب الأبيض بكميات كبيرة، حتى لا نكاد نرى بعضنا فى بعض الأحيان، بالإضافة لعدم ارتداءنا أية كمامات والعمل سريعًا لانجاز المطلوب مننا والعودة لمنازلنا بعدا عن حرارة الجو ولهيب الجبل.
دخل جوزيف حاليًا لا يتعدى الـ800 جنيهًا ، من بينها 400 جنيهًا فقط من التضامن الاجتماعي، ولم يحصل سواء على 10 آلاف جنيه من نقابة عمال المحاجر صرفها جميعًا على العمليات ، وأصبح يعمل فى محل بقاله صغير نظير 400 جنيه لسد حاجة بيته وزوجته وأبناءه الأثنين.