التوقيت الإثنين، 04 نوفمبر 2024
التوقيت 08:13 م , بتوقيت القاهرة

شاهد..صاحب أقدم ورشة موبيليا: أبى صنع سرير ولى عهد الملك فاروق

صاحب أقدم ورشة موبيليا ببنى سويف
صاحب أقدم ورشة موبيليا ببنى سويف

هناك الكثير من المهن القديمة التى بدأت فى التراجع، ومنها "خرط وتشكيل أرجل الموبيليا"، وبرغم قلة أعداد الورش الخاصة بها إلا أن الجيل الثانى ممن تعلموا على أيدى آبائهم من رواد المهنة لم يتخلوا عن الصنعة وما زالوا يمارسونها.

"دوت مصر" التقى ماجد محمود حافظ 62 سنة صاحب أقدم ورشة خراطة وتشكيل "أرجل”الموبيليا ببنى سويف للحديث عن مشواره مع المهنة، فقال: كان والدى يعمل مدرس حفر أخشاب بمدرسة الصناعات الزخرفية بمديرية التربية والتعليم ببنى سويف، ويتقاضى جنيهين ونصف الجنيه “250 قرشا “راتبا شهريا ، إلى جانب عمله “أويمجى ”يدق ويحفر أخشاب الموبيليا ويصنع بها أشكالا وزخارف "حلية ”، فى محافظتى بنى سويف ومرسى مطروح وأيضا دولة ليبيا ، و نقل والدى إلى أسيوط ليعمل 22 عاما رئيسا للأقسام بإحدى المدارس الصناعية ، تعرف خلالها على صاحب ورشة وعمل معه “أويمجى”، وذاع صيته فى صعيد مصر لتميزه وابتكاره فى فن “الأويمة”، ورشحه مسؤول كبير بالتعليم للمشاركة فى صنع و عمل أويمة ودق خشب سرير ولى عهد الملك فاروق وتم إنتدابه ثلاثة شهور للقصر الملكى عام 1930 ، وأنهى مهمته بكفاءة عالية وحصل على 175 قرشا علاوة استثنائية فى عمله الحكومى ، فضلا عن منحه كارنيه لركوب وسائل المواصلات و دخول جميع الأماكن الترفيهية والمسارح والسينيمات بالمجان.

 

 وأضاف ماجد محمود : ظل أبى لسنوات يجمع بين عمله فى التربية والتعليم وصنعته حتى بلغ سن المعاش ، وقرر عام 1963 فتح ورشة للخراطة بمنطقة الميانى بمدينة بنى سويف العاصمة ، وإستعان بأساتذة كلية الهندسة فى تصنيع أجزاء المخرطة الحديدية وهى “الغرابة ، والكمرة ، والركيزة أو المسطرة “علاوة على شراء الموتور والسير ، كما صمم بنفسه صبة الأخشاب والزهر التى توضع داخلها أجزاء المخرطة ، وكنت وأحد أشقائى نتردد عليه ، ونتبادل التغيب عن المدرسة لمتابعة ما يصنعه أبى ومساعدته وعشقت المهنة وتركت الدراسةفى الصف الثالث الإعدادى لاتفرغ للعمل بورشة والدى الذى رفض ذلك عدة مرات إلا أنه وافق نزولا على رغبتى وإصرارى على موقفى ، وعملت جنبا إلى جنب مع والدى الذى كان يدير العمل فى ورشتين بأسيوط إلى جانب ورشته ببنى سويف ، ولم يتعد ثمن بيع أحد أرجل الأسرة و الكراسى والترابيزات والسفرة والطبالى و الكنب التى نخرطها ونشكلها ، 5 قروش.

 

وارتفعت مع مرور السنوات إلى جنيه ، و إزداد إقبال النجارين على ورشتنا وأصبحنا نعمل على مدار أربع وعشرين ساعة وبلغ دخلنا اليومى حوالى 70 جنيها ليحصل العامل على أجره بنظام الثلث من الإنتاج وقتها ، وفى عام 1972 أصيب أبى بقطع فى إصبعه أثناء عمله على المخرطة ونتج عن ذلك عاهة مستديمة وتوقف إصبعه عن الحركة ، وتحملت مسؤولية الورشة التى تنفق على أشقائى الستة ، الذين مازالوا فى مراحل التعليم المختلفة وقتها ، إذ نقوم بإدخال قطع الأخشاب المراد تصنيعها "أرجل”للموبيليا ، على المخرطة لمسحها ثم نستخدم أنواعا من الأزاميل “دفر مدور ، دوران عريض ، منقار ضيق ، عدل “فى تشكيلها ، ثم تنعيمها بالسنفرة قبل تسليمها للزبائن.

 

وتابع ماجد محمود : سافرت إلى السعودية عام 1977 لأعمل فى مهنتى وأرسلت إلى إثنين من أشقائى ولحقا بى ليعمل أحدهما مصورا والآخر مهندسا للسيارات ، ومكثت هناك ست سنوات ، عدت بعدها لأواصل العمل فى ورشتنا ، و لاحظت ضعفا فى الإقبال على خرط الأرجل الخشبية فبدأت فى تصنيع غرف النوم بأنواعها الشهيرة وقتها ومنها “العربى - البليكار - الرومانى “وبيعها للنجارين بيضاء بدون دهان بسعر 450 جنيه ، إلى جانب الإستمرار فى مهنتنا الأصلية.

 

وإستطرد : رزقنى الله خمسة أبناء "ولد و أربع بنات “جميعهم حاصلين على مؤهلات متوسطة ولم يهو نجلى مهنة خراطة وتشكيل أرجل الموبيليا ، ومع بداية الألفية الثانية تراجعت الصنعة واعتمدت على خرط وتصنيع التحف والأنتيكات و الطقاطيق و الفازات والأبجورات ، ولمبات الجاز ، وأيضا العصى التى يستخدمها رؤساء وكبار العائلات كنوع من الوقار والهيبة ، كما أقوم بطلاء”دهان”تلك المنتجات بنفسى، علاوة على تصنيع غرف الموبيليا للمقبلين على الزواج من أبناء الأقارب والأصدقاء فقط نظرا لما تحتاجه من جهد ووقت ، وذلك إلى جانب خرط أرجل الموبيليا للنجارين الراغبين فى ذلك ، كما صنعت مجموعة من التحف طلبها صديق له ليأخذها معه إلى السعودية منذ ثلاث سنوات.