التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 04:42 م , بتوقيت القاهرة

لوسى.. أول باديكير ومانيكير مصرية وحكايات مع أظافر المشاهير

 أول  باديكير ومانيكير  مصرية وحكايات مع أظافر المشاهير
أول باديكير ومانيكير مصرية وحكايات مع أظافر المشاهير

"تحية كاريوكا، سامية جمال، عبد الحليم حافظ، ليلى مراد ،هدى سلطان، شادية ،فاتن حمامة، عمر الشريف، رشدي أباظة، الأديب نجيب محفوظ، الأستاذ حسنين هيكل، الصحفي على حمدي الجمال، فايزة كامل، النبوي إسماعيل، نجاة، الملكة ناريمان، زوجة شاه إيران" وغيرهم من المشاهير اعتادوا الذهاب إلى "لوسي وجيمي"، ترى من هما ؟ ولماذا كانوا يذهبون إليهم مرتين شهيرًا تقريبا؟

 

 

نعود إلى  أواخر خمسينات القرن الماضي  حيث كانت هناك "بنت من شبرا" أرمينية الأصل عمرها 14 عامًا عشقت فيهم الأعمال اليدوية، تركت المدرسة وأتقنت الإبداع في شغل الـ"سرما، تطريز، إتامين "، في ذلك الوقت كانت تلمع في أذهان الجار المصري "عبد الحكيم" فكرة الاستقلال في العمل حيث كان يعمل في أرقى محلات الأحذية وقتها "باتا"، تلك الشركة العالمية التي كان العمل فيها ينقسم إلى جزأين الأول خاص ببيع الأحذية؛ أما الثاني فكان خاص بأعمال التجميل" مانيكير، باديكير، كوافير"بفرعيه حريمي ورجالي.

 لم يهدأ ذهن الرجل حتى فاتح والد "ليلى" المبدعة الصغيرة للعمل معه في محل "باتا" في فرعه الخاص بالتجميل؛ وعلى الفور وافق الوالد وحينها كان لزامًا عليها تغير اسمها فجميع المحلات في مصر وقتها كانت تغير أسماء العاملين فيها لأن أصحابها كانوا غير مصريين؛ فمثلًا عبد الحكيم أصبح "جيمي" وليلى أصبحت "لوسي"،وبعد عمل في" باتا" أستمر عامًا تزوجت "لوسي من جيمي" وبعدها حقق "جيمي" حلمه وافتتح محل خاص به هو وزوجته عام 1960 وأطلق عليه اسم معهد "لوسي" للتجميل؛ ومن يومها وأصبح المحل قبلة المشاهير "فنانين، سياسين، أدباء، وصفوة المجتمع المصرى".

بعد 59 عامًا من الافتتاح وداخل محلها الصغير الذي يختبئ في أحد ممرات شارع قصر النيل بمنطقة وسط البلد، تجلس "لوسي" بجسمها النحيل ووجهها الرقيق الذي تأثر بالزمن على مقعدها المعتادة عليه للعمل ممسكة بأدواتها وأمامها إحدى زبائنها تضع قدمها فوق الفوطة؛ تتذكر"لوسي" وهى تعمل قائلة "زمان كان شياكة وجمال وفساتين والكعب العالي، كان الكل مهتم بجماله وأناقته الصبح لبس وبعد الظهر ليه لبس والليل لبس تاني، زمان كانت أيام جميلة".

تلك الكلمات الرقيقة ذكرتها بأجمل الزبائن من مشاهير الزمن الجميل فقالت: من أشيك زبائني "نادية سراج الدين" كانت تأتي مرتديه الـ"بالطوا الفيزون" والكعب العالي كانت" أخر شياكة" ، أما الملحن"كمال الطويل " كان أشيك راجل، كان بيقولي يا دكتورتي، وأخر مرة جه فيها قالي أنا رايح لندن أتعالج ومش عارف إذا كنت هرجع تاني ولا لأ، وسلم عليا وسافر" .

من أجمل زبائني الـ"بنبوناية" فاتن حمامة، كانت جميلة رقيقة رغم شهرتها  إلا أنها كانت ست بيت ممتازة فلة، وكانت مهتمة بأولادها بنفسها، وكنت برحلها لما تكون مشغولة وعندها تصوير".

وتتذكر "لوسي" الفنانة العظيمة تحية كاريوكا قائلة: الوحيدة التي كانت تأتي دون تحديد موعد سابق، تملأ المكان بهجة وضحك، الكل يعلم أنها كانت سيدة خيرة، كانت تطهى الطعام وتفرقه بنفسها على الفقراء أمام مسجد السيدة زينب، وفى آخر أيامها كنا نجمع الأموال ونعطيها لها كي لا تنقطع عادتها الخيرية، كانت" دمها خفيف وفرفوشة " وعلى العكس تمامًا الفنانة سامية جمال كانت خجولة جدًا رغم أنها كانت راقصة تأتي تعمل مانيكير وباديكير في هدوء وتمشي.

وتقول عن الفنانة مديحة يسرى" كانت بتاعتنا ومعانا على طول وهى وابنها الله يرحمه حتى قبل الوفاة بشهور كانت تيجي بالعكاز والسواق ساندها، تعمل أديها ورجليها، كانت جميلة جداً ورقيقة وسيدة مجتمع كانت برنسيسة، أما نادية لطفى فكانت "بلونداية " جميلة ورقيقة جاتني مرة واحدة".

وتتذكر "لوسي" الفنان القدير فؤاد المهندس قائلة: فنان جميل دمه خفيف كان بيغير من رجليه جدًا أول مرة جه فيها قعد على الكرسي وقال خالوا بالكوا أنا جنان أنا خواف أنا بغير، نقولوا حاضر يافندم عنينا وكان كل شوية يتنفض لما نمسك رجله، وكنا نضحك كلنا، كانت قعدته خفيفة، هو وشويكار"، أما عبد الحليم حافظ لسبب مرضه كان ابني رأفت يذهب إليه كان لطيف وكريم جدًا.

 

"ماكنش زبون كان صاحب مقرب لجيمي جوزى يجى هو ومامته وقسمت بنته يعملوا ماكير وباديكير، دمه خفيف وكل البنات كانت تحبه فعلًا اتجوز كتير عادى هو حر" هذا ما قالته "لوسي" عن الفنان رشدي أباظة .

أما "نجوى فؤاد" فتقول عنها "كانت عشرة عمرى، والمطربة نجاة كانت هادية ورقيقة تيجي تعمل مانيكير وبادكير هي وأخواتها كلهم إلا سعاد حسنى جت مرة واحدة لأنها كانت مشغولة على طول في التصوير، ونجوى سالم دمها خفيف  وعمر خورشد كان جميل جدًا وشريهان ومامتها .

 

وتكمل صديقة المشاهير حديثها قائلة: الأديب نجيب محفوظ كان معاده كل يوم جمعة الساعة 9:30 صباحًا، فكان يأتي في تمام الـ9:20، يتمشى داخل الممر حتى يأتي موعده المحدد فيدخل المحل لعمل يده ويدلك أرجله وهو يشرب فنجان القهوة، وكان عشاقه يأتون إليه هنا ويلتقطون الصور التذكارية معه، حتى يوم محاولة اغتياله كان هنا في الصباح، وكان ما حدث صدمة لنا جميعًا.

أما الكاتب الصحفي حسنين هيكل مكتبه كان وراء البنك الأهلي وكانت سكرتيرته الخاصة مدام نوال النحلاوى تحدد معانا معاد حضوره لعمل باديكير يده وأرجله، كان خفيف الظل جداً وحضر أول يوم افتتاح للمحل وقال لي يومها " ها جيمي كتب المحل باسمك ولا اسمه وكان يضحك معايا " ، وكان الصحفي الكبير علي حمدي الجمال ومحمد التابعي من أهم زبائني.

وتضيف "لوسي" بنات الرئيس السابق أنور السادات كن من أهم زبائني وأيضًا عائلة عثمان أحمد عثمان ، وفرج ديبا زوجة شاه إيران، ومن الطريف أن عائلتي كلها تشجع النادي الأهلي، ومع ذلك فإن كافة لاعبي نادي الزمالك زمان من زبائني ولم يأتي إلي لاعب أهلاوي واحد .

وتنهي "لوسي" حديثها قائلة: الناس زمان كانت بسيطة جميلة محبة للغير، رغم صدقاتنا المختلفة مع الجميع إلا أن كل شيء كان بحدود، لا نتدخل في حياتهم، ولا نصورهم دون علمهم، ولا يجوز أن نفشي سرًا لأحد، هذه أصول تربينا عليها ولذلك ظل محل لوسي محتفظا بزبائنه حتى الآن.