التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 08:23 م , بتوقيت القاهرة

سرقة مقابر الأعيان فى الشرقية.. و"عساكر الهجانة" تحت السيطرة

"هذا قبر المغفور له أمين باشا الشمسى" هذه ليست لافته عادية إنما هى شاهد لقبر أمين باشا ملقاة على الأرض بين ورقات الخريف والحطام بفعل الزمن داخل مقبرة مهجورة، ذلك هو ما تبقى من تاريخ وأحد من أهم بشوات مصر قبل قرن من الزمن، والذى كان أحد أعمدة الثورة العرابية، وهو أول عضو عن الشرقية بأول مجلس نواب أيضا ونجله كان حينها وزيرا للمعارف، ولكن هذه المقبرة الوحيدة التى تعرضت لسرقة والنهب.

فى هذا التقرير يرصد "دوت مصر" عددًا من مقابر أعيان وبشوات الشرقية، والتى تعانى من الإهمال والسرقة.

داخل مقابر كفر الإشارة فى الزقازيق، أول مقابر فى الزقازيق يعود تاريخها لأكثر من 150 عام وبالتحديد فى الشارع الرئيسى، تجد عددا من الأحواش المهدمة على الجانبين والتى يعود تاريخ إنشاءها لأكثر من قرن من الزمن، ستظن أنها لعائلات عادية هجروا أمواتهم، إلا أنك بالاقتراب والتدقيق ستجد هذه المقابر لبشوات سطروا أسماءهم فى التاريخ إلا "أن دوام الحال من المحال".

بدخولك لمقبرة عائلة أمين باشا الشمسى، التى تتعدى مساحتها 400 مترا، ستجد أنها بدون أبواب أو شبابيك، وبداخلها ستجد قبره فى المقدمة تحول إلى حطام، بعدما تعرض لسرقة الرخام، والذى تبين أنه كان مستوردا من إيطاليا آنذاك، وفى غرفة الدفن الأولى، فهناك قبر السيدة التركية برتو هانم حرم على بك رمزى، والغرفة الأخرى تعود لأسرة الباشا، منهم على باشا أمين وزير المعارف عام 1926 وعبد الرحمن باشا، عبد الرحمن الشمسى، وهو أحد خمس نواب فى المجلس عن دائرة الشرقية، ومن بين أملاك الأسرة بخلاف الأرضى والأطيان مصنع الصابون الشمسى بالزقازيق، وكان يعد أشهر ماركات التجارة فى مصر.

فى أول مقبرة من ناحية البوابة الرئيسية التى تقع على مساحة 500 متر، ستجد قبر عبد اللطيف باشا حسانين، وهو أحد أشهر رجال الإقطاعيين فى الشرقية، وتبرع بالكثير من المشروعات الخيرية والمشاركات الاجتماعية فى هذا الزمن، منها أرض تأسيس مقر هيئة الإسعاف، ومستشفى الزقازيق العام ومدرسة تحمل أسمه حتى الآن، ومن الغريب أن الحوش الذى كان مقاما على الطراز العثمانى، لم يعد منه سوى حطام، وتحول القبر إلى مقلب لتجميع القمامة.

وبحسب ما يذكر فإن المقبرة دفن فيها الباشا وزوجته ومنذ عقود طويلة لم يزوره أحد، إلا أن أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين قام ببناء مقبرتين الأول للنساء والأخرى للرجال، فى مقدمة الحوش بعد الثورة، ودفن فيها أستاذ جامعى قبل عام يدعى الدكتور محمد سعيد ولم يتثن لـ"اليوم السابع" التأكد من صلة الأستاذ الجامعى بـ"عبد اللطيف" باشا.

وعلى بعد مسافة قليلة تقع مقبرة عائلة عبد العزيز باشا رضوان والملقب بـ"إمبراطور القطن" والذى كان واحدا من المتحكمين فى بورصة القطن العالمية فى العشرينات من القرن الماضى، وله العديد من الأوقاف الخيرية، التى تحولت إلى مشروع خيرى، منها مدرسة تحمل اسم ومسجد به قبره ولـ"عبد العزيز" 3 أحواش أحدهم للصدقة وآخر لعائلته والثالث لوالديه بينما هو دفن فى ضريح فى مسجد يحمل اسمه، وقامت عائلة رضوان بتجديد حوش الأبوين وإعادة تشطيبهم بالطوب الطفلى، بينما الصدقة والعائلة مازالوا متهدمين.

وبين أعيان الشرقية ومشاهيرها مقبرة الشاعر المعروف مرسى جميل عزيز، والتى ما زالت على هيئتها ولم يؤثر عليها الإهمال أو السرقة، بينما طال الإهمال مقبرة "حافظ بيه" الذى كان يعمل فى مجال المقاولات وتحول قصره بعد التأميم إلى مدرسة الحكماء الآن، وكذلك عائلة أبو الدهب، وهو من أشهر تجار الزقازيق، وهاجرت عائلته الزقازيق، وتحول المدفن إلى حطام بعد سرقة الرخام والأبواب، وكذلك عائلة "طاهر الأغا" وهم من الأغوات فى عهد الخديوى، وعائلة الفاتح والتى تعود إلى عام 1888 وآخر موتاهم كانت فى مطلع الألفنيات ولم يعد أحد يعرف عنها شئ.

كما رصد "دوت مصر" مقبرة "الهجانة" والتى أنشأتها مديرية الأمن عام 1937 لعساكر الهجانة السودانيين والذى كانوا يخدمون فى مديرية الأمن وتعرضوا للموت فى إحدى الحوادث، واستخدمت المقبرة كمقر لدفن أبناء الجالية السودانية، وكذلك يوجد حوش فى الجهة الثانية للجالية الفلسطينية.

كما يوجد شارع جانبى يحمل اسم شارع الشهداء حيث يوجد به عدد من أحواش الصدقة وأخرى يوجد به مقبرة كبيرة لشهداء حرب أكتوبر من ضباط وجنود مجهولى الهوية، حيث دفن فيها أكثر من 20 شهيدا.

من جانبه قال أحمد محمود مدير إدارة الجبانة بحى ثانى الزقازيق، أن معظم هذه المقابر هجرها أصحابها ومنهم من هاجر للخارج وآخر من يقيم فى محافظات أخرى، لافتا إلى المقابر لم تسلم من السلب والنهب فى فترة الانفلات الأمنى، فسطا اللصوص على مقابر البشوات والأعيان ونهبوا الرخام من عليها والأبواب، موضحا أن أدارة الجبانة وهى منشأه حديثا لحماية المقابر، وكذلك حل المنازعات المستمرة بين بعض العائلات وبعضها على مليكه المقبرة، وتم تقديم طلبات للجهات المختص لتوفير حماية للمقابر.