فيديو.. تعددت الأسباب والموت واحد.. هكذا تحدث المصريون عن الانتحار
تعددت آراء المصريين في أسباب التفكير في الانتحار وتباينت آراؤهم في هذه الظاهرة التي تتفاقم يوما بعد يوم لتنذر بكارثة يعيشها المجتمع، ليس المصري فقط، بل المجتمعات الحديثة جميعها.
يحتل الانتحار المرتبة العاشرة في قائمة أسباب الوفيات في العالم، أي أن 1.5٪ من وفيات العالم هي بسبب الانتحار، ورغم خطورة الظاهرة إلا أن الدراسات حولها ما زالت قليلة جدا فى مصر والوطن العربى، بحسب ما يرى خبراء.
ولعل ما يؤكد خطورة تفاقم ظاهرة الانتحار، تزايد عدد المنتحرين خلال الأيام القليلة الماضية والتى كان آخرها انتحار طالب فى محافظة أسيوط شنقا لفشله فى الالتحاق بكلية الهندسة، وانتحار آخر بنفس الطريقة فى المنيا، وثالث فى المنطقة الصناعية بالداخلة، وانتحار شاب بإلقاء نفسه تحت عجلات مترو الأنفاق، انتحار شاب داخل مصحة إدمان.
ونشر موقع منظمة الصحة العالمية، فى يناير الماضى، دراسة أظهرت أن أكثر من 800 ألف شخص يموتون منتحرين، وهو ما يعنى حالة انتحار كل 40 ثانية تقريبا، واعتبرت أن الانتحار ثانى أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15و 29 عاما، وأن حوالي 30% من حالات الانتحار العالمية تنجم عن التسمم الذاتي بالمبيدات، والتي يقع معظمها في المناطق الزراعية الريفية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ويعتبر الشنق والأسلحة النارية من الطرق الأخرى الشائعة للانتحار.
وفى أبريل الماضى، أعلنت وزارة الصحة والسكان، نتائج أكبر دراسة نفسية على طلاب الثانوية بعد توقف 7 سنوات، وأجريت الدراسة بحسب، الدكتورة منى عبد المقصود، رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية، على 10 آلاف و648 طالب وطالبة من المدارس الثانوية العامة والفنية والأزهرية والعسكرية تتراوح أعمارهم بين 14 و 17 عاما، من محافظات مختلفة.
وكشفت الدراسة عن أن 29.28% من الطلبة والطالبات يعانون من مشكلات نفسية، تراوح ما بين أعراض القلق والتوتر، والتلعثم فى الكلام والاكتئاب، وإيذاء الذات فى نسبة 19.5% من العينة، والتفكير فى الانتحار بنسبة 21.5% من العينة، و33.4% منهم لجأوا للعلاج عند طبيب نفسي، 19.9% لجئوا لصيدلي، و15% لجئوا للأصدقاء.
الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بطب عين شمس، وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسى، إن أبرز الأسباب النفسية التى تؤدى إلى ارتفاع حالات الانتحار، هى زيادة معدلات العنف والعدوان فى المجتمع، والانتحار هو نوع من أنواع العنف والعدوان ولكن ضد الذات وليس على الآخر، والذى تطور عما كان قديما، فمثلا كنا نرى أن العنف ضد الذات كان ينحصر فى إيذاء جسدى مثل جرح نفسه وما إلى ذلك أو لعب ألعاب عنيفة، ولكن خلال الخمس سنوات الماضية بدأت معدلات العنف تجاه الذات تتطور إلى الانتحار.
وتضيف هبة عيسوى، لـ "دوت مصر"، أن السبب الثانى أصبح لدينا زيادة فى استثارة المخ الانفعالى أكثر من المخ العقلانى، فمخ الإنسان به شقان الأول يتعامل مع الأمور بشكل عقلانى والآخر يتعامل بشكل انفعالى، فمثلا قد يواجه الشخص مشكلة بشكل عقلانى كأن يصدمه ميكروباص ويقول للسائق "حصل خير"، وهنا يكون تعامل بالشق العقلانى وربما نفس الشخص واجه نفس الموقف ولكن بالشق الانفعالى ويتشاجر مع السائق، ونحن الآن أصبحنا نستثار بالجزء الانفعالى أكثر لأننا كثيرًا ما نتعرض لإحباطات يومية ولا نروح عن أنفسنا لمواجهتها، فمثلا قديما كنا نجلس ونتبادل النكات وما إلى ذلك ولكن هذا لا يحدث الآن إلا على مواقع التواصل الاجتماعى "المجتمع الافتراضى" فتفقد قيمة التشجيع الاجتماعى الحى.
السبب الثالث وهو أن معظم المنتحرين لديهم فلسفة التقليد الأعمى، فمثلا طالب يقرأ فى الصحف أن طالب انتحر لأنه رسب فى الامتحانات، وحينما يرسب هو الآخر يقرر الانتحار، بدلا من أن يبتكر فكرة جديدة لإدارة أزمته.
وتضع أستاذ الطب النفسى بطب عين شمس، روشتة للقضاء على هذه الظاهرة، وهى ضرورة عمل تنفيس للمشاكل النفسية اليومية، فمثلا كل المؤسسات الخاصة والحكومية يجب أن تخصص قسما أو هيئة طبية نفسية اجتماعية تذلل العقبات النفسية التى تواجه الموظفين، ومثلا تروح عن موظفيها بالرحلات المجانية والهدايا والجوائز التشجيعية من وقت لآخر، وقطعا كل ذلك سيعود على الشركة بالإيجاب لأن معدلات انتاج الموظفين ستزداد، وبالنسبة للطلاب يجب عمل استبيانات نفسية لهم نقيس به هل لدى الطالب أى أعراض اكتئاب أو أى بوادر مرض نفسى، و نبدأ بعد ذلك علاجهم.
وأخيرًا يقع على الأسرة دور كبير جدًا فى وقاية أبنائهم من الانتحار، حيث يجب عليهم متابعة سلوكيات أبنائهم وأى أعراض تطرأ عليهم مثل الاضطرابات فى الشهية سواء أكل كثير أو قليل، والاتجاه للعزلة عن أصدقائه المقربين والأسرة وينعزل فى حجرته، ترك هواياته المفضلة، وهنا يجب أن نتحاور معهم ومعرفة الأسباب التى دفعتهم لذلك ونبدأ فى علاجها.
وتؤكد الدكتورة ليلى عبد المجيد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة السابقة، على عدم تناول الإعلام عن الانتحار كحالات فردية، ولكن يجب تناول الانتحار بشكل استقصائى ودراسة الواقع الاجتماعى والثقافى والتربوى، لمساعدة المؤسسات البحثية فى المجتمع لوضع رؤى وآليات للقضاء على هذه الظاهرة.
وتوضح الدكتورة ليلى عبد المجيد، لـ "دوت مصر"، أن كثرة تناول حوادث الانتحار بشكل تفصيلى تحدث نوع من التبلد لدى الجمهور ليصبح أمرًا عاديًا، كما يتطور الأمر لدى البعض للتقليد الأعمى، لذلك نجد تكرار فى وسائل الانتحار كأن يلقى الشخص نفسه أمام قطار أو مترو أو يشنق نفسه.
وتدعو عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة السابقة، المتخصصين فى علم النفس والاجتماع، لدراسة قضية الانتحار وأسبابها بشكل موسع ووضع توصيات ومقترحات للوقاية من هذه الظاهرة.
ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إنه من المؤسف أن تظهر فى بلادنا جرائم الانتحار لأن الاقدام على هذه الجريمة يعتبر إفلاسا ويأسا من مواجهة مشكلات الحياة وهذا ينافى قوة شخصية المؤمن وصلابته وقدرته على مواجهة الأزمات الحياتية لأنه من المعلوم أن الحياة ابتلاء واختبار وفيها ما يسر الإنسان فى بعض الأحيان وفيها ما يكدره ويضر به فى أحيان أخرى والمهم الصبر على الابتلاء.
وتابع الجندى لـ "دوت مصر":"إن هذه الظاهرة أصبحت تدق ناقوس، ويجب المشاركة الحياتية لكل من يتعرضون لمشكلات أو أزمات لأن هذه سمة المجتمع الإسلامى المتكافئ، خاصة وأننا من خلال متابعة وقائع الانتحار نجد أن المنتحر يقدم على هذه الفعل فى أماكن عامة مثل محطات القطار أو المترو أو من أعلى بنايات مرتفعة، وكأنه يريد الإعلان للناس عن أنه كان يواجه مشكلة ولم يجد من يقف إلى جانبه فقدم على هذه الخطوة"
ويؤكد الجندى، أن الانتحار ينافى تعاليم الدين لأنه يعد احتجاج على قضاء الله وقدره، ولأن المسلم الحق لا يعرف اليأس فالله سبحانه وتعالى يقول:" وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"، غير أنه فى كل الأحوال لا يستطيع أحد أن يحكم بكفر المنتحر، لأنه لديه أسبابه أيا كانت التى قد تقنع أو لا تقنع ولنترك مآله ومصيره إلى الله سبحانه، ولكنه قطعا ارتكب ذنبًا وإثمًا كبيرًا.
وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أنه يتوجب على كل المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية أن تتكاتف من أجل توعية وتبصير الشباب بخطورة الانتحار، من خلال الخطاب الدعوى والإعلامى وكذلك يقع على الأسرة عاتق كبير فى تقويم سلوك أبنائهم والاستماع لمشاكلهم والسعى لحلها أولا بأول حتى لا تتضخم وتتطور وتصل لحد الانتحار.
لمزيد من الفيديوهات الإخبارية والرياضية والسياسية والترفيهية زورا قناة فيديو 7 على الرابط التالى..
https://www.youtube.com/channel/UCbnJMCY2WSvvGdqWrOjo8oQ?disable_polymer=true