التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 03:50 ص , بتوقيت القاهرة

خاص|خبراء: وثيقة التفاهمات انتصار لمصر على حساب إثيوبيا

أكد خبراء أن وثيقة التفاهمات، التي وقعت عليها مصر والسودان وإثيوبيا، في العاصمة السودانية، الخرطوم، لا تشتمل أي تنازلات أو ضرر بالمصالح المصرية وحقوقها التاريخية في مياه النيل.


وقال رئيس وحدة دراسات دول حوض النيل بمركز الأهرام الاستراتيجي، هاني رسلان، في تصريحات لـ"دوت مصر" إن الاتفاق لا يشكل أي مساس بالاتفاقيات التاريخية في حوض النيل، موضحا أنه لم ترد إشارة إلى تلك الاتفاقيات لأنه لا يتحدث عن ترتيبات تتوافق عليها الأطراف لقضايا المياه في حوض النيل أو النيل الشرقي، إنما يتناول أزمة سد النهضة فقط.



أضاف أن هذا هو السبب الذي دفع الخارجية المصرية لإذاعة بيان بهذا الخصوص للتأكيد الكامل على هذا المعنى، وشدد على أن الاتفاق ليس حلا للخلافات الفنية التي مازالت باقية، وتعهدت الأطراف بالسعي للوصول إلى اتفاق بشأنها.


وأكد رسلان أن المرحلة الأكثر أهمية هو مرحلة التفاوض لحل هذه الخلافات، موضحا أنها قضية أو مسألة ليست سهلة، لكن أجواء التعاون والتواصل قد تسهل عملية الحوار والوصول إلى نتائج، منتقدا في الوقت ذاته الإصرار على إبقاء نص الاتفاق سرا بعد أن تم التوصل إليه عبر الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والري في الدول الثلاث.


وقال إن هذه السرية أدت إلى ظهور التسريبات التي لا تحمل النص الكامل، الأمر الذي أدى إلى إشاعة أجواء من القلق والتوجس، والخوف من تقديم تنازلات غير ضرورية أو قراءة بعض العبارات بشكل غير دقيق لأنها منتزعة من سياقها وتفتقد إلى الترابط الضروري بين الفقرات لفهم المعنى الدقيق للنص.


وشدد خبير الشؤون الإفريقية على أن النتيجة الأكثر أهمية من وجهة نظره أن هذا الاتفاق لم يمس الاتفاقيات التاريخية التي مازالت قائمة، ولا يشكل تمهيدا للتخلى عنها، ولا يشكل قيدا على الموقف المصري في المستقبل إذا استمر الخلاف مع الآخر.


وفيما يتعلق بالإيجابيات، رأى رسلان أنها ليست كبيرة، لكنها ذات دلالات مهمة: أولها أنه يمثل تقدما كبيرا في تحسين صورة مصر الإقليمية والدولية، وأيضا لدى شعوب دول حوض النيل، وإعادة صياغة هذه الصورة لكي تعكس النوايا وطريقة التفكير المصرية بأقرب درجة ممكنة.


الإيجابية الثانية أن هذا الاتفاق وضع قيودا أدبية وسياسية على إثيوبيا وغير من طريقة اقترابها من الأزمة، فأصبحت تقر علنا بمجموعة من المبادئ والقواعد كانت تسعى لإنكارها أو التملص منها بدعاوى مختلفة، دون أن تقدم مصر تنازلات تتعلق بموقفها القانوني.


وتابع "مجمل القول أن الاتفاق هو إعلان نوايا وهو خطوة ذات مدلول سياسي ومحملة برسائل إلى الشعوب.. وهو ( مجرد خطوة) على طريق طويل وقضية شائكة وممتدة ولها جذور غائرة في الوعي، كما هي غائرة في التاريخ، ولها جوانب نفسية وسياسية واستراتيجية ولا تتعلق فقط بالوجه التنموي الظاهر بشان استخدامات المياه، وعلينا أن نتحلى بالصبر وأن نتسلح بالاستعداد والجاهزية.



من جهته يرى الباحث والخبير في الشؤون الإفريقية، رمضان قرني، أن التوقيع على اتفاق التفاهمات أعطى زخما سياسيا لقضية سد النهضة، مشيرا إلى أن عدم الكشف عن الوثيقة في وقت سابق، يرجع إلى حساسية القضية ومحاولة الأطراف ذات الصلة بالقضية الوصول إلى اتفاق بعيدا عن الضجة الإعلامية، مؤكدا أن طرح كل شيء على العامة ليس جيدا.


وشدد مدير تحرير دورية "آفاق إفريقية" على أن الوثيقة لا تحمل أي تنازلات مصرية للجانب الإثيوبي، بل على العكس فإن الجانب المصري حقق نتائج مهمة من خلالها: أولها عدم المساس بحصة وحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، إضافة إلى تغيير الصورة النمطية لدى إفريقيا، والكشف عن صورة الدولة التي ترغب في ترسيخ وتعميق علاقاتها مع جيرانها الأفارقة من خلال تعزيز التعاون المشترك، والعودة مرة أخرى إلى الامتداد الإفريقي للأمن القومي المصري.


وأكد قرني أن الاتفاق ما هو إلا الشق السياسي فقط من مسار المفاوضات الخاصة بشق النهضة، مشيرا إلى أنه لا تزال هناك نتائج المكتب الاستشاري التي ستتطرق إلى سنوات الملء وسعة التخزين وقنوات المياه وغيرها من القضايا الفنية.


وشدد على ضرورة الاصطفاف المصري وراء القيادة السياسية والمفاوضين المصريين والتعامل مع القضية بوعي وعقلانية، لافتا إلى أن الوثيقة كشفت عن مرونة في الموقف الإثيوبي، الذي كان يرفض أي مفاوضات بشأن السد أو الحديث عن حقوق مصر التاريخية، مؤكدا أنها توفر الأجواء السياسية اللازمة لاستكمال الشق الفني من المفاوضات.


وفيما يتعلق بزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إثيوبيا، يرى الباحث أن الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتوسيع الاستثمارات المصرية في إفريقيا، إضافة إلى التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، الذي يضرب دول شرق إفريقيا وامتداداتها المجاورة، لافتا إلى تغلغل العمليات الإرهابية إلى ليبيا والمغرب ودول غرب إفريقيا فيما يشكل طوقا إرهابيا تشترك البلدان في مواجهته.