قطر تراهن على أمريكا من جديد.. هل يقبل ترامب بدور الوسيط لإنهاء أزمتها؟
بعد مرور ما يقرب من ثمانية أشهر كاملة من اندلاع الأزمة الخليجية، يبدو أن قطر مازالت تطرق أبواب القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، للقيام بدور الوسيط بينها وبين دول الجوار، وذلك بالرغم من الفشل الذريع الذي أصاب محاولاتها السابقة في البحث عن وساطات دولية لإنهاء الأزمة، والتي شملت العديد من القوى الغربية، وهو ما اعتبره قطاع كبير من المحللين إهانة للدور الذي تلعبه دولة الكويت في المرحلة الراهنة.
المحاولات القطرية تتجدد لاستجداء الولايات المتحدة للقيام بدور جديد في الوساطة بين الإمارة الخليجية المارقة، وجيرانها العرب، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها الإمارة الخليجية جراء قيام الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في يونيو الماضي، حيث سيلتقي كبار مسئولي إدارة ترامب مع وفد وزاري قطري، مكون من وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الدفاع خالد بن محمد العطية، ووزير المالية علي شريف العمادي، ووزير الاقتصاد والتجارة أحمد بن جاسم آل ثاني.
بحسب ما ذكر موقع "ذي هيل" الأمريكي، فإن الوفد القطري، الذي يزور الولايات المتحدة، هو الأكبر من نوعه، وهو الأمر الذي يثير التكهنات حول احتمالات وجود دور أمريكي جديد لإنهاء الأزمة بين قطر ومحيطها العربي، وهو ما يطرح التساؤل حول ما إذا كانت هناك نية أمريكية للتدخل من جديد وأسباب ذلك.. "دوت خليج" يرصد أهم الأسباب التي قد تدفع إدارة ترامب لمكافأة قطر بالتدخل لإيجاد حل لأزمتها مع الدول العربية:
الموقف من القدس
في الوقت الذي تحركت فيه الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسهم مصر والمملكة العربية السعودية، بالتحرك على المستوى الدولي لرفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، نجد أن الجانب القطري لم يحرك ساكنا فيما يتعلق بهذه القضية.
الموقف العربي من القدس أثار حفيظة الإدارة الأمريكية، حيث أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، في صيغة تمثل تهديدا للدول العربية قبيل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حول قرار ترامب، والذي دعت له مصر، أن الرئيس الأمريكي سوف يتابع التصويت على القرار.
إقرأ أيضا: المعلمي: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أمر باطل
اللوبي اليهودي
الموقف القطري المتقاعس تجاه الهوية العربية للقدس، تزامن مع تحركات قام بها تنظيم الحمدين الحاكم في قطر لمغازلة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة بهدف استرضاءهم، وذلك للضغط على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل تغيير موقفه من دعم الإمارة للإرهاب.
الإمارة الخليجية قامت خلال الأشهر الماضية بتوظيف عدد من شركات العلاقات العامة في الداخل الأمريكي بهدف تصدير صورة مغلوطة عن قطر أمام القيادات اليهودية في الولايات المتحدة، وذلك بهدف تحسين صورة الإمارة فيما يتعلق بالاتهامات التي تلاحقها بدعم الإرهاب.
لم يتوقف التحرك القطري عند هذا الحد، ولكنها قامت في المقابل بدعوة بعض الكتاب والمدافعين عن اليهود في المجتمع الأمريكي لزيارة قطر، ومن بينهم المحامي الأمريكي الآن ديرشوفيتز، والذي تزامنت زيارته مع وجود أحد لاعبي التنس الإسرائيليين في العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في بطولة قطر المفتوحة للتنس، وهو الأمر الذي هلل له أستاذ القانون الأمريكي في مقالة له بموقع "ذي هيل" الأمريكي، قبل عدة أيام.
إقرأ أيضا: السلاح المزدوج.. "إسرائيل" وسيلة قطر لتشويه الخصوم والتقرب من أمريكا
زيارات مجانية
استراتيجية الزيارات المجانية لم تقتصر على استضافة ديرشوفيتز، ولكنها امتدت إلى عدد من الشخصيات الأمريكية النافذة في عدة قطاعات داخل دائرة السياسة الأمريكية، من بينهم أعضاء سابقين في الكونجرس وإعلاميين، بالإضافة إلى شخصيات ذات صلة بمراكز صنع القرار داخل البيت الأبيض، وذلك بهدف تصدير صورة مغلوطة حول انفتاح الإمارة الخليجية، واعتدالها على عكس الحقيقة.
إقرأ أيضا: الزيارات المجانية.. استراتيجية قطر الجديدة لتحسين صورتها أمام أمريكا
منظمات حقوقية
لعل أكثر الأسلحة التي استخدمتها قطر من أجل الترويج لنفسها باعتبارها دولة معتدلة، كانت بعض المنظمات الحقوقية، والتي سعت للترويج بما اعتبرته تطورات إيجابية في الدوحة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، استنادا لبعض القوانين التي أصدرتها الدوحة حول تقليص ساعات العمل بالنسبة للعمالة داخل الإمارة الخليجية قبل عدة أشهر.
إلا أن هذه المنظمات تجاهلت قضايا عديدة حول الانتهاكات التي ارتكبتها الإمارة الخليجية بحق أعداد كبيرة من العمالة التي شاركت في أعمال البناء المرتبطة بمونديال 2022.
كان أمير قطر تميم بن حمد حريصا على لقاء رئيس منظمة "هيومان رايتس واتش" كينيث روس خلال وجوده في نيويورك على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، وهو الأمر الذي أثار العديد من التكهنات حول العلاقة بين الإمارة الخليجية والمنظمة التي دائما ما تتبنى مواقف إيجابية تجاه قطر رغم انتهاكاتها في حين أنها تصوب سهام انتقاداتها للدول العربية الأخرى في كل المواقف بعيدا عن أي موضوعية.
إقرأ أيضا: لقاء تميم بمدير "هيومان رايتس واتش".. يكشف سر تقاريرها
اتفاقية وقف دعم الإرهاب
خلال زيارته الأولى لقطر بعد اندلاع الأزمة، تمكن وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيرلسون من الضغط على مسئولي الإمارة الخليجية، للتوقيع على اتفاقية وقف تمويل التنظيمات الإرهابية، وهي الخطوة التي حاول وزير الخارجية الأمريكي أن يستغلها لإقناع الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب بإنهاء إجراءاتها تجاه قطر دون جدوى.
كان وزير الخارجية بالمملكة العربية السعودية عادل الجبير قد علق على هذه الاتفاقية بقوله أنه لولا الإجراءات العربية بصدد قطر، ما كانت الإمارة ستوقع على هذه الاتفاقية، خاصة وأن تنظيم الحمدين الحاكم في قطر سبق له وأن رفض طلبا أمريكيا بالتوقيع على هذه الاتفاقية من قبل.