التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 06:15 ص , بتوقيت القاهرة

بروفايل|رشدي أباظة.. أرستقراطي وسيم و"مزواج"

كتبت- غادة قدري:

رغم ما يثار حوله من حكايات عن علاقاته الغرامية، وعشقه للنساء، ورغم السنوات الأربعة والثلاثين التي انقضت منذ رحيله، يظل رشدي أباظة فتى الشاشة الأول، والنوذج المثالي للرجل الذي تبحث عنه بنات حواء حتى يومنا هذا.

المثير للدهشة في تركيبة رشدي أباظة، تلك الشخصية المميزة والهالة المحيطة به، فهو لم يفقد احترام أي سيدة، رغم تعدد علاقاته، وربما يعكس هذا خللا في التقييم الذكوري لدى الشرقيين، وربما لأنه رغم كل أناقته ووسامته، لم يجد من تقرأه كرجل.

هل تشفع الوسامة لصاحبها انحراف سلوكه في بعض الأحيان؟ أم أن ابتسامة النجم وحضوره غطيا على ما دونهما؟.. يمكن لكثير من الرجال أن يتحفظوا على تسمية رشدي أباظة بـ"زير النساء"، ونؤيدهم في رأيهم باعتبار أن أباظة أساء الاختيار والتصرف في بداية حياته، ولم يعشق، ولم يندم على امرأة قدر ما أحب وندم على زوجته سامية جمال.

ورغم زيجاته الخمسة المعلنة والمعروفة، فإن كل من ارتبطت بـ"أباظة" كانت تعرف جيدًا أنها ربما فتحت على نفسها بابًا للمتاعب بسبب وسامته و"شقاوته" في نفس الوقت، وحين يأتي ذكر الراحل رشدي أباظة، لن نقرأ أو نسمع واحدة من زوجاته تتحدث عن عيب واحد فيه، أو تفشي سرًّا بينهما، لدرجة أن صباح، التي تزوجته لفترة قصيرة، أكدت أكثر من مرة، في أحاديث صحفية وتلفزيونية، أن "اللي ماتجوزتش رشدي أباظة مشافتش جواز!".



ولد أباظة في 3 أغسطس 1926 لأسرة شركسية عريقة ومعروفة، فهو ينحدر من عائلة الأباظية، كما أن والدته كانت إيطالية، ونال تعليمًا متميزًا، وكان يتحدث عدة لغات. والمعروف عن رشدي أباظة ضعفه أمام النساء، فهو يحب أي جميلة يلتقيها سريعًا ومن دون سابق انذار، لكنه كان يقدّر الجمال ومشاعر المرأة، ويحترمها، ويقدسها في نفس الوقت.

كانت أول زيجة معلنة لرشدي أباظة هي قصة زواجه من الراقصة تحية كاريوكا، والتي استمرت ثلاث سنوات، وانتهت بسبب أن كليهما كان عصبيّ المزاج، ما تسبب في جعل حياتهما عبارة عن سلسلة من الصدامات والخلافات المستمرة، فانتهت قصتهما بالطلاق، لكن كاريوكا كانت تشعر بغصة، وتتمنى لو لم يحدث.

العامل المشترك في جميع علاقات رشدي أباظة، هو نهايتها المتحضرة التي أسرت جميع نسائه، فالعلاقة الزوجية تنتهي، لكن تأتي علاقة أكثر رقيًّا، لتستمر احترامًا ومودة حتى آخر العمر.

كان هذا ما حدث مع "باربرا" أيضًا، وهي زوجته الثانية الأمريكية، والتي كانت متزوجة من صديقه بوب عزام، وظلت تلاحقه وهي متزوجة، لكنه رفض أن يقيم معها أي علاقة، ولم يقبل خيانة صديقه، وفرّ منها حتى طلبت الطلاق من زوجها، وبدأت تبحث عن رشدي أباظة لتتزوجه، وبالفعل تزوجا، وأنجبت له ابنته الوحيدة "قسمت".

لم يلبث زواجه الثاني أن استمر حتى اكتشف خيانة "باربرا"، فطلقها، وتنازلت هي عن ابنتهما "قسمت"، لتتربى وتعيش في مصر، وتكفل بها رشدي أباظة وزوجته الثالثة الراقصة سامية جمال.



استمر زواج سامية جمال ورشدي أباظة فترة طويلة، فهي أطول فترة زواج عاشها لمدة 18 سنة، ببساطة لأن الرجل بحاجة إلى مساحة من الحرية، وعدم المساءلة في كل كبيرة وصغيرة بلا سبب، ولأن الرجل في العادة بحاجة إلى الاحتواء كالطفل الصغير، فلم يكن صعبًا على سامية جمال أن تبتلع نزواته الصغيرة، وتمررها من أجل أن تستمر الحياة، فقد كانت امرأة ذكية تفهم طبيعة الرجل وعاشقة لزوجها.

وفي إحدى رحلاته إلى لبنان، التقى رشدي أباظة بالمطربة صباح، وكان زواجهما مباغتًا تحيط به كواليس غامضة، ولم يستمر، حين علمت سامية جمال لم تغضب، وفتحت أحضانها لزوجها بعد عودته كي يسند رأسه ويبكي ندمًا من دون أن توجه له لومًا واحدًا أو عتابًا، وسامحته على الفور، لذلك عشقها وكان يحب فيها أمومتها قبل أنوثتها.

لكن الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السفن، تسلل الملل لحياتهما خلسة، وبعد فترة طويلة وجدت المشكلات طريقها إلى حياتهما، وشعر رشدي أباظة بأن زواجه قيد ثقيل يكبله، وفي لحظة جنون ومصارحة بين الزوجين، طلبت منه الطلاق.

توسل أباظة إلى سامية جمال بأن تراجع نفسها لترجع المياه إلى مجاريها، لكنها رفضت الاستمرار، فكان رده بكل تحضر أن أهداها وثيقة تأمين على الحياة، وثمن رحلة الحج التي كانت تتمناها وهما زوجان.

بعد أن تركته سامية جمال تزوج ابنة عمه نبيلة أباظة، وكان زواجًا تقليديًّا، حتى أصابه مرض السرطان، فظلت إلى جانبه. لكن يبدو أن أطياف عشيقاته وزوجاته لاح مجددًا، فقرر من فوق سرير المرض، أن ينهي زواجه الأخير من ابنة عمه السيدة نبيلة، مبررًا ذلك لفكري أخيه، قائلا: "لقد عشت طوال حياتي حرًّا، وأريد أن أموت حرًّا أيضًا".

رحل رشدي أباظة في 27 يوليو سنة 1980، وكان في وداعه أكثر من مائتي ألف مواطن مصري من جمهوره ومودعيه إلى مثواه الأخير، وهكذا أسدل الستار عن حياة النجم الكبير، عن عمر يناهز 53 عامًا، بعد حياة حافلة بحب الجميع له، حتى النساء المتنافسات عليه.