التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:30 ص , بتوقيت القاهرة

حوار| وزير الثقافة: لسنا رقيبا للمنع .. و"سيب إيدي" مرفوض شعبيا

تصوير - محمد الامين

في الوقت الذي تواجه فيه الثقافة تحديات بالغة الصعوبة على جميع الأصعدة في مصر، تقلد الدكتور عبدالواحد النبوى منصب وزير الثقافة، ومنذ لحظة قسمه لليمين الدستورية، وهو يعمل على قدم وساق ولا يتوقف نشاطه، لأن لديه خططه الجديدة وأهدافه لتجديد دماء الثقافة في مصر، وربما لأنه من جيل الشباب، فهو مؤمن بقضيتهم ووضعها على أولوياته، ويسعى لأن ينال هؤلاء فرصتهم.

حول أنشطة الوزير الشاب الدكتور عبدالواحد النبوي ورؤيته لمستقبل الثقافة، وتجديد الخطاب الديني، ودار الوثائق القومية، وفرص الشباب، وأخيرا أزمة الدراما التاريخية وكليب "سيب إيدي"، أجرى "دوت مصر" هذا الحوار معه:


-ما هي التحديات التي تواجه وزير ثقافة في مصر؟

 وزير الثقافة يواجه تحديات غير تقليدية، لأننا في زمن غير تقليدي، والصعوبات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومجموعة من المشكلات الكبيرة التي تواجهها مصر بشكل عام، وكذلك على مستوى المنطقة التي نعيش فيها أيضا.

الآن نحن في مرحلة إثبات الدولة، وتثبيت مؤسسات وزارة الثقافة وانطلاقها بقوة، لتمارس نشاطها بكامل هيئاتها، وتنتقل إلى كل أقاليم مصر، في ظل وضع اقتصادي قد لا يوفر للثقافة المصرية ميزانيات كبيرة.


 
ولفترة طويلة، كانت مؤسسات الدولة تعاني من عدم التدريب وتأهيل موظفيها وتوفر الإمكانيات اللازمة، من أجل ممارسة فعالياتها، كل ما سبق هو تحدٍ، ويمكن حل كل تلك المشاكل لكنها تحتاج بعض الوقت.

كما أن تدريب الموظفين سيستغرق وقتا، وكذلك نقل النشاط الثقافى إلى أقاليم مصر المختلفة، والتوسع في المواقع الثقافية وتنويع النشاط وتطويره، وانطلاق المسرح بقوة وانطلاق السينما، وفي المجمل نحن نسير على الطريق الصحيح.

-لاحظنا اهتمامك بقصور الثقافة في المحافظات، ما أهمية ذلك وكيف يتم تطويرها؟

تطوير قصور الثقافة هو توجيه رئاسي، وتضم 575 موقعا ثقافيا وحوالي 15 ألف موظف ومسارح وسينمات، تعمل على نشر فنون شعبية وتشكيلية وتهتم بالأطفال والشباب والمرأة، وبالتالي يجب أن تلقى العناية الكافية من التطوير، حتى تقوم بدورها بشكل جيد.

نعمل على تجديد قياداتها وتأهيل الكوادر فيها، وندفع بقيادات شابة جديدة، لتقود العمل داخل قصور الثقافة.

دار الوثائق القومية افتتحت منذ فترة.. هل هي جاهزة لاستقبال الباحثين؟
 

دار الوثائق القومية في الفسطاط هي امتداد لدار الوثائق الموجودة على كورنيش النيل، وهي مجهزة بكل الإمكانيات التي تساعد الباحثين، وستكون متاحة لهم من الصباح، لكن لدينا فترة 3 شهور حتى تستقبل الدار مجموعة من الوثائق الجديدة، والتي سيتم حفظها في هذا المبنى، وأيضا لم ننته من إعداد قواعد البيانات الخاصة بها، وستكون جاهزة بعد استكمال قواعد البيانات، وتكتفي حاليا بحفظ الوثائق وتجهيز معمل الترميم.

- أحد وزراء الثقافة السابقين صرح أن الوزارة تعاني من وجود عمالة أكبر من طاقتها، ومشكلات إدارية داخل القطاعات.. كيف يتم النظر إلى تلك المشكلات؟

موضوع العمالة الزائدة مشكلة تعاني منها الدولة المصرية، فالدولة بها 6.8 مليون عامل بجهاز الحكومة، وهناك فكرة لإعادة ترتيب أوضاع العاملين في كل وزارة. لدينا أماكن بها اكتظاظ بعدد من العمالة، وأخرى بها ندرة، فإعادة الهيكلة وتوزيع العمالة من أولوياتنا.

-هل حدث تطور على الأنشطة الثقافية بعد الثورة؟

بالفعل هناك تنوع في الأنشطة، مع الوضع في الاعتبار أن الفترة العصيبة التي مرت بها مصر أثرت على وزارة الثقافة، فلم تكن تعمل بكامل كفاءتها، لكنها بدأت تعود من جديد وتطور أنشطتها، وهناك أماكن كانت مغلقة بدأت تنطلق مرة أخرى.

-هناك مشكلة  تتعلق بالمسرح وغياب الوعي بأهميته.. ما هي الخطط المنتظرة لجذب الشباب والجمهور نحو مسرح هادف؟

نعمل على 3 محاور أساسية بخصوص المسرح، أولا، تطوير البنية الخاصة بالمسارح من حيث المشآت الخاصة بالعروض المسرحية. ثانيا، استقطاب مجموعة من النجوم للعودة إلى خشبة المسرح. ثالثا، تقديم نصوص جديدة، بما يسمح بتلبية حاجة المجتمع، وسنشاهد في الموسم المسرحي الحالي، عودة سامح حسين وأحمد بدير للمسرح، ولدينا عرض "ليلة من ألف ليلة وليلة" ليحيى الفخراني ونهال عنبر، ومجموعة من الفنانين الذين سيعودون بقوة خلال الفترة المقبلة.

-هل ستعيدون النظر في قواعد وشروط جوائز الدولة التشجيعية قبل طرحها نوفمبر المقبل، خصوصا وأن كثيرا من المثقفين يرون  أنها لا تتسم بالشفافية؟

النظام المعمول به في ترشيح الأعمال بحاجة إلى إعادة النظر منذ إقرار جوائز الدولة، ولن نستطيع فعل ذلك هذا العام، لأن الإعلان عن الفائزين سيتم بعد أيام، بينما يتم الإعلان عن التقدم لهذه الجوائز في نوفمبر من كل عام، وبالتالي فإن الشروط وضعت مسبقا، ولن نستطيع تغييرها في الوقت الحالي.

لكن في الفترة من شهر يونيو وحتى أكتوبر المقبل، سندرس تعديل النظام وطرحه للمفكرين والمثقفين والمجتمع، لكي يبدوا رأيهم، والذي سيكون أكثر كفاءة وعدالة وتعبيرا عن هذه الجوائز، بما يرضي طموحات المتقدمين للجائزة.

-كنت مديرا لدار الوثائق القومية لفترة طويلة، ما هي المخاطر التي هددت وثائق مصر، وهل فقدت وثائق فترة تولي الإخوان في عهد الوزير الإخوانى علاء عبدالعزيز؟

واجهت الوثائق نفس المخاطر التي تعرضت لها الدولة المصرية، وربما أكثر، لأن عددا كبيرا منها يتعرض لحقوق الدولة، وطوال الفترة التي كنت موجودا بها لم تفقد الوثائق ورقة واحدة، ولم يستطع الإخوان أن ينالوا منها، وحتى بعد أن تركتها، كان هناك فريق مهم وكبير من المسؤولين الحريصين على سلامة تلك الوثائق.

-سمعنا أن هناك نية لإنشاء متحف لأمل دنقل على غرار متحف الأبنودي.. هل هناك نية لإنشاء متاحف أخرى لمشاهير الشخصيات المصرية؟

المواقع الثقافية الجديدة التي سننشئها العام المقبل ستكون في مسقط رأس هؤلاء الأدباء والمفكرين، الذين قدموا الكثير لهذا الوطن، وسيكون هذا نوعا من التكريم لهم مثل قصر ثقافة نعمان عاشور في ميت غمر، وبهاء طاهر في الأقصر، ومجموعة من أدبائنا وكتابنا الكبار، وهناك قصر ثقافة سعد الدين وهبة، وتلك الأماكن الثقافية هى تكريم لما قدموه من عطاء أدبي وفني وفكري.

-ماذا عن مشاريع ترجمة الأدب المصري للغات أخرى؟

الأدب المصري ونشاط المفكرين المصريين والأدباء لا يصل إلى العالمية بسبب أنه محلي النشر، ونحتاج أكثر أن يخرج إلى العالم ويترجم الى لغات أخرى، وتحدثنا اليوم مع السفير الإسباني، وستكون هناك مجموعة من أعمال المفكرين الإسبان، تترجم الى العربية، ومجموعة من أعمال المفكرين المصريين تترجم إلى  الإسبانية.

يعطى هذا المتحدثين بالإسبانية فرصة التعرف على الأدباء والمفكرين والمثقفين المصريين. كما تحدثنا مع سفراء إيطاليا وألمانيا وأرمينيا من قبل في هذا الموضوع.

-هل تتوقع أن تلقى مبادرة "صيف بلدنا" دعما من أي جهة أم ستقوم بها وزارة الثقافة منفردة؟

هناك عدد كبير من الوزرات مشاركة في المبادرة، حوالي 12 وزارة ستساهم  في هذا العمل ، وهو تعبير عن رؤية الحكومة المصرية من أجل التكاتف لتشبع احتياجات ورغبات المجتمع المصري، خاصة شبابه من خلال الفن التشكيلي أو الغناء والمسرح، وأيضا نهدف لنشر التنوير والمعرفة في قطاع كبير من المجتمع.

-هل أثارت قراراتكم بخصوص تصعيد الشباب والاستعانة بهم في الإدارات الثقافية تحفظا من الكبار؟

لا، لم يحدث هذا بل أن البعض منهم يشجع على الاعتماد على الشباب لأنهم قوة دافعة، وكثير من الكبار يرون بأن من حق الشباب نيل فرصتهم.

- ماهي آليات فتح المتاحف طوال الأسبوع، والتي سبق وأعلنتم عنها، وما هي خطتكم لجذب الزائرين؟

الأسرة المصرية لديها إجازة يومي الجمعة والسبت، وعندما تخرج تجد المتاحف مغلقة، وكان هناك توجيه لقطاع الفنون التشكيلية بضرورة دراسة فتح المتاحف في هذين اليومين، والأهم أن يجد زائر المتاحف نشاطا مختلفا، ويستمتع بالمشاهدة ويخرج وهو نافض غبار تعب أسبوع كامل، ليجدد فكره ويتخلص من حالة الضغط الخاصة بالعمل إلي حالة الراحة النفسية.

وجميع متاحف وزارة الثقافة في متناول الجميع وبأسعار رمزية، مثل متحف محمود مختار، ومتحف جمال عبد الناصر، ومتحف ناجي، والمتاحف الفنية والقومية، ومتحف الفن الحديث.

-لاحظنا اهتمامك بالمشاركة في مؤتمر يهدف لتجديد الخطاب الديني، كيف ستساهم وزارة الثقافة في ذلك؟

من الضروري أن تعمل مؤسسات الدولة مع بعضها، ونتعاون مع وزارة الأوقاف والأزهر لإيجاد حالة صحية من الأفكار والآراء الفقهية، التي تتناسب مع العصر، لأن ما كتب في كتب التراث منذ مئات السنين لا يتناسب مع تطور المجتمع في الوقت الحالي،.

نحن بحاجة إلى فقهاء مجددين يجتهدوا لزماننا، ولدينا اليوم السوشيال ميديا، وأدوات العصر الحديث، وينبغى أن يكون الاجتهاد على قدر التطور، وهذا ما فعله الإمام الشافعي منذ مئات السنين؛ ودور الثقافة أن تقدم هؤلاء المجددين والمجتهدين، ولو اضطر الأمر لدعم أعمال مسرحية وسينمائية تتعلق بهذا الموضوع.

 بمعنى آخر، مؤسسات وزارة الثقافة والآليات التي تعمل بها والأدوات التي تستخدمها هي رهن مؤسسات تجديد الخطاب الديني، ومن المفترض أنهم يمتلكون أدوات ونحن على الجانب الآخر أيضا نعمل بشكل جيد، ونخرج باستراتيجية لتجديد الخطاب الثقافي، الذي هو بحاجة لإعادة النظر في بعض النقاط، التي يجب أن نتفق عليها، ونضخ دماء وأفكار جديدة.

-هل يؤدي المجلس الأعلى للثقافة دورا فيما يخص الدراما التاريخية كما أوصى في مؤتمره العام السابق، بسبب المسلسلات التاريخية التي عرضت رمضان العام الماضي واحتوت أخطاء؟

هناك آليات وقوانين واضحة، ويتم تقديم طلب للمصنفات الفنية بخصوص السيناريو قبل تصوير أي مسلسل، وأيضا يجب الحصول على تصريح من وزارة الداخلية للسماح بالتصوير في الأماكن المختلفة، وعندما يجاز السيناريو يصبح متوافقا مع القوانين واللوائح، لدينا حاليا مشكلة حول مسلسل "سرايا عابدين" لأنه يحتوي على مغالطات تاريخية، وهناك مشكلة قانونية قائمة حاليا، ويتم اتخاذ الإجراءات تجاه هذا المسلسل.

ما هو تعليقك حول ما أثير مؤخرا بسبب أزمة كليب "سيب إيدي"، وما دور الوزارة في مثل تلك المواقف؟

وزارة الثقافة لن تكون رقيبا يمنع، لكننا نحاول حماية المجتمع من الانجراف، وكليب "سيب إيدي" ليس مسؤولية وزارة الثقافة، لكنه كان رسالة إلى المجتمع الذي رفض هذا الموضوع للانتباه والحفاظ على قيمه وعاداته وتقاليده.

وأقول إن هذا الكليب ينشر أفكارا سيئة، وهذا مرفوض رفضا باتا، وما بيننا وبين المجتمع هو الدستور والقانون، ووزير الثقافة أدى اليمين على أن يحترم الدستور والقانون، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة.