إلى ربات البيوت وقال الفيلسوف.. كيف ربت الإذاعة خيالنا؟
تعتبر الإذاعة بيئة صالحة لنمو الخيال، وساهمت البرامج الإذاعية التي سمعناها ونحن صغار، قبل تحول التلفزيون إلى فرد آخر من أفراد الأسرة، في نمو خيالنا وحسنا الفكري والموسيقي، تلك البرامج إذا سمعنا "التتر" الخاص بها الآن، سيعود بنا الزمن إلى الوراء ونشعر بالحنين إلى تلك الأيام التي كنا نولي فيها أذننا إلى الراديو، ونترك أعيننا تسرح في الفراغ، تتخيل كل ما تحكيه أبلة فضيلة وبابا شارو اللذان أصبحا لديهما جيل كامل بالتبني الإذاعي، نبتسم مع ضحكة إيناس جوهر المجلجلة والتي تتلوها كلمة تسااااااالي، تترات الإذاعة التي تشعرنا بالحنين والخيال الذي لا يستطيع أن يقدمه لنا التليفزيون الآن.
بابا شارو- أوبريت أبو الفصاد
"بابا شارو" هو إحدى علامات الإذاعة المصرية وهو عائد على الإذاعي الكبير محمد محمود شعبان، التي وضعته الصدفة على الطريق الذي أكمله إلى النهاية، ليصبح أحد أهم مقدمي برامج الأطفال في الإذاعة المصرية، وكانت الحلقة الأولى التي قدمها للأطفال في الاذاعة بسبب غياب المذيع المكلف بهذه المهمة، وتعتبر موسيقى أوبرت أبو الفصاد، بجانب تتر البرنامج، من أكثر الأغاني التي عاشت مع المصريين، ولازال الكثيرون منهم يرددونها في أعياد الميلاد الخاصة بهم حتى الآن، والأوبريت من تأليف وألحان إبراهيم جكلة.
أبلة فضيلة –حواديت
تتلمذت فضيلة توفيق علي يد بابا شارو، ليخرج لنا إلى الحياة برنامج آخر يعيش بداخلنا حتى الآن، ويكفي سماع التتر الخاص به لتقشعر أبداننا، كان برنامج "أبلة فضيلة" مخصص لإلقاء الحواديت بطريقة سهلة وخفيفة موجهة للأطفال بصوت أبلة فضيلة المميز، هذا البرنامج حقق نجاحا كبيراً حتى أنه تحول إلى مسلسل كرتوني منذ عامين تم بثه على شاشات التلفزيون، وقاموا بإحياء الحلقات القديمة لأبله فضيلة بتحويل القصص إلى رسوم متحركة، وموسيقى التتر الثابت لحلقات أبلة فضيلة الموسيقار من تأليف محمد الشيخ.
تتر البرنامج الإذاعي أبلة فضيلة
إحدى حلقات البرنامج بعد أن تحول إلى رسوم متحركة في التلفزيون
إلى ربات البيوت و"أم الإذاعيين"
يعتبر البرنامج الإذاعي إلي ربات البيوت هو من أولى البرامج التي قدمتها الإذاعية الكبيرة "صفية المهندس" مع بداية الإذاعة المصرية في نهاية الأربيعينات، واستطاعت من خلاله أن تشكل قاعدة جماهيرية كبيرة من خلال طرح حلول للمشكلات التي كانت تُرسل إليها بالبريد، فلم يكن "إلى ربات البيوت" مجرد برنامج إذاعي يقدم اقتراحات منزلية وأسرية للسيدات، بل كان برنامجا تفاعليا، وكانت صفية المهندس، التي لقبت بـ "أم الإذاعيين"، بمثابة صديقة لكل السيدات التي تحدثت معهم عبر الراديو عن مشكلاتهن، كما كانت –صفية- معروف عنها أنها تقدم يد العون لكل من حولها في الاذاعة من الاذاعيين الجدد،صفية المهندس هي اخت الفنان فؤاد المهندس، وكانت زوجة للإذاعي محمد محمود شعبان المُلقب ب"بابا شارو".
إحدى حلقات "إلي ربات البيوت"
قطرات الندى-لمحة شاعرة كل صباح
قطرات الندى، تلك الكلمة عندما تقع على أذنك بهذا الصوت الذي يقتحم الموسيقى الهادئة، ليعود بك عشرات السنين إلى الوراء ثم يأتي صوت الإذاعية سلوان محمود، وهي تلقي شعر فاروق شوشة ، قطرات الندى هو برنامج إذاعي كان يبث على إذاعة جمهورية مصر العربية "من القاهرة"، وموسيقى البرنامج كانت للموسيقار الألماني klaus wunderlich .
حلقة من البرنامج الإذاعي قطرات الندى بعنوان "محمد عبد الوهاب"
كلمتين و بس "فؤاد المهندس"
يعتبر هذا البرنامج من أشهر هذه البرامج لما أضفته نجومية و شهرة الفنان المهندس عليه، وكان البرنامج يناقش العادات الاجتماعية السيئة و ينتقدها بشكل طريف، وفي بعض الأحيان كان يستخدم البرنامج بعض الحوارات الدرامية لتقديم الانتقاد بشكل ساخر ومقبول لدى المستمع، و كان أكثر ما يميز تتر هذا البرنامج هو صوت فؤاد المهندس وهو يقول "كلمتين وبس" بصوت ممدود ومميز، تلك الجملة التي أصبحت علامة لدى الكثير، ولذلك استخدمتها الفنانة سناء يونس في مسرحية "سك على بناتك" عندما وجهتها لفؤاد المهندس عندما كان يتحدث في الهاتف، فهدر المسرح من ضحك الجماهير، وكان يعد هذا البرنامج الصحفي والكاتب أحمد شفيق بهجت.
"تسالي" مع إيناس جوهر
يعتبر هذا البرنامج من أكثر البرامج الإذاعية نجاحاً، وأثبتت ايناس جوهر نفسها من خلاله كإذاعية محترفة، وكان للبرنامج أثر كبير خارج مصر ايضاً، وكانت جوهر، تفتتح البرنامج دائماً باحدى رباعيات جاهين وهي رباعية "غمض عينك وامشي بخفة ودلع" ، وكان البرنامج يعتبر من البرامج الخفيفة، ولكنه لا يخلو من المعلومة ومناقشة بعض القضايا التي تهم المصريين ولا تتعدى مدته الخمسة دقائق.
إحدى حلقات البرنامج الإذاعي تسالي
قال الفيلسوف "كان لي صديق فيلسوف بأقوال الحكماء شغوف"
قدمت البرنامج الإذاعي "قال الفيلسوف" فنانة متميزة، التصق بها دورالأم والأخت الكبرى لفترة طويلة، لما تحملها ملامحها وصوتها من حنان فطري ونبرة رنانة، ذاك الصوت أهل الفنانة "سميرة عبد العزيز" في بداية حياتها أن تعمل في واحد من أهم البرامج الإذاعية في فترة بدأت من منتصف السبعينيات، و استمر لعقود بعد ذلك يشجي الأذان على الإذاعة المصرية، وتوقف فترة من الزمن، ليذاع على إذاعة أبو ظبي، ثم عاد إلي الإذاعة المصرية مرة أخرى ليستمر أكثر من عشرة أعوام، كان البرنامج مدته حوالي 5 دقائق وهو عبارة عن امرأة تتحدث إلى فيلسوف يخبرها عن نظرياته في الحياة، ويقدم لها النصائح بشكل حكيم لا يجعل من يستمع يشعر بأنه يُلقن تلك النصائح، قام بالأداء الصوتي للفيلسوف مع الفنانة سميرة عبد العزيز، الممثل الإذاعي "سعد الغزاوي"، وهو من أصول فلسطينية وتميز في أداء الأدوار الدينية بالإذاعة، والبرنامج كان من إخراج إسلام فارس.
استمع إلى تتر بداية البرنامج وحلقة عن عزة النفس