التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 03:40 م , بتوقيت القاهرة

المحاكاة في Superfast أقل كوميديا من الأصل في Fast & Furious

منذ فجر التاريخ ظل التقليد الساخر parody لطريقة حديث أو حركات شخص من ألاعيب الكوميديا. وحتى الآن لا يزال المونولوجست فقرة ناجحة، بعد أن انتقلت من خشبة المسرح إلى استوديوهات البرامج وقنوات اليوتيوب.


أول عمل سينمائي يمكن اعتباره نموذجا للمحاكاة الساخرة في هوليوود، هو The Little Train Robbery 1905 الذي يحاكي فيلم The Great Train Robbery 1903، ويمكن اعتبار ثنائي الكوميديا الشهير أبوت وكوستيلو Abbott and Costello بمشوارهما الفني الذي بدأ في الأربعينات، أول نجوم وصلوا للعالمية بفضل هذا النوع.


السبعينات شهدت فيلمين يمكن اعتبارهما حجر الأساس للمواصفات القياسية المعتمدة للنوعية حتى اليوم، وهما  Young Frankenstein 1974 للمخرج ميل بروكس، الذي يحاكي أفلام الرعب والمسوخ القديمة، وAirplane 1980 لـ جيم ابراهامز وديفيد زوكر، الذي يحاكي عشرات الأفلام الناجحة من نفس العقد. وهو نفس الفيلم الذي شهد تألق الممثل الراحل ليزلي نيلسن الذي أصبح لاحقا ملك النوعية طوال الثمانينات والتسعينات.  



سلاسل كاملة استمرت بنجاح، ومنها Austin Powers التي تسخر من أفلام بوند والجاسوسية، أو Scary Movie التي تسخر من أفلام الرعب. ومن الأخيرة تم اشتقاق أفلام أقل نجاحا مثل Date Movie - Superhero Movie - Disaster Movie  ويمكنك من الاسم استنتاج مركز سخرية كل فيلم فيها.


النوعية لم ولن تمت، ويمكنك ملاحظة عناصر ما منها حتى في أفلام غير متخصصة، ومنها مثلا مؤخرا Kingsman: The Secret Service الذي يحاكي أفلام بوند القديمة.


اقرأ أيضا: بوند الستينات وتوابل الألفية في Kingsman: The Secret Service


لكل هذه الأسباب كانت مسألة وقت فقط قبل أن تفوز سلسلة بنجاح Fast & Furious بنصيبها من اللعبة، وهو ما تم في Superfast 2015 الذي بدأ عرضه سينمائيا وبيعه على الإنترنت، في نفس اليوم الأول لعرض آخر أجزاء السلسلة Furious 7  في السوق الأمريكية، لاستثمار الزخم الجماهيري للفيلم.


Trailer


بكل المعايير تعتبر السلسلة هدفا سهلا للسخرية، بفضل اعتمادها على العديد من المبالغات، من حيث الأحداث وبناء الشخصيات، أو تركيبة الحوارات والجمل المكررة، التي تتضمن باستمرار: لنذهب في جولة أخيرة - أهم شىء هو العائلة..إلخ. 
 
في الحقيقة لو تأملنا تدرج السلسلة نفسها منذ الفيلم الأول الجاد في 2001 حتى الوصول إلى شخصية شبه هزلية أقرب لعالم الكوميكس، مثل الشرطي هوبز الذي يقوم بدوره العملاق دوين جونسون في الأفلام الأخيرة، أو تطبيع شخصية رومان التي يؤديها تيريس جيبسون، بمعالم الجبان المتردد وسط الفريق، سنجد أن السلسلة نفسها رغم احتفاظها بمشاهد المطاردات والأكشن العنيفة، انتقلت إلى مرحلة لا تخلو من سخرية وكوميديا.



والأهم طبعا وجود مصدر طويل يتضمن 6 أفلام يمكن السخرية من مشاهدها، أثناء صناعة المحاكاة الساخرة. رغم هذا تبدو النتيجة النهائية في Superfast رديئة جدا، وكأن صناع الفيلم اكتفوا بوجود طاقم ممثلين مشابه شكلا للطاقم الأصلي، دون أي إبداع في السخرية، أو حتى شرف محاولة استخلاص نكتة جيدة.


اقرأ أيضا: نفس الفيلم.. ورقم مختلف في Furious 7


باستثناء مشهد يسخر من طريقة اختيار فريق الأبطال، اعتمادا على تنويع ملامحهم العرقية (أسود - آسيوي - شقراء.. الخ) لأسباب تسويقية، لا يوجد في الفيلم تقريبا أي لمسات سخرية ذكية. 



مشاهد مطاردات السيارات تصلح وحدها كخامة ممتازة للسخرية البصرية، بالتلاعب العبثي مثلا في طريقة استجابة السيارة لأوامر السائق، أو ردود أفعال المحرك. يمكن أيضا خلق مشاهد كوميديا اعتمادا على التناقض بين سلوك أبطال السلسلة في القيادة وسلوكيات الشارع العادية. 


للأسف كل هذا تم تجنبه تقريبا لصالح كوميديا لفظية متواصلة غير مبتكرة. والأسخف تعمد تكرار نفس النكتة أو الإيفيه عشرات المرات، ومنها مثلا نكتة إدمان الشرطي استخدام عبوات زيت الأطفال لتلميع عضلاته. 


وطوال الفيلم ستلمس معايير إنتاج منخفضة ومحتوى بصري فقير، وكأن صناع الفيلم حسموا أمرهم مبكرا بصناعة فيلم رخيص التكلفة إلى أقصى درجة، دون أي طموح لتطويع الفكرة وتجويدها لتنتهي بفيلم يمكن أن ينافس بقوة تجاريا، أو يصمد كنموذج جيد لفن الباروديا.



باختصار:
سلسلة Fast & Furious  نفذت بجلدها من شلالات السخرية، رغم كل ما تملكه من مزايا تنافسية، مع هذا الفيلم الردىء قلبا وقالبا. معدل الكوميديا في Furious 7 أعلى من معدل الكوميديا في نسخته الساخرة، وهي النكتة الأهم التي يمكن استخلاصها من الفيلم.


لمتابعة الكاتب