التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:22 م , بتوقيت القاهرة

مجلات المرأة العربية.. بداية أيدلوجية ونهاية استهلاكية

في بداية الصحافة النسائية تمحورت الموضوعات حول الحياة الاجتماعية وعلاقة الرجل بالمرأة وإبداء النصح في المشكلات العاطفية والحب، وبحسب المراجع التاريخية، فقد كانت أول مجلة نسائية في لندن سنة 1693 متخصصة  للسيدات، قدمت من خلالها ميركوري إجابات عن استفسارات تتعلق بالحب والجنس والرجال.



ومع الإيقاع المتسارع للحياة، وخروج المرأة من شرنقة الرجل، تطورت موضوعات المجلات النسائية، فلم تعد ما تقدمه محصورا في علاج قصص الحب والعلاقات العاطفية، بل قدمت لها نصائح عن ملابسها، وغذائها، وعملها، وكانت "بوردا" الألمانية من المجلات التي ساعدت النساء حول العالم في توفير نقودهن بدلا من شراء فساتين باهظة الثمن، لتعلمهن كيف يخيطن ملابسهن وفق أحدث خطوط الموضة.. لنكتشف في النهاية أن مجلات المرأة العربية انتهجت  بدايات أيدلوجية ونهايات استهلاكية.


اهتمت المجلات النسائية بعد ذلك بفرد صفحات متخصصة للأدب النسائي، وتخصصت بكاملها في المطبخ، والديكور، والإتيكيت، والصناعات المنزلية التي يمكن أن تقوم بها المرأة بمفردها من مكونات بسيطة في بيتها.



وتغيرت اتجاهات وسياسات المجلات النسائية العالمية، حاليا لتبتعد عن التصنيف الأنثوي، ولتشمل جوانب أكثر من الحياة بما فيها إلقاء الضوء على موضوعات تهم جميع الفئات.



ديفيد بيكهام على غلاف مجلة ELLE كأول رجل يظهر بمفرده على مجلة نسائية


مجلات المرأة العربية


كانت المجلات النسائية في الوطن العربي خطوة على الطريق نحو تحقيق أحلام الكثير من النساء في الشرق، دونت فيها قصص نضال المرأة العربية، وارتبط ذلك باستقلال عدة دول عربية عن الاستعمار، وكانت تحمل أحلام نحو الحرية، والنهضة، والتنوير، ورفع مكانة المرأة وتثقيفها، وحثها لطلب المساواة مع الرجل والمطالبة بحقوقها وتعريفها بالقوانين، والقضايا العامة، وتوعيتها ونصيحتها في تربية الأطفال.


"الفتاة" محاولة لم تكتمل


بدأت المجلات النسائية هادفة، وكانت مصر صاحبة السبق، حين ظهرت مجلة "الفتاة" التي أصدرتها اللبنانية هند نوفل بمدينة الإسكندرية كأول مجلة نسائية عربية 20 نوفمبر 1892م.


وكانت شهرية علمية تاريخية أدبية فكاهية تصدر في  (40 صفحة)، توقفت بعد عددها السادس، لأن هند - التي لقبت بأم الصحفيات - تمت خطبتها، وصدرت بعد ذلك فترة، ثم توقفت عام 1894م لانشغال هند ببيتها العائلي.


ظهرت كذلك صحافيات أخريات مثل لبيبة هاشم التي عملت رئيسة تحرير لمدة 34 عامًا، وجليلة تمرهان، أول كاتبة صحفية في العالم العربي تنشر مقالات متخصصة في مجلة ''يعسوب الطب'' عام 1865، كل هؤلاء كانت لهن إسهامات في مجال الصحافة بشكل عام، وفي الصحافة النسائية بشكل خاص.



تحولات اقتصادية


وبعد سنوات من التحولات السياسية التي أعقبتها تحولات اقتصادية مهمة في منطقة الشرق الأوسط، وظهور النفط في منطقة الخليج العربي، دعا ذلك المرأة هناك لأن يكون لها مجلة فاخرة وأنيقة، تلبي متطلباتها الاستهلاكية التي كانت غالبا ما تكون حول الموضة والملابس وأدوات التجميل، ومحاكاة لمجلات أوروبية بالكامل.



للمحجبات فقط


ومع تطور الخطاب الديني، وانتشار مظاهر الحجاب في الشوارع، وتغير الثقافة وبروز التيارات الإسلامية، ومع نمو المجتمع والزحام، ظهرت مجلات نسائية متخصصة فقط في كل ما يتعلق بملابس وأزياء المحجبات لتتماشى المرأة المحجبة مع الموضة بصورة عصرية لا تعيق حركتها أو تأخرها.



مجلات نسائية رائدة


إلى جانب المحاولة التي قامت بها هند نوفل في إنشاء مجلة "الفتاة" 1892 والتي لم يقدر لها أن تكتمل، ظهرت في مصر عدة مجلات نسائية على سبيل المثال لا الحصر مثل:


مجلة "مرآة الحسناء" لسليم سيركس (1896م)، الذي وقع موضوعات مجلاته باسم "مريم مزهر"
مجلة "أنيس الجليس" لألكسندرا فيرنيوه (يناير 1898م)
مجلة "فتاة الشرق" التي أصدرتها لبيبة هاشم (أكتوبر 1906م)
مجلة "الريحانة" لجميلة حافظ (فبراير 1907م)
مجلة "الجنس اللطيف" لملكة سعد (1925م)
مجلة "حواء الجديدة" (1955م) عن دار الهلال، وأصبحت لاحقا تحمل اسم مجلة "حواء"، والتي لا تزال تصدر حتى وقتنا الحاضر.
مجلة "هي" (أكتوبر 1964م)
مجلة "نصف الدنيا" التي صدر عددها الأول في (18 من فبراير 1990م)، برئاسة تحرير سناء البيسي عن مؤسسة الأهرام.



ومع التجارب الصحافية المصرية، كانت هناك إصدارت نسائية في كثير من الدول العربية، مثل مجلة "بنت الوادي" التي أصدرتها تكوى سركسيان سنة 1946 كأول تجربة نسائية في السودان، تلتها بعد ذلك مجلات أخرى مثل "صوت المرأة" سنة 1955 ، و"حواء الجديدة" 1969، وعزة 1990.


وفي سوريا أصدرت ماري عبده "العروس" أول صحيفة نسائية بمدينة دمشق  1910 و"المرأة العربية" (أغسطس 1962م) التي  ماتزال تصدر عن الاتحاد العام النسائي السوري.


أما في بيروت فقد أصدر جرجي نقولاباز "الحسناء" (1909م) المجلة النسائية الأولى في لبنان.


اليوم وقد تغير الحال تحولت المجلات النسائية في الوطن العربي إلى ما يشبه معرض للصور العالية الجودة وتغيرت المفاهيم، اختلطت الهويات وسط التقارب بين شعوب الأرض، وصارت مجلات المرأة نسخ مترجمة لمجلات غربية ولم تعد هناك قضية نسائية محورية تخص نساء الشرق دون غيرهم  ويتم الدفاع عنها.