ناشطات "فيمن".. ماذا بعد التعري؟
يحكى أن قبيلة من النساء المقاتلات تمردن على المجتمع الذكوري، وعشن في مملكة للنساء فقط، كان مصير أي رجل يقترب منها القتل، وبرعن في فنون القتال وكانوا أول من استخدم الجياد في الحروب.
وتميزت محاربات الأمازون الحسناوات بأنهن مقطوعات النهد الأيمن، حتى لا يعيق القتال باستخدام السهم والقوس، واقتصر اتصال القبيلة بالرجال على يوم واحد في السنة حيث تتم المعاشرة الجنسية، ثم الاحتفاظ بالمواليد من الإناث والتخلص من الذكور.
الأسطورة السابقة أضافت أن الأمازونيات عشن في اليونان وشمال إفريقيا، واعتبرها الكثيرون مجرد حكاية لمواساة النساء المقموعات على مر العصور القديمة.
"أمازونات" القرن الواحد والعشرين
استبدال الأقواس والأسهم بصدور عارية مكتوب عليها رسائل سياسية واجتماعية، في مواجهة مجتمع أبوي ذكوري، يستعبد المرأة، ويستخدم جسدها كسلعة جنسية للبيع.. ليكون جسد المرأة هو وسيلة تحريرها والاحتجاج على كل أشكال القمع والتمييز ضدها ورفض الدعارة والقيم الدينية التي تقمع النساء".
هكذا تقدم حركة "فيمن" ، التي ظهرت عام 2008 في أوكرانيا، نفسها كـ"أنوثة ثائرة تواجه المجتمع بصدور عارية"، على حد تعبيرها.
تعرضت ناشطات الحركة للاعتقال والتعذيب على يد الحكومتين الأوكرانية والروسية، لتطلبن اللجوء في فرنسا، ويتخذن من باريس المقر الرئيسي للحركة، حيث يتم تدريب الناشطات استعدادا للمواجهات مع الشرطة أو المارة الذين يهاجمون فتيات الحملة فور ظهورهن بصدورهن العارية.
موقف الحركة من الأديان
" الله امرأة".. أحد شعارات الحملة التي جعلت كثيرين يهاجمونها على أساس أنها "تنشر الإلحاد وتهين الذات الإلهية"، ولكن زعيمة الحركة، إينا شيفتشينكو، تؤكد مرارا: "لسنا ضد الدين ولكن ضد تأثيره في الحياة الاجتماعية ولا نفرق بين الديانات، بل نقاتل ضد تقاليد كل الأديان التي تحل محل الأخلاق والقانون، وضد تدخل المؤسسات الدينية في المجتمع المدني والجنس والإنجاب وحياة المرأة العصرية".
في مرمى نيران فيمن
كان على رأس من هاجمتهم الحركة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لفرع شركة "فولكس فاجن " للسيارات بألمانيا في 2013، برفقة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، احتجاجا على نظامه السياسي.
ثم حطمت ناشطة في منظمة فيمين عام 2014، تمثال من الشمع لبوتين في متحف غريفان في باريس.
كما قاطعت فتيات الحركة مؤتمرا صحفيا للرئيس التونسي، وقتها، المنصف المرزوقي، لعرض أحد كتبه في باريس، وحاولن الوصول للمرزوقي، وهن يهتفن باسم "أمينة"، الفتاة التونسية التي اعتقلتها السلطات على خلفية نشرها صورتها عارية على شبكات التواصل الاجتماعي، وأوقفهن أفراد الأمن، عام 2013.
وتحت نظر عشرات الآلاف في ساحة القديس بطرس نزعت إحدى عضوات الحركة تمثالا للمسيح، وهو طفل من مجسم لمشهد الميلاد، في ديسمبر الماضي.
وقال موقع فيمن على الإنترنت إن ما قامت به المرأة كان احتجاجا في إطار حملة مناهضة لرجال الدين تطعن في "رغبة الأديان للحد من خصوبة النساء".
كما اقتحمت ثلاثة عضوات من الحركة عاريات الصدر البرلمان الإسباني، احتجاجا على مناقشة قانون لإلغاء الحق في الإجهاض.
وتظاهرت نساء "فيمن" أمام منزل الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي، ستراوس كان، في باريس احتجاجا على "عمليات تحرش جنسي واغتصاب قام بها سترواس كان في حق عدد من النساء"، ويحاكم القضاء الفرنسي، في الوقت الراهن، "كان" بتهمة تسهيل القوادة وتكوين شبكات دعارة.
فضلا عن عدة تظاهرات تنظمها الحركة في الأماكن العامة في عدة عواصم أوروبية.
فيمن والعالم العربي
"جسدي ملكي ليس شرف أحد".. كانت العبارة التي كتبتها الشابة التونسية أمينة السبوعي على صدرها العاري ونشرتها على "فيس بوك"، في مارس 2013، لتثير عاصفة من الانتقادات في تونس، ويتم اعتقالها بعد شهرين بتهمة تدنيس جدار مقبرة كتبت عليه "فيمن".
لتكون السابقة الأولى من نوعها لمظاهرة في العالم العربي تنظمها نساء عاريات الصدور في العاصمة التونسية، للمطالبة بإطلاق سراح أمينة، والتي تم إطلاق سراحها بعد شهرين ونصف قضتهم في السجن.
فيما شاركت الناشطة المصرية، علياء المهدي، عارية، في مظاهرة للحركة أمام السفارة المصرية في استوكهولم، رفضا للدستور المصري قبل الاستفتاء عليه في 2013.
التمويل
تبيع الحركة عبر موقعها الإلكتروني قمصان عليها شعاراتها ورسومها، بجانب الحديث عن تبرعات تتلقاها الحركة، إلا أن مصدر التمويل الحقيقي للمنظمة، التي تتبعها عدة فروع حول العالم، وتتزايد عضواتها، مجهول. وهو ما كان أحد المبررات التي ساقتها، أمينة السبوعي، عندما انفصلت عن الحركة في أغسطس 2013، حيث أكدت، في بيان انفصالها عن الحركة النسوية، أنها أرادت معرفة مصادر تمويل المنظمة، غير أنها لم تتلق إجابات واضحة، مضيفة: "لا أريد أن أكون عضوا في منظمة تحوم حولها الشكوك".
وأشارت أمينة إلى أنها غادرت الحركة بسبب "معاداتها للدين"، خاصة عندما رددت ناشطات أجنبيات بعدما عبارة "أمينة أكبر"، خلال إحدى الوقفات الاحتجاجية في فرنسا، مشددة على أنه "يجب احترام الأديان".