شوارزينجر وحرب تأخرت مع الزومبي في Maggie
عشرات النجوم اشتهروا بفضل أدوار وأفلام الأكشن، لكن شوارزينجر ليس منهم. شوارزينجر هو الأكشن نفسه!.. النجم النمساوي الأصل، الفائز ببطولة العالم في كمال الأجسام عدة مرات، حارب وانتصر على كافة أنواع الأشرار في تاريخ الحضارة البشرية تقريبا!.. مقاتلين من العصور القديمة.. ملوك جبابرة.. إرهابيين.. مافيا دولية.. جيوش مرتزقة.. سحرة أشرار.. روبوتات من المستقبل.. كائنات فضائية متوحشة. إبليس نفسه لم ينجُ من قبضة شوارزينجر، وتعرض للهزيمة على يديه في End of Days 1999!
نجومية الثمانينات وأوائل التسعينات انخفضت بشدة مع مطلع الألفية، قبل أن يندمج في عالم السياسة لسنوات كحاكم لولاية كاليفورنيا، ويتركها مؤخرا عائدا إلى أحضان السينما.
محاولات السنوات الأخيرة جاءت كلها متوسطة وباهتة النجاح، لكن قريبا سنرى النجم العجوز في أحد أهم وأضخم أفلام صيف 2015، عائدا إلى دوره المفضل كروبوت مقاتل في Terminator Genisys.
اقرأ أيضا: أهم 10 أفلام هوليوودية في صيف 2015
رغم هذا آن الأوان أن يستعد النجم البالغ من العمر 67 عاما للانتقال إلى إطار آخر، يحميه من شروط أفلام الأكشن عالية التكلفة، ويمنحه فرصا أخرى مستقبلا في أدوار وأفلام بسيطة الميزانية، وهو ما يحاول أن يفعله بقبول فيلم مثل Maggie.
حتى 10 سنوات مضت، كانت تركيبة (شوارزينجر + زومبي) تعني بالضرورة فيلم أكشن عنيفا، يحارب فيها مئات الزومبي بأسلحتهم النارية وعضلات ذراعية، لكن هذه حرب تأخر فيها، وفيلم Maggie ليس كذلك.
بطلتنا ماجي (أباجيل برسلين) تتعرض للإصابة بأعراض (الزومبي آكلي لحوم البشر)، في عالم بائس انتشر فيه طاعون المرض دون علاج، وفي انتظارها أسابيع معدودة لاستكمال دورة التحول إلى زومبي كامل فاقد العقل يبحث عن ضحاياه.
والدها (شوارزينجر) يملك اختيارات معدودة. أن يتركها لتعيش آخر أيامها في مؤسسات الحجر الصحي قبل الوفاة (1). أن يحميها من هذا المصير لتعيش معه آخر أيامها، حتى لو بدأت معالم التحول بشكل كامل، وأصبحت مصدر تهديد للأسرة (2). أو الحل الأصعب على الإطلاق، إطلاق رصاصة الرحمة عليها (3).
إلى حد كبير يفاجئنا شوارزينجر هنا ببعض المشاهد الدرامية التمثيلية الجيدة غير المتوقعة منه. ولعلها المرة الأولى التي يظهر فيها نجم الحركة في دور رجل عاجز، لا يعرف تحديدا حلولا لمعضلته.
رغم هذا تظل طريقة التفاعل مع تقدم السن باختيار الدور عنصر تساؤل. البعض، ومنهم مثلا كلينت إيستوود، ابتداءً من فيلمه الشهير Unforgiven 1992 نجح في صياغة معادلة يحافظ بها على كل عناصر نجوميته مع تقدم العمر، بأن يعود في مرحلة ما في الفيلم، ليقدم ما اعتاده جمهوره، وهو ما لا يفعله شوارزينجر هنا.
على كل رغم اسمه الأشهر كنجم، تظل أباجيل برسلين روح الفيلم بفضل أدائها الحساس الشاعري لطفلة مراهقة مرعوبة مما يحدث لها وما ينتظرها. الدور قد يكون أفضل ما قدمته منذ أن فازت بترشيح أوسكار وهي في العاشرة من عمرها، عن دورها الممتاز في Little Miss Sunshine 2006. وكانت تستحق بالتأكيد فيلما أفضل.
أفضل مشاهد أرنولد والفيلم ككل، هي المشاهد التي يظهر فيها كلاهما. ورغم إطار الفيلم العام الذي يجعله قابلا للتصنيف كفيلم دستوبيا ورعب، تكفل الرابطة العاطفية بين الأب والابنة التي تم تقديمها بشكل مؤثر في بعض المشاهد؛ لتصنيفه كفيلم دراما عائلي.
مخرج الفيلم الشاب هنري هوبسون يقدم هنا أولى تجاربه، واشتهر بالأصل كمصمم تترات وعناوين للأفلام الهوليوودية الضخمة وألعاب الفيوجيم، ومنها مثلا فيلم The Lone Ranger 2013 ولعبة The Last of Us 2013.
اختياره للتركيبة الرمادية الكئيبة في الألوان قرار غير جديد لفيلم من هذا النوع، لكن بعض المشاهد الخارجية تم تصويرها ببراعة، خاصة تلك التي تدور في مزرعة الأسرة. ويحسب له أنه لم يفرط في الطابع الاستعراضي أو المؤثرات البصرية في عمله الأول، رُغم ما تمنحه طبيعة الفيلم من إغراء.
الفيلم ككل يمكن اعتباره متوسطا، لكن على العكس من أفلام الزومبي، التي تلعب على حاجز رعب البشر من هذه الكائنات المفترسة، يتجاوز سيناريو الفيلم هذه النقطة، ويلعب على حاجز رعب أن تشاهد نفسك وأنت تتحول ببطء إلى واحد منهم!
الموتى الأحياء.. آكلو لحوم البشر.. فكرتان مرعبتان في صمود مستمر أدبيا وسينمائيا، بسبب تعلقهما بالدافع البسيط الأساسي المحرك لأغلب تصرفاتنا وأفعالنا (غريزة البقاء). وهنا تصبح بشكل أدق (غريزة البقاء كما نحن بنفس وعينا). وجود هذه النوعية في أفلام بشكل سنوي، ونجاح مسلسل متعدد المواسم مثل The Walking Dead مؤخرا، يُثبت أن إهمال واندثار هذه الأفكار مستقبلا غير وارد.
صحبة شوارزينجر أيضا صعب أن تندثر لأجيال الثمانينات. في النهاية لا يُمكنك أن تشكو من قريب عزيز في الأسرة، بسبب ظهور بعض التجاعيد والشعر الأبيض!
باختصار:
فيلم زومبي لا بأس به لسهرة متوسطة التسلية، مع دور جديد غير معتاد لنجم الحركة شوارزينجر، وأداء أكثر من ممتاز لأباجيل برسلين.