التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 09:50 م , بتوقيت القاهرة

"السلام" رسالة مصر إلى العالم من بينالي فينسيا

تحية إلى شباب مصر المُبدع الذي مثل مصر فى "بينالي فينيسيا" الدولي السادس والخمسين للفنون، تحية لمجهودهم ولتمثيلهم المشرف لمصر ولمحاولاتهم الظهور بمظهر مشرف وسط دول العالم المشاركة في البينالي، وتحية خاصة مني لصمودهم أمام محاولات النقد الهدّامة، التي لا هدف منها إلا النيل من عزيمة هؤلاء الشباب المشاركين"، وتحية لفريق عمل الأكاديمية المصرية للفنون في روما، وعلى رأسهم الدكتورة الجميلة جيهان زكي رئيسة الأكاديمية، تحية لها ولفريق العمل بالأكاديمية، حيث إنهم هم المسؤولون عن تذليل العقبات والإعداد للجناح المصريّ المشارك في بينالى فينيسيا.



حقيقة تعجبت بشدة من عدم تغطية وزارة الثقافة إعلاميا للجناح المصري المُشارك في حدث فني عالمي تُشرف عليه الوزارة ممثلة في الأكاديمية المصرية للفنون بروما! أرى أن السبب في هذا هو عدم سفر أي من المسؤولين في البينالي، الإعلام  غالبا يهوى فقط  تغطية الإنجازات التي يشرفها بالحضور السيد وزير الثقافة أو من ينوب عنه؛ ولذلك أدعو الوزارة إلى مراجعة أولوياتها الإعلامية عاجلاً.


تعجّبت ولازلت أتعجب من رد فعل الفنانين المصريين وهجومهم الشديد على الجناح المصري في بينالي فينيسيا هذا العام،  وتعجبت أيضا من عدم اهتمام أغلب وسائل الإعلام المصرية بهذا الحدث إلى العالمي الهام، تعجبت أكثر كلما قرأت أخبارا تملأ الدنيا عن أشياء ومواضيع عن البينالى، مواضيع غير ذات قيمة ولا أهمية ولا تخص العمل الفني من قريب أو بعيد، وزاد تعجبي ممن يلومون على أبناء الوطن ليل نهار، ويوجهون لهم اتهامات بأنهم فاشلون وليسوا على القدر الكافي من المهارة والكفاءة، وحين شاركوا بكل قوة في حدث عالمي لم يذكر أحد مجهودهم!!  


تعجبت ممن حللوا فشل الجناح المصري للبينالي من قبل أن يحللوا العمل الفني المشارك! تعجبت وسألت نفسي لماذا يكره البعض نجاح الآخرين؟ لماذا يحاولون تحطيم أي بذرة عمل ناجحة ومشروع مستقبلى مبشر؟


في الواقع أردت قبل أن أبدأ في التحليل الفنى للعمل الفني المشارك "وهو من وجهة نظري عمل فني جيد ويبعث برسالة هامة للعالم"، أردت أن أطرح تلك التساؤلات والتعجبات التي في ذهني، والتي لم أجد لها أي أجوبة أو سبب لحدوثها.. أردت أن أبعث رسالة للمنتقدين والمهاجمين مفادها: "أن الهجوم المستمر على عمل الغير ليس له أي فائدة ولن يستطيع هذا الهجوم من المساعدة أو محاولة تحسين الأداء، الهجوم على عمل مصري مشرف حاز على إعجاب المشاركين لن يبرره أو يفهمه أي شخص منصف عادل".


"يمكنك أن ترى؟"  "?CAN YOY SEE"..  عمل مصري في بينالى فينيسيا.



بداية أود أن أشير إلى أنه تم افتتاح معرض بينالي فينيسيا رقم 56 في 9 مايو وسيستمر حتى 22 نوفمبر المقبل،  وأن العمل الفنى الرسمى المشارك في الجناح المصري في بينالي فينيسيا الدولي حقق إقبالا جماهيريا  واسعا من زوار البينالي، واستقبل الجناح المصري عددا كبيرا من الزوار، حيث استمتعوا بالفكرة الذكية والمبتكرة التي تتيح إمكانية التفاعل مع العمل الفني المعاصر من خلال التكنولوجيا الرقمية. 


وأكبر دليل على نجاح المشروع المشارك "?CAN YOY SEE" هو رأي السيد باولو باراتا رئيس بينالي فينيسيا الدولي، وقد أثنى باولو على توظيف التقنيات الرقمية في العمل الفني المصري، وأصبحت جزءا مكملا للعمل الفني، حالة إبداعية أوجدها الفنانون المصريون أحمد عبد الفتاح، ماهر داوود، جمال الخشن، وقوميسير العمل الفني الدكتور هاني الأشقر.


بينالى فينيسيا ...
مائة وعشرون عاما ينشر فيها بينالي فينسيا فنا من العالم وإليه، ليعد أهم فعاليات الفن المعاصر، ملتزما بموعده كل عامين، مقدما كل جديد ومميز في لقاء فني مبهر يحمل رسائل فنية وإنسانية، وعدد الدول المشاركة في البينالى هذا العام 89 دولة من بينهما دول تشارك لأول مرة مثل جرينادا، موريشيوس، منغوليا، جمهورية موزمبيق، وجمهورية سيشل.


"بينالي" .. كلمة إيطالية تعني "كل عامين"، وتُستخدم لوصف أي حدث يتكرر كل عامين، إلا أن الكلمة لها صدى خاص جدا لدى المهتمين بعالم الفن والعمارة، حيث ترتبط لديهم بـ "بينالي فينيسيا" وهو أهم حدث فني عالمي، ويتكون من مجموعة من المعارض الدولية للفن المعاصر، بدأ البينالي عام 1895 ويتكرر منذ ذلك الوقت كل عامين، وتيمنا بذلك الحدث اُستخدم نفس التعبير لوصف عدة أحداث أخرى مثل "بينالي دو باريس" أو عن طريق تخليق اسم الحدث؛ من خلال مزج الكلمة باسم آخر مثل "برلينالي"، وهو "مهرجان برلين الدولي للأفلام"، ومهرجانات أخرى كثيرة دولية ومحلية في الكثير من دول العالم.


شرح لفكرة العمل الفني المصري المشارك 


تمت تغطية حوائط وسقف القاعة بالكامل اللون الأبيض، وتوسطها خمسة مجسمات تتركب من عدة مسارات بأطوال مختلفة، يزرع فيها نباتات طبيعية وتمثل تلك المجسمات الأحرف الخمسة المكونة لكلمة "PEACE"، 
وتمت تغطية أرضية الغرفة بسجاد رمادي فاتح اللون، وصنعوا ممرات ضيقة باللون الأبيض من المجسمات الموجودة بالصور باللون الأبيض، وتلك التشكيلات تم تغطيتها بطبقة من النجيل الطبيعي في بعض أجزائه، من تلك التشكيلات تم خلق سلالم وممرات ومنحدرات.



وحول فلسفة اللون أكد الفنانون المصريون المشاركون، أن " اللون الأبيض يغطي القاعة كلها، وهو لون محايد يعبر عن السلام، مع أن اللون الأبيض بطبيعته الضوئية يحمل في طياته كل ألوان الطيف؛ بمعنى أنه يستوعب كل الاحتمالات المطلقة، واللون الأخضر في المساحات المزروعة كونه لون الخصب والنماء والخير..  وهو مزيج من لونين أحدهما ساخن والآخر بارد، بمعنى أنه يحمل المحايدة بين السلب والإيجاب، وهما معا يمثلان الحياة.



كما وضعت أجهزة تابلت تعرض بعض الفيديوهات للشركات الراعية للمعرض الفني. كما أنه متاح سماع  مقطوعة معروفة باسم ” Meadow in Springtime“.



تتجه كاميرات أجهزة التابلت إلى شعار ملصق على الحشائش الصناعية ينطق ”PEACE“ بالحروف اللاتينية والعربية. ومع تغيير وجهته، تقوم الممرات والسلالم بتشكيل كلمة “PEACE” بحيث تستطيع أن تراها إذا نظرت إليها من الأعلى. وعندما تشير إلى اللوجو، تبدأ أجهزة التابلت بعرض بيئة افتراضية كما لو كانت تحدث في الغرفة في نفس الوقت، ويوجد أسفل شاشة التابلت علامتي (+) و(-)  وبمجرد ضغط (+) تبدأ "الفراشات" في المرح، وعندما تضغط مرة أخرى تنبت أزهارا من "الحشائش الصناعية". أما إذا قررت أن تضغط على (-) ستختفي "الأرانب" ويحل محلها "الصراصير"، أما إذا ضغطت مرة أخرى فستظهر "العناكب". ثم بعد ذلك وفي المرة الثالثة التى تضغط فيها على علامة (+) تبدأ النيران في الاشعال.



الأمر يبدو مدهشا ويسيرا بشكل جيد.  من جماليات الفكرة هي محاكاة الطبيعة وعناصرها، الفكرة تعتمد على أن تقوم بتحريك كل شىء بنفسك، الفكرة تخرج أيضا عن خط الأعمال التي تتسم بالتكلفة الباهظة التي عادة ما تحدث في أجنحة البينالي في فينيسيا.


جولة داخل الجناح المصري ببينالى فينيسيا



الفنانون المصريون أرادوا توجيه رسالة للعالم بعد خمس سنوات من الاضطرابات المستمرة تخللهم ثورتان، فكانت أفضل رسالة يمكن أن يوجهوها للعالم: "نحن نريد السلام".


مشروع "يمكنك أن ترى"، الذي يحمل رسالة بأهمية السلام كمطلب إنساني، ويطرح العمل فكرتين متضادتين ومتلازمتين، وهما الهدم والبناء، وهو ما يحدث بداخل كل كائن حي بل هو قانون الكون.


فمن قلب مدينة البندقية، ينطلق بينالي فينسيا الدولي في دورته الــ56، في الفترة من 9مايو وحتى 22 نوفمبر المقبل، تحت إدارة "أوكوى أنويزور" بمنطقة الأرسنال، حديقة جيارديني ومساحات عامة، وينقسم البينالي إلى ثلاثة أجزاء هي المعرض المركزي الذي يلتقي فيه 136 فنانا من 53 دولة من بينهم 88 فنانا يعرضون للمرة الأولى والمشاركات القومية للدول وتضم 89 دولة من بينها دول تشارك للمرة الأولى وهي جرينادا، موريشيوس، منغوليا، جمهورية موزمبيق، وجمهورية سيشل.