التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:03 م , بتوقيت القاهرة

"دق الهون".. حكايات السبوع في بيوت المصريين

على دق الهون نطلق نغمات موسيقية، سيمفونية نستقبل بها مولودا جديدا في يومه السابع، عادات توارثناها بكل تفاصيلها حتى يومنا هذا، ولكن لم نقف لحظة لنسأل أنفسنا عن هذا الاحتفال وتاريخه.

"السبوع"

السبوع هو عادة مصرية قديمة، يرجع أصلها إلى الفراعنة، ما يزال المصريون يحتفلون به حتى الآن، بعد 7 أيام من مجيء المولود، فقد وُجدت بعض الرسومات الجدارية من عصر الدولة الحديثة الفرعونية، تتشابه مع احتفالية السبوع، على كل حال فإن السبوع من العادات التي يحرص المصريون على إقامتها.

عادات و تقاليد اليوم في السبوع 

بداية السبوع يوضع الطفل المولود داخل "غربال"، وهو عبارة عن صينية قعرها عبارة عن شبكة، ويوضع على طاولة عالية وبجواره إبريق لو كان المولود ذكرا، أو قلة لو كان المولود أنثى.

ثم يحمل الغربال بالطفل ويوضع على الأرض، ويبدأ ما يسمى بـ"دق الهون"، وهو عبارة عن صوت يصدر نتيجة دق الهون المعدني، وتقوم به غالبا جدة المولود أو إحدى السيدات الكبيرات في السن، وتردد وهي تدق هذا الهون عبارات بها وصايا للمولود، كأن يكون مطيعا لوالديه أو غيره.

ثم تمر الأم من فوق الطفل 7 مرات، تردد خلالها السيدة التي كانت تدق الهون عبارات البسملة، وبعد ذلك يوضع الغربال بالطفل مرة أخرى فوق الطاولة، ويحمل الأطفال والكبار شموعا بيضاء مشتعلة، ويطوفون مرددين الأناشيد المشهورة للسبوع، ثم يتم توزيع الحلوى على الجميع.

تفسير توراثناه من جدودنا

الإبريق يوضع بجانب الطفل الصغير في السبوع "نرش وشه بمية النيل عشان يبقى في رجله الخير"، أما دق الهون فسببه "ندق الهون عشان يتعود على الدوشة".

"الغربال" يوضع الطفل في الغربال حتي يتعود على قدر الدنيا قد تكون في صالحه أو ضده، أما عن السبع حبات، فهي عبارة عن حبات من الفول توصل بخيط و يأخدها الكبار تفاؤلا بالخير إلى المنزل، وحلويات السبوع يأخذها الأطفال قبل ذهابهم كهدية من المولد، وقد يضاف إليها لعبة أيضا.

تختلف الاحتفالات من محافظة إلى أخرى، فمثلا في بلاد النوبة فإن جدة الطفل تحمله يوم السبوع وتصحبه إلى النيل، وتمسح رأسه بالماء، كما ترمي ما تبقى من حبله السري، وإذا رجعنا للتاريخ سنجد أن تلك العادة ترجع للفراعنة وتقديسهم للنيل كونه رمز الخير والرخاء لديهم، وهذا ما يعتقده أيضا أهل النوبة.

في الإسكندرية كمركز تجاري لهذه الأشياء سوق الميدان بمنطقة المنشية، تضيف أسر ورقا على شكل نقود، مطبوع عليها اسم المولود وتاريخ ميلاده، أو شريطة ستان، وقد تضاف نقودا معدنية.

وفي الآونة الأخيرة، اهتم بعض المسملين بشعيرة "العقيقة" في السبوع، وهي شعيرة إسلامية وسنة عن رسول الله محمد، عليه الصلاة والسلام، عبارة عن ذبح "بقرة على سبيل المثال" وإطعام الأهل والأقارب والفقراء.

حكايات الاحتفال بالسبوع لم تنته حتى يومنا، ويظل مصدر فرحة للكبير والصغير بكل تفاصيله داخل جدران البيت المصري، وبداية جديدة في حياة المولود ينقلها من جيل إلى جيل.