ماتتجوزهاش.. ماتتجوزيهوش
"#ماتتجوزيهوش لو مش عارفة هيبقى بكرش بعد الجواز".
"#ماتتجوزهاش لو مش عارف هتبقى بكرش بعد الجواز" ( برده).
حُمى انتشرت على الفيس بوك منذ ما يقارب الأسبوع ملأت جميع حوائطنا والحوائط المجاورة، من Tag وهاشتاج، وشير بلا أدنى تفكير، وفي بعض الأوقات أرادت إحدهن إضافة "التاتش بتاعها"، لتكتب شيئًا ما يشبه "ما تتجوزيهوش لو ما يعرفش الفرق بين الكارينا والبالرينا"!
بالله عليكم يا أيها الأخوة والأخوات، همسة طيبة بأذانكم، مع الكثير من المحبة، ما هذا الهراء؟!
رأيت بالطبع الحملات التي شنها البعض، موضحًا أن الرجال تختلف ولا داعي لتصنيفهم، وكذلك النساء بالنسبة إلي، كان الأمر مختلفًا، فتصورت أن كاتبة البوست في بداية الأمر امرأة في أواخر الثلاثينات تعبت من " قفش" زوجها يختلس النظر إلى هذه وتلك فكتبت على صفحتها "ما كنتش اتجوزتني لما انت عايز مزة ". ثم نتيجة للتطور الطبيعي وصلنا إلى مُعلقة ما تتجوزيهوش ماتتجوزهاش التي ينادي بها جميع الفتيان والفتيات الحالمين بزواج سعيد، ولكن مهلاً، هل حقًا الموضوع بيدك لتقرر أن تتزوجها أو تتزوجيه؟
بعيداً عن أنه ليس بريموت كنترول ولا بيبسي ماشين تحدد فيها المواصفات التي تطلبها ليأتيك طلبك على الفور، أو حتى بعد الانتظار، ولكن دعوني أصارحكم إذا كنتم لا تعلمون، فهل تعلمين يا عزيزتي أن الزواج ليس بقرارك وحدك، فهو قرار المجتمع بناءً على عدد سنوات عمرك، قرار الجيران والقيل والقال، قرار والد ووالدة تعبوا في تربية أولادهم أو "استسهلوا" إلا ما رحم ربي، فيجدون من حقهم التدخل في شكله وشهادته وعمله وأسرته، ومايملكه من أموال وأخوة وأخوات، بل وما تملكينه أنتِ شخصيًا من شهادات وعمل وحسب ونسب، فخريجات القمة لا يجوز لهن الزواج إلا بمن هو خريج كليات القمة، والغنية لا يجوز أن تتزوج إلا بالشاب الغني، بشكل مشابه تمامًا لجملة "ابن الزبال ما ينفعش يشتغل وزير".
ثرنا جميعاً ضد هذه الجملة وتألمنا وتعاطفنا، وانتهى الأمر بإقالة الوزير حسب ما ذكرته مصادر على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ماذا لو نظرنا بعين واقعية بعيدة عن هجمة المشاعر والتعاطف؟
فمن قال "ابن الزبال ما ينفعش يشتغل وزير" هو نفس الشخص الذي يقول "الدكتورة ما ينفعش تتجوز إلا دكتور"، أي أنه والدك ووالدها وآباؤنا جميعًا وهو الصوت القابع داخلنا في جميع تحركاتنا، هي تلك الموروثات البالية الطبقية، نعم هزتنا الجملة من أعماقنا ولكننا للأسف لا نعي بأن هذه الإهانة تطالنا في معظم محاولات التقدم للزواج التي تبوء بالفشل.
الزواج يا عزيزي هو اختيار أمك من وسط بنات خالاتك وأخوالك، مجاملة والدك لزميله فلان، تقرب أهلك لعائلة سيادة الباشا. من تزوج حقًا يُدرك أن جميع الرجال وجميع النساء تقريبًا واحد بعد الزواج، جميعنا سنكبر ونشيخ ونُصاب بأمراض كثيرة، ولكل شيء ضريبة سواء كانت في الشكل أو في الشخصية، وحل مشاكلنا ليس في أن نعد قائمة مسبقة بالمواصفات أو أن نمزّق هذه القائمة ونغمض أعيننا في مواجهة المجهول، و لكن الحل يكمن في المصارحة بما يريده كليكما دون كذب أو " تثبيت" أو مبالغة أو حدّة فخير الأمور أوسطها كما أعلم وتعلمون.
وبدلاً من أن نستهلك خيالنا ومشاعرنا وأفكارنا البسيطة في لائحة الطلبات التي ستنسف كليّاً أمام "أول عريس" بالنسبة لكِ و"أول بنت حلوة مغمضة" بالنسبة لكَ، دعونا نفكر كيف لنا أن نقيم زواجًا ناجحًا، أن نعرف تمامًا أنه ليس بأفلام متشابهة ولا هوايات متضاربة لأن جميع ذلك سيهدم في اليوم الأول، الزواج مسؤولية وأطفال أي جيل جديد، وطن جديد وأمة جديدة ستكبر يومًا ما لترى موروثنا بعض الأحلام والكلام الفارغ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، أو دعونا " نفك من موضوع الزواج دلوقتي"، ونحاول إيجاد شيء مفيد لنفعله إلى أن يحين معاده، يرحمني ويرحمكم الله.