على رأي المثل
السبت، 09 مايو 2015 09:23 ص
الأمثال الشعبية موروث موجود في كل بلاد العالم، ولكن الأمثال الشعبية المصرية، وربما للتحيز، لها وقع خاص، سواء للسجع الموجود فيها وانتظام القوافي أو للمعنى المقصود منها، ومن يتبحر في الأمثال الشعبية يجد أن كلام المصريين أغلبه أمثلة شعبية وليس مجرد حوارات.
أول من جمع الأمثلة الشعبية وحصرها في كتاب "الأمثال العامية" كان أحمد باشا تيمور، من يبحر في هذا الكتاب يجده يحتوي على آلاف الأمثال الشعبية بمعانيها، وأن جميعها مستخدم في الحياة اليومية للمصريين، منها الشهير جدًا ويسمع عنه الجميع، ومنها أمثال غير معروفة لكن معانيها رائعة.
من هو أحمد باشا تيمور ؟
هو أحمد بن إسماعيل بن محمد تيمور الشهير بأحمد باشا تيمور عالم بالأدب وباحث ومؤرخ مصريّ وأحد أعضاء المجمع العلمي العربي، مولده ووفاته بالقاهرة من بيت فضل ووجاهة من أب كردي وأم تركية، برزت من هذه الأسرة أخته الشاعرة المثقفة عائشة التيمورية، وهي رائدة من رائدات الحركة النسوية في العالم العربي، وكذلك برز ولداه محمد ومحمود تيمور وأصبحا من رواد القصة والرواية، مات أبو أحمد باشا تيمور وعمره ثلاثة أشهر وربته أخته عائشة التيمورية.
رغم أنه أفنى عمره في البحث والتنقيب، إلا أنه كان حريصًا على عدم نشر كتبه أثناء حياته، وبالتالي اجتمعت لجنة على رأسها المثقف الكبير أحمد لطفي السيد بعد وفاة أحمد باشا تيمور ونشرت عددًا كبيرًا من كتبه التي تنوّعت في التاريخ واللغة والتراجم والفقه الإسلامي، إضافة إلى هذا المعجم الفذّ للأمثال العامية المصرية وقاموسه الآخر للكلمات العامية المصرية، كتب أحمد باشا تيمور عن اللهجات العربية الأخرى أيضًا وكتب عن تاريخ التصوير والموسيقى والهندسة والفقه عند المسلمين.
وهذا جزء يسير جدًا من بعض الأمثال العامية المصرية الرائعة بمعانيها الأكثر عمقًا وروعة.. حاول عزيزي القارئ أن تسمع أنغامها وتتخيلها بأذنيك:
"آخد ابن عمي واتغطى بكمي".. يعني أتزوج ابن عمي ولو كان لا يملك ما اتغطى به.
"آخر خدمة الغز علقة ".. الغز يقصدون بهم الترك الذين كانوا يحكمون مصر والعلقة هي الوجبة من الضرب؛ أي إنْ خدمتهم وأخلصت لهم يكافئونك في آخر خدمتك بالضرب.
" آخر الزمر طيط ".. يعني أن الأمر المقصود لن ينتج نتيجة نافعة كالزمر في آخره ذلك الصوت الذي يقول طيط و يذهب في الريح.
"أديني حية لما أشوف اللي جاية ".. تقوله المرأة تهكمًا إذا عيبت أو رميت بتقصير في عملها فهددت بضرة أو امرأة أخرى تقوم بالعمل.
"أفتي معرفتي.. راحتي معرفشي".. أي أفتي ادعائي المعرفة لأني قد أكلف بما لا أعرفه وأُسأل عنه، فافتضح فالراحة العظمى في قولي لا أعرف.
"أهي ليلة وفراقها صبح".. المراد هي ليلة واحدة ستفارقنا في الصباح فليكن فيها ما يكون فالمدة وجيزة ولها آخر.
"ابن الهبلة يعيش أكتر".. لأن الهبلةعادةً لا تعتني بولدها فينشأ مهملاً في كل شيء وربما عاش أكثر من الذي أُعتني به.
"ابن يومين مايعيش تلاتة".. أي أن الآجال محدودة، فمن كتب له أن يعيش يومين لا يعيش الثالث.
"ابنه على كتفه ويدور عليه".. يضرب في الذهول عن الشيء وهو قريب ممن يبحث عنه.
"أبوك خلف لك إيه قال جدي ومات".. يضرب فيمن يصيب القليل ثم يذهب منه فيكون كمن لم يصب شيئًا.
"أبويا وطاني وجوزي علاني".. يضرب لوضيعة الأصل ويتزوجها من يرفع شأنها.
"اتغربي واكدبي".. أي إذا أردتي أن تكذبي على الناس وتنسبي لنفسك ما ليس فيكي، فليكن ذلك في غربتك بين أناس لا يعرفونك، فأنتِ لا تستطيعين ذلك في بلدك وبين من يعرفونك.
"اتغندري وقولي مقدري".. الغندرة كانت ترادف فجور المرأة وتبرجها فإذا لأمك لائم قولي ليس بيدي بل هو مقدر على وهو كناية على تبرير الخطأ.
"أحبك يا سواري زي زندي لا".. يعني بحب أسورتي آه لكن أحب زندي أكثر، ويعني أن الحب متفاوت وأعظمه محبة المرء لنفسه.
"إحنا اتنين والتالت جانا منين".. يضرب للداخل بين شخصين في أمر لا يعنيه.
"ادلعي يا عوجة في السنة السودة".. يعني ادللي يا معووجة القامة كما تشائين في السنة السوداء التي لم تبق على الملاح.
"إديني رغيف ويكون نضيف".. يضرب لمن يستجدي ويتخير الصدقة فيقترح ويشترط.
"اسمع ظراطه ولا تسمع عياطه".. أي إذ لم يكن بد من تحمل أذاه فاختار أخف الضررين واصبر على سماع ظراطه فإنه أهون عليك من سماعك بكائه أو صياحه.
"اللي فينا فينا ولو حجينا وجينا".. يضرب لسيئ الطباع المجبول على الأذى لا يغيره النسك أو الحج.
"اللي يقول لمراته يا هانم يقابلوها على السلالم".. أي من يكرم زوجته ويعظمها يعظمها الناس.
"أنا فيك بدادي وأنت بتقطع أوتادي".. يضرب في مقابلة الخير بالشر.
" أنا كبير وأنت كبير ومين يسوق الحمير".. أي مادام كلانا متعاظمين عن العمل تعطلت مصالحنا.
بعد هذا الجزء البسيط على رأي المثل ياما في الجراب يا حاوي.. هل سمعت الأمثال بأذنيك!! ولا أعلم لماذا تخيلتني ألبس الملاية اللف والبرقع واليشمك عند سماعي الأمثال ولا تنسى الخلخال .
