الأول من مايو .. قصة كفاح صناعها العمال بالدم
تحتفل مصر في الأول من مايو بعيد العمال، على الرغم من الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون حاليا، سواء الذين لم يستطيعوا الحصول على مستحقاتهم المالية منذ أشهر مثل عمال الشركة المصرية العقارية، والبالغ عددهم 1700 عامل لم يتلقوا أجورهم منذ 10 أشهر بحجة وجود عجز.
وحسب بيان للجهاز المركزى للمحاسبات فإن عدد العاملين بدون أجر وصل إلى 2.9 مليون، بنسبة تصل إلى 11.9% من إجمالي المشتغلين، ومؤخرا أصدر القضاء المصري حكما بإحالة أي عامل يضرب عن العمل إلى المعاش المبكر.. لكن السؤال هو: "إحنا بنحتفل بعيد العمال ليه؟".
عيد العمال قصة كفاح سطرتها الدماء، ففي الأول من مايو عام 1886 عندما شكل عمال مصانع الملابس بفيلادلفيا في أمريكا وعمال الأحذية والأثاث أول إضراب تاريخي، مطالبين بضرورة تحديد ساعات العمل، لتكون 8 ساعات حتى يستطيع العاملون الحياة بشكل لائق، وضرورة وجود تنظيم نقابي يكافح من أجل تحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل.
ووصل عدد العمال المضربين في ذلك الوقت 5000 عامل، وتظاهر ما يقرب من 340 ألف عامل، وحاولت الشرطة فض تلك الإضرابات بالعنف ولكنها فشلت، واجتمع بالفعل رئيس البلدية لمناقشة مطالب العمال، وأثناء الاجتماع انفجرت قنبلة راح ضحيتها عدد كبير من العمال المضربين والضباط، ما جعل الضباط يتعاملون بأسلحتهم الثقيلة، وتم قتل أكثر من 400 عامل، والقبض على 480 آخرين، وصدر بحق 5 من زعماء العمال بالإعدام، واتهمت الصحف العمال بإثارة الفوضى والتخريب.
ونفذ حكم الإعدام بحق 4 منهم، فيما انتحر الأخير، وبعد 11 عاما اعترف أحد الضباط أن الشرطة هي من دبرت تلك القضية وتم الإفراج عن العمال.
وتقرر تخصيص الأول من مايو للاحتفال بعيد العمال الذين سطروا تاريخهم بالدم، لكن مصر لم تعترف بهذا اليوم، حيث كانت الدولة العثمانية ترفض الاعتراف بتلك الأعياد، وتم اعتباره يوم عيد رسمي بعد ثورة 1952.
ولم تمهل الأقدار الرئيس الراحل محمد نجيب ليحتفل بهذا اليوم، ليتم تنحيته عن الرئاسة وإسنادها إلى الرئيس جمال عبدالناصر، الذي أولى هذا اليوم اهتماما خاصا، وعلى مدار سنوات لم تتحسن أحوال العمال في مصر كثيرا حتى الآن.