مش عايزة أكون الأحسَن
من الحاجات الغريبة اللي بنصَمم نعلِّمها لولادنا التنازل عن حاجِتهُم للآخر.. مش بفهم ليه دايمًا بنجبِر الطفل الأكبر إنه يتنازل عن حاجته للأخ (أو الأخت) الأصغر عشان مايعيَطش.. ليه بنتوقع من الأكبر (اللي هو لسة طفل بردو على فكرة) إنه يبقى ناضِج كفاية لأنه يتخلى عن حاجته اللي بيعتز بيها للأخ الأصغر.. مش عارف إن علاقة الطفل بلعبته هي نفس علاقتك بشقتك وأوضتك ومخَدِتك؟.. تحب حد يشد مخدتك من تحت دماغك ويقول لك معلش أصل أخوك الصغير بيعيط؟!.. ها تحب؟
ماتعرفش إن فيه حاجة اسمها علم نفس الملكية؟ يا راجل؟ ده قديم قدم القرن التمنتاشر.. طب سيبك من العِلم مش شايف إنك بتوتر علاقة ابنك بأخوه الأصغر.. بذمتك مش بتلاحظ إن ده بيزود إحساسه بالضيق والغيرة منه؟.
مش شايف إن تكرار جملة "أنت الكبير.. أنت الكبير.. أنت الكبير" دي حاجة تطهَق أصلاً؟.. وبعدين إجبارُه على التنازل طول الوقت مش بيخليه يحس أن هو الكبير على فكرة.. بيخليه يحس إنك بتِستَلطَخُه بس عشان تسكِّت عياط أخوه الصغير.. ده طبعًا غير إنك من غير ما تحس بتدي انطباع إن الكبار مش بيجوا غير بالعياط.. والنتيجة إنك بتفتح مَعيَطَة في البيت عشان كل واحد ياخد اللي هو عايزه.
ده بالظبط اللي شُفته لما كنت في زيارة لصديقتي اللي عندها بنت وولد.. البنت 6 سنين والولد 4 سنين.. دخلت البيت لقيت صديقتي مشغولة في المطبخ وبنتها ممَوِّتة نفسها من العياط.. قعدت في الريسبشن أستنى صديقتي على ما تخلص اللي بتعمله.. وجت بنتها مع الاستمرار في البكاء والصريخ بنجاح منقطع النظير.. سألتها:
- مالك يا روحى بتعيطي ليه؟
- إهىء إهىء.. "شادي" أخد البلاى ستاشين بتاعتي.
- هو "شادي" بيعرف يلعب بلاي ستاشين؟
- إهىء إهىء.. لأ بس بيعرف يعيط يا سِتى.
- (يا نهار قَرشَنة)... طب معلش شوية كده وحانخلى مامى تجيبها منه.
- إهىء إهىء إهىء.. لأ مامي بتقول أنا الكبيرة و"خليكي إنتي الأحسن" وخلاص.
- هو إنتي عايزة تلعبي بيه دلوقتي يعني؟
- عااااااااااااااااااا... هو مش بيعرف يلعب عليها وحايبوَّظها.
- طب ما تلعبي معاه وبالمرة تعلميه إزاي يحافظ عليها.
- نأة نأة مش عايزة ألعب معاااااااااااه... بيضرررربني.
- "شادى" اللي أصغر منك بسنتين بيضربك؟
- أيوة
- وإنتي بتعملي إيه؟
- إهىء إهىء إهىء.. مابعملش حاجة.. مامي بتقول لي إنتي الكبيرة "خليكى إنتي الأحسن".
- طب ممكن تبطلي عياط شوية.. أنا صدَّعت على فكرة.
- عاااااااااااااا... عااااااااااااا...
- ماتجيبي لعبة تانية نلعبها أنا وإنتي ومامي.
- نأة مس عاوزة.
- طب ماتيجي نتفرج على فيلم كرتون.
- إهىء إهىء... مِس عاوزة بردو.
- طب بطلي عياط بقى... أنا دوخت والله.
- إهىء إهىء إهىء.. مِس قادرة أتحَكِّم في انفعالاتي.
- مش قادرة إيه؟؟؟
- إهىء... أتحَكِّم فى انفعالاتي.
- بس "انفعالاتك" دى حاتوجع عينيكي ومش حاترجع لك البلاى ستاشين على فكرة.
عاااااااااااا... عاااااااااااا...
-طب بُصى إحنا نستنى لما "شادى" ينام وناخد البلاى ستيشن نخبيها عشان مايخدهاش تاني.
- ما أنا كنت مخبياها ومامي أخدتها واديتها له.
- طب بلاش.. إحنا نستنى لما يدخل الحمام ولا حاجة ونروح ناخدها.
- حايعيط..
- ما إنتي بقالك ساعة بتعيطي أهو ومحدِّش سائل فيكى!!
- عااااااااااااا... عاااااااااااا
- طيب خلاص يبقى "الغازِية" لازم تنزِل.
- إيه؟؟؟
- قصدى يعني اللعبة لازم تِرجَع.
- ما أنا لو أخدتها مامي حاتزعق وحاتقول لي "إنتي الكبيرة ولازم تبقي الأحسن".
- أتلَفِت حواليا.. ثم اتسَحَّب من مكانى بشويش.. وأقرب من وِدنها وأوشوِشها)... بقول لك إيه يا "سارة"؟... هو إنتي عايزة تكوني أحسن من "شادي" ولا عايزة البلاي ستاشين بتاعِك؟
- إهىء إهىء إهىء... عاوزة البلاي ستاشين بتاعي.
- يبقى تبطلي عياط دلوقتي حالاً وتطيري على الأوضة تجيبي البلاي ستاشين بتاعك.
"سارة" انطلقت زى السهم ورجعت في ثانية ومعاها البلاي ستاشين والسعادة بتتنطط من عينيها.. "شادى" عَمَل إيه؟.. يا سلام؟!! ماهو قاعد ساكِت بقاله ساعة لما يعيَّط له شوية حايحصل إيه يعني؟!!