التوقيت السبت، 02 نوفمبر 2024
التوقيت 10:23 م , بتوقيت القاهرة

حرق الساحرات.. وصمة عار على جبين العصور الوسطى

حملة شرسة تلك التي شنتّها القارة الأوروبية في الفترة ما بين القرن 12 حتى 18 الميلادي، والتي أقامتها الكنيسة ضدّ السحرة والمشعوذين بهدف اجتثاث جذورهم، وأسفرت عن مقتل ملايين الأشخاص، كان غالبيتهم من النساء، وكانت سويسرا من أوائل الدول التي شاركت في تلك الحملة وحققت رقما قياسيا.


عندما حلت الأمراض والأوبئة بالقارة، لجأ الجميع إلى تحميلهم تلك المسؤولية، وكانوا بالتالي يعاقبوهم على أفعالهم؛ اعتقادا منهم أنهم يتصلون بالشيطان والريح بهدف النيل من أساس الديانة المسيحية.


كان لقب ساحرة يُطلق على أي امرأة تقوم بعمل مغاير، كأن تحرّض ضد السلطة أو تدعو للحشد والمظاهرات، غرقت القارة الأوروربية في تلك الفترة في سلسلة غير منتهية من المحاكمات، التي أقامتها الكنائس الكاثوليكية وليست دور القضاء أو المحكام، وقد راح ضحية تلك الهجمات في الحضارة الرومانية أكثر من 25 ألف شخص ما، بين حالات الشنق والإعدام، كما وصل عدد الساحرات اللاتي أُعدمن في كانتونات سويسرا وحدها إلى 100 ساحرة خلال عام 1782.


تنوّعت التفسيرات بخصوص ظاهرة العنف ضدّ الساحرات في المجتمع الأوروبي، فالبعض رأى أن تلك الظاهرة ترجع لاعتقاد النازيين في بدايات القرن العشرين أن تلك الحركات قامت بهدف الشعوذة ومعاداة الكنيسة الكاثوليكية، فكانت فرصة مواتية لدعم ركائز النازية الجديدة.



رجل الدين اليسوعي فريدريك شبي (1591 – 1635) كان يقف ضدّ ملاحقة الساحرات في القارة الأوربية، وكان يفسر تلك الظاهرة على أنها محاولة مذهبية متعصبة للاحتفاظ بالحكم من الضياع.


وترى المؤرخة السويسرية كاترين أوتز ترومب أن ما تم خلال الفترة الممتدة من القرن 15 إلى القرن 18 هو حرق ما بين 30 و60 ألف شخص في أوروبا، بتهمة ممارسة السحر والشعوذة، منهم 6 آلاف شخص في سويسرا، من بينهم 300 شخص في كانتون فريبورغ.



وذكرت أستاذة التاريخ أنه كان من ضحايا هذه الحملة الشعواء ما نسبته 70 أو 80? من النساء اللاتي ليس لهن ذنب سوى أنهن فقيرات أو عوانس أو ما شابه ذلك، كما حصل لكتيون التي هي آخر ضحايا هذا القمع، والتي أُضرِمت فيها النيران وتم حرقها في مدينة فريبورغ عام 1731.


وألمحت الأستاذة المؤرخة إلى أن أعتى موجات القمع كانت في سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية)، وقد "تصدت الكنيسة لتيار هرطقة أو حداثة تقوده حركة تحمل الفكر العلماني تعرف باسم "فالدينسير"، في حين لم تشن حملات تحقيق في سويسرا الشرقية (الناطقة بالألمانية في الغالب) التي كانت تميل بالأحرى إلى ممارسة السحر الأبيض".


واستطردت المؤرخة "لقد زاد القمع في كانتون فريبورغ، وبالتحديد في ولاية بروا، المتشابكة من حيث تشكيلها إذ تضم العديد من البلديات الصغيرة، ومن الديانات الكاثوليكية والبروتستانتية، ومن الأعراق الجرمانية والفرنسية، ونحوه، إذ كلما كثرت الحدود كلما استعر حرق الساحرات"، نظرا لكثرة الاضطرابات السياسية والاجتماعية وحاجة الحكومة إلى إحكام سيطرتها عليها.