التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 11:22 م , بتوقيت القاهرة

الحجاب.. عادة شرقية رسختها الأديان

لم تكن الآية الثالثة والخمسون من سورة الأحزاب هي النص المقدس الأول الذي فرض الحجاب على النساء كما يفسرها كثيرون من رجال الدين الإسلامي، بل سبقتها إلى ذلك اليهودية، والتي رسخت بدورها عادة شرقية قديمة بصفة عامة وسامية بصفة خاصة.

بلاد فارس
بعد انتصار المسلمين على الفرس وضمهم بلاد فارس، إيران حاليا، إلى الدولة الإسلامية، وقعت بنات كسرى ملك الفرس في الأسر، وكانت إحداهن تدعى الأميرة "شهربانويه"، ورد ذكرها في كتاب المبرد للكامل عن الجلسة التي تم فيها عرض رجال المسلمين عليها لتختار أحدهم زوجا لها: "فأشار جماعة إلى "شهربانويه" بنت كسرى، فخُيرت، وخُطبت من وراء الحجاب، والجمع حضور"، وهو ما يؤكد وجود الحجاب عند الفارسيات، وجدير بالذكر أن "شهربانويه" اختارت الحسين بن علي بن أبي طالب زوجا لها وأنجبت منه زين العابدين.

الساميون
ورد في سفر التكوين 24 الآية 65 ضمن التوراة، أن امرأة تدعى "رفقة"، أصبحت زوجة إسحاق بن إبراهيم فيما بعد، عندما رأته وكان غريبا عنها تغطت بالبرقع "ورفعت رفقة عينها فرأت إسحاق فنزلت عن الجمل، وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟ فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت"، كما ورد في سفر التكوين 38 الآية 14 "فخلعت عنهَا ثياب ترملها، وتغطت ببرقع وتلففت.."، ما يدل على وجود البرقع قبل نزول اليهودية على موسى ومنذ أيام إبراهيم.

اليهودية
نصت تعاليم وشريعة اليهودية على وجوب ارتداء نساء اليهود غطاء الرأس، وجاء في التلمود نصوصا فرضت ارتداء البرقع أو غطاء الرأس، وترتدي نساء يهود الحريديم المتدينات البرقع، الذي يغطي الرأس والوجه ويشبه النقاب إلى حد كبير.

المسيحية بلا حجاب

تظهر السيدة مريم العذراء بغطاء الرأس في معظم اللوحات والأيقونات والتماثيل التي تحويها الكنائس والكاتدرائيات والمتاحف، إلا أن المسيحية لم تضع تشريعا يفرض تغطية شعر المرأة، ولكن السيدة مريم كانت يهودية ترتدي غطاء الرأس كنظيراتها من بنات أمتها.

العرب قبل الإسلام
نزلت الآية الواحدة والثلاثون من سورة النور: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن.."، في زمن كانت النساء فيه يغطين رؤوسهن بالأخمرة ويسدلنها على ظهورهن، فيبقى النحر، أعلى الصدر، والعنق لا ستر لهما، فأمرت الآية بإسدال المسلمات للخمار على الجيوب، وهي "أعلى الصدر والنهدين"، والدلالة واضحة في الآية على ارتداء نساء العرب قبل الإسلام لغطاء الرأس وإن كان بشكل مختلف.

الحجاب الإسلامي

وردت ثلاث آيات فسرها فقهاء المسلمين على أنها فرضت الحجاب على النساء؛ أولها كانت في سورة الأحزاب "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب.." الأحزاب 53، والآية 59 من نفس السورة: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين.."، بالإضافة إلى آية سورة النور السالف ذكرها، فضلا عن حديثين عن الرسول فرضا الحجاب على المسلمات وفقا لتفسير عدد من الفقهاء.

إلا أن خلافا بين رجال الدين الإسلامي والمفكرين حول شكل الحجاب ووجوبه من عدمه شكل جدلا لسنوات عديدة وما زال.