التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:59 م , بتوقيت القاهرة

أحلام مستغانمي وظاهرة الكاتبة النجمة

 شكّلت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي ظاهرة أدبية فريدة في غرابتها شغلت الوسط الأدبي العربي خلال العقود الماضية، لأسباب بعضها منطقي والآخر أشبه بقصاصات مجتزأة من صحافة الفضائح. مستغانمي هي الكاتبة العربية الأكثر شهرة ومبيعا، وتمثل شهرتها تلك خروجا على قاعدة اقتصار النجومية في العالم على المغنيين والممثلين والسياسيين والبهلوانات. ثلاث روايات، جعلتها تسبح في الأضواء.


 البداية كانت في أوائل التسعينيات، حين كانت مدرجة ضمن المشروع الأدبي، الذي بادرت به دار الآداب اللبنانية، تحت إشراف مديرها سهيل إدريس، والرامي إلى فتح الباب أمام الإبداعات النسوية المغاربية، ووقع الاختيار على ثلاثة أسماء: أحلام مستغانمي من الجزائر، وآمال مختار من تونس، وكاتبة أخرى من المغرب، وقدمت رواياتهن الثلاثة للشاعر الكبير نزار قباني، كونه من لجنة القراءة، لكنه لم يقرأ سوى "ذاكرة الجسد" وأبدى ملاحظاته عليها. وهكذا كانت الصدفة وحدها وراء نجاح مستغانمي، التي سقطت عليها الشهرة من حيث لا تدري.



قبل صدور روايتها الشهيرة "ذاكرة الجسد" عام 1993م، كانت مستغانمي تقبع في دائرة الظل تقريبا، ثم فجأة تغير كل شيء، وبدت تلك الرواية الأولى كحجر كبير يرمى في مياه العرب الراكدة، لتبدأ الدوائر في التشكّل. فالرواج الذي تحقق لكتبها المتلاحقة لم يحظ به كاتب عربي من قبل، بمن فيهم نزار نفسه، الذي كتب على غلاف إصدار مستغانمي الأول "روايتها دوختني". ذلك أنها الوحيدة بين الكتاب التي تجاوزت طبعات كتبها الثلاثين طبعة، والتي تباع رواياتها من مثل "فوضى الحواس" و"عابر سرير" في المطارات وأكشاك الصحف. ويحتشد الآلاف من المعجبين، للحصول على توقيع روايتها الجديدة، أيا كان مكان ذلك التوقيع.


ولأن للشهرة ضرائبها، فقد شن البعض حملة هجوم على الكاتبة الأكبر شهرة في بلاد العرب، ونسبوا أعمالها الأولى إلى سعدي يوسف ومالك حداد ونزار قباني وغيرهم. يبدو واضحا تأثر مستغانمي بلغة الشاعر الشهير، بما فيها من سهولة وليونة بلاغية، وتأثرها بنفسها كذلك، حيث تكرر كثيرا مقاطع من رواياتها.


لكن تبقى أسباب ذلك الرواج وتلك النجومية غامضة، غير أن الضرب على أوتار الجسد العربي المغلول، والإتقان الماهر للعبة التسويق الإعلامي التي تولتها الفضائيات العربية، وهالة الانتماء على وهج الكفاح الجزائري، واسترداد الأنوثة العربية لنصيبها من البوح الجريء في كتابة ظلّت طويلا حكرا على الكتاب الذكور، ربما تلقي الضوء قليلا على أسباب الظاهرة الأدبية والوصفة السحرية للنجومية.


حين يتكلم معجبوها، فإنهم يهيلون الثناء والتهليل على أعمالها وروعتها وعبقريتها، حتى تشعر أنك أمام أيقونة أدبية، أهملت الأكاديمية السويدية تكريمها بالشكل اللائق. 


 تقول حنان، إحدى قارئات مستغانمي المخلصات: "أعمالها قمة في التناغم والدهاء الأدبي منذ عقود. يظهر ذلك من باكورة أعمالها وأسلوبها، الذي يشد كل القرّاء، ويشعرهم بأنها تكتب وتعبر عنهم بأسلوب أدبي راقي. لها باع طويل في كتابة الأدب العربي والرواية ولها أسلوبها الخاص وملايين العشاق الذين ينتظرون جديدها. تميزت بالعديد من الاعمال الأدبية وهذا شرف لأدبنا العربي، يجب أن نتباهى به ونتمنى أن نجد في أديبات هذه الأيام من يرتقي إلى مستواها المتميز".


أما نوال، طالبة الآداب بجامعة القاهرة، فتستنكر تلك الهالة المحيطة بكاتبة متوسطة المستوى ـ على حد تعبيرها ـ والضجة التي تثار حولها: "في الحقيقة لاحظت أنها تعتمد في تكرارها لثلاثياتها على الاقتباس، وخلطه في النص بصورة عجيبة، مع أنها لو اعتمدت على موهبتها وقدراتها وأدواتها لكان أفضل من تكرار ثلاث روايات على نفس المنوال، والصياغة والأسلوب، لتفاجيء قراءها برواية متماسكة وتقول شيئا جديدا". 


وبعيدا عن ثنائية الثناء والتقليل، يبقى سؤال لم تقدّم عليه إجابة واضحة، "كيف وصلت كاتبة عربية وجزائرية إلى هذا المستوى من الانتشار الكاسح، ودرجة لا مسبوقة من النجومية في الأوساط الأدبية والثقافية، لدرجة لم يحققها بعض من كبار الأدباء العرب؟".