التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 12:32 م , بتوقيت القاهرة

صور| "أم أميرة".. أعظم عظمات الستات

تصوير: عادل عيسي

رغم فقدانها لزوجها وابنتها الكبرى، لم تزل تحاول بكل قوتها لاستكمال مسيرة الحياة بجميع صعوبتها، متشبثة بابنتها الصغرى التي بقيت لها من الدنيا، ومن ساعدوها ودعموها منذ البداية، لما رأوه فيها من قوة وروح تستحق المساندة والدعم.

تبدو آثار المعاناة التي مرت بها على وجهها، ولم تزل ذكراها تشوب روحها، إلا أنها تملك الدواء والشفاء، الذي يكمن في الابتسامة والعمل و"اللمة الحلوة" التي تحيط بها وتحميها، من جيران وزملاء عمل في شارع المحل الخاص بها بجوار مقهى "زهرة البستان".. "أم أميرة.. أحلى بطاطس".

الساعة 3 الفجر

تبدأ ابنة الصعيد عملها في الثالثة فجرا، تخرج من بيتها المواجه لمحلها، وتذهب للمخزن الموجود في مدخل العمارة، لتأخذ البطاطس لتجهيزها وتقطيعها خلال الساعات الأولى من الصباح، استعداد لاستقبال زبائنها الذين يحرصون على أكل البطاطس الساخنة ذات الطعم الرائع والأقل ثمنا مقارنة بالأماكن المحيطة بها.

الشاب وليد

لم يكن يساعد أم أميرة أحد خلال الفترة الماضية، ولكن كان هناك شاب يُدعى "وليد" من أسيوط، يعمل بالمنطقة في أكثر من مهنة، ظلت تراقبه لمدة عامين، حتى قررت أن هذا الشاب سيعمل معها في المحل، معللة بذلك: "مهو مش أي حد هدخله بيتي ولا هشغله معايا".

التجهيزات

تحضّر "أم أميرة" أغلب الأشياء بنفسها، تغسل البطاطس وتقشرها وتقطعها، تركب الأنبوبة الكبيرة، وتشعل النيران على طاستين كبيريتن، لقلي البطاطس، لعلمها بأن الرزق يمكن أن يأتي في أي وقت، وبالفعل يأتي من يشتهي تلك الأكل حتى في أحلك ساعات الليل، فتقابله بابتسامة وتداعبه كعادتها مع الجميع، الأمر الذي يتحول بعد ذلك إلى ارتباط شخصي بينها وبين زبائنها، الذين يأتون إليها من جميع المناطق وليس وسط البلد فقط.

نهار ربنا

يبدأ النهار وتكون قد انتهت أم أميرة من جميع التجيهزات وقلت كمية كبيرة من البطاطس "النص سوى" و"الكاملة السوى"، لأن لكل زبون طلبه على حد قولها، ليبدأ المارة بداية من الطلبة، والعاملين بالشرطة، والموظفين، والعمال من بائعي اللبن والجرائد، إضافة إلى أن العاملين في بعض المطاعم المجاورة لها في المنطقة الذين يذهبون إليها لتناول طعام الإفطار من يديها.

وقت الذروة

في الثانية عشر ظهرا، تأتي مرحلة الذروة في محل "أم أميرة" حتى يتوافد عليها العدد الأكبر من الطلاب والموظفين، وبعض الذين سمعوا عنها في التليفزيون، أو عن طريق الأخبار لتجربة هذه البطاطس التي يحكي عنها الناس، تتحدث مع الجميع بشكل شخصي، فتتعرف عليهم ويعشقونها ويتحوّل الأمر إلى إدمان "البطاطس" من يديها.

بوكيه بطاطس

تحاول أم أميرة خلال عملها أن تظل واقفة على قدميها، وأن تنسى آلامها أغلب الوقت، تمنح كل من يزورها في بيتها الصغير "محل أم أميرة" بوكيه، ولكنه ليس بوكيه ورد بل "بطاطس"، وكأنها تداعب الحياة راغبة في ابتسامة وحياة سعيدة لها ولابنتها الصغرى بعد شقاء وفقد خلال السنوات الماضية.

تحب أم أميرة الحياة، وتحبها الحياة هي الأخرى، والدليل على ذلك ابتسامتها، ووقوف الجميع من حولها وبجوارها، أم أميرة "أعظم عظمات الستات" كما يقال في السينما، وأمل وسط العتمة.