حكايات مارلون براندو.. من مسارح برودواي إلى "تويتر"
النهاية والبداية:
رحل الممثل الأمريكي مارلون براندو في الأول من يوليو عام 2004، بلوس أنجلوس، في عمر ناهز 80 عامًا، بعد رحلة طويلة قطعتها محطات ولقطات بارزة في حياته ومشواره الفني.
براندو الذي ولد في الثالث من أبريل عام 1924 في ولاية نبراسكا الأمريكية، انتقل في عام 1935 إلى كاليفورنيا مع والدته بعد انفصالها عن مارلون براندو الأب. وفي عام 1937 تتصالح الأسرة وينتقل مع أبويه إلى شمال شيكاغو قرب بحيرة ميتشيجان، ثم أرسلته أسرته إلى ولاية مينيسوتا ليلتحق بالمدرسة العسكرية التي لم يستمر بها طويلا. وفي عام 1943 انتقل براندو إلى المحطة الأهم وهي ولاية نيويورك، ليدرس المسرح ويبدأ طريق الفن والشُهرة.
محطة برودواي:
كانت تجربته الأولى في مسارح برودواي في نيويورك من خلال مسرحية محلية الإنتاج اسمها "أتذكر يا أمي I Remember Mama" في عام 1944، بعد أن لعب دور "السيد المسيح" خلال الورشة الدرامية التي درس بها، وذلك في مسرحية "هانيل" لجيرارت هوبتمان. وفيما بعد لعب براندو أدوارا كثيرة ومهمة في برودواي، منها "مقهى تروكلن"، "كانديدا"، و"ولادة علم"، والتي بدأت علاقته باليهود ودولة إسرائيل ومشكلاته معهم.
ولكن لم تكن مسارح برودواي هي الملعب الذي مارس براندو فيه احترافيته، بل كانت مهاراته مؤجلة لأدواره في الأفلام التي أبرزت موهبته وكتبت تاريخه فيما بعد.
أوجه براندو:
تميزت الشخصيات التي جسدها مارلون براندو في السينما بالتعدد، وكان جليًا تعدد الأوجه والهيئات التي ظهر بها أمام جمهوره، ففي فيلم "Apocalypse Now" جسد براندو دور الكولونيل كيرتز، بوزن زائد جدًا صوَّره "كوبولا" بزوايا منخفضة ليبدو حجمه عملاقًا فيناسب الشخصية الأكبر من الحياة ذاتها، فضلا عن حلاقة شعر رأسه بالموسي ليظهر في شكل مختلف تمامًا.
وفي فيلم "The Teahouse of the August Moon" جسد براندو دور شخص آسيوي بإطلالة مختلفة تماما. أما حين نتذكر الفيلم الشهير "The Godfather" نرى ماكياجًا للوجه يحاكي وجنتي دون كورليوني، وتغييرًا في نبرة الصوت وطريقة الكلام، إلى جانب اللمحات البسيطة بحركات جسده.
جسد براندو أيضًا دور الطبيب العجوز البدين، والذي سيحُال على المعاش بعد أيام، في فيلم "Don Juan De Marco" الذي صوّر فيه إرهاقه وبساطته التي تختلف عن الشخصيات المميزة التي لعبها أغلب فترات حياته، ويظهر براندو هنا كرجل عادي جدًا، يمكنك أن تراه في الشارع يوميًا.
الثائر.. رافض الأوسكار:
عرف عنه معاداته لسياسات البيض واليهود واختلافه الدائم معهم، كما اشتهر بتضامنه مع قضايا بعينها ودفاعه عن سكان وأصحاب البلاد الأصليين. في عام 1973، وعندما حصل مارلون براندو على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن أدائه في فيلم "العراب"، رفض استلام الجائزة، لأنه كان داعمًا لقضية الهنود الحُمر ومعارضًا لتهميشهم في السينما الأمريكية وفي الولايات المتحدة عموما، لذا أرسل الفنانة ساشين ليتل فيذر لتقرأ في حفل توزيع الجوائز رسالة براندو المعبرة عن موقفه واستيائه، لتصل وجهة نظره إلى الملايين.
العراب (الأب الروحي):
النقطة الفاصلة في منتصف طريق براندو كانت عام 1972، حيث حقق هذا الفيلم ما يقارب 270 مليون دولار، أكثر من نصفها كانت في الولايات المتحدة فقط، وأعاد له مجده بعد أن ترددت بعض الهمسات عن انطفاء نجوميته، وتصدر "العراب" جميع قوائم أفضل الأفلام التي تكتب عن طريق نقاد السينما في العالم، أو تصنعها المجلات الفنية أو مواقع الإنترنت المهتمة بالسنيما وشباك التذاكر. حين يتحدث الناس عن "الممثل الحق" يتذكرون العرّاب.
الأب العادي:
في الواقع، لم يكن أبًا عاديًا، حيث جعل القدر حياته الخاصة كذلك فيلمًا طويلا من الآكشن والجريمة تحديدًا، كان براندو والدا لتسعة أبناء، وحفلت حياته بزيجات وعلاقات متعددة. اعتقل نجله لقتله صديق شقيقته بعد أن حبلت منه عام 1990، وانتحرت هي نفسها في عام 1995، وحكم على ابنه بالسجن 10 سنوات بتهمة القتل.
لاعب الشطرنج:
كان براندو لاعبًا للشطرنج طوال حياته، وهنا يلعب مع صديقه كارلو فيوري في منزله ويبدو منهمكًا ومستغرقًا في تفكيره.
الموت:
قبل موته كان متفق على أن يظهر براندو في "براندو براندو" أحد أفلام المخرج التونسي رضا الباهي، ليجسد فيه شخصيته الحقيقية، فأعد بنفسه ترتيبات وفاته واستعد للموت قبلها بعام كامل، وأوصى بأن يحضر النجم جاك نيكلسون جنازته، وأن يلقي المطرب الشهير مايكل جاكسون كلمة في تأبينه، وينثر رماده بين أشجار النخيل في أحد جزر تاهيتي التي كان يملكها.
براندو مغردًا:
بعد موته بأعوام، أبت نجومية براندو أن تنطفئ، ولم تكتفِ بالوجود في أفلامه وذاكرة جماهيره، بل ظل يكتب على صفحات الإنترنت ويغرد على موقع "تويتر" لمحبيه الأخبار المتعلقة به وبمشواره الفني، ويذكرهم بأعماله أيضًا.