هل يلقى إسلام البحيري مصير نصر حامد أبوزيد؟
"لا أريد أبدا أن أعطي انطباعا بأنني ضد الإسلام، أنا بعيد عن ذلك، ولا أريد أيضا أن أعطي انطباعا بأنني سلمان رشدي جديد، أنا لست كذلك، إن أسوأ ما أخشاه هو أن يعتبرني الغرب ناقدا للإسلام، هذه الصورة ليست دقيقة بالمرة، أنا معلم وعالم ومثقف وباحث، دوري هو إنتاج المفاهيم، إنني أتعامل مع القرآن بوصفه نصّا موحى من الله إلى النبي محمد، ذلك النص وصل إلينا بلغة البشر، اللغة العربية" هذا ما قاله المفكر نصر حامد أبو زيد، المتهم بالكفر والزندقة، والذي رحل عن الحياة عام 2010، قبل أن يكمل مشروعه البحثي حول تأويل القرآن.
نصر حامد أبوزيد والثقافة الإسلامية
بوفاة أبوزيد اعتبر الباحثون والدارسون للقرآنيات أن الثقافة العربية خسرت واحدا من أهم مُفكّريها، الذي ناضل من أجل انتصار العقل والاجتهاد على الجمود الفكري، فمن خلال دراساته في الفكر الإسلامي ومنذ اتخاذه منهج "الهيرميونيطيقا"، وهو منهج يعتمد على تأويل النصوص الدينية في تفكيك النص القرآني.
أسهم أبو زيد في مجال "نقد الخطاب الديني" خلال أكثر من ربع قرن، هي مجمل حياته الأكاديمية، وهاجم بشدة "الأصولية" ليس فقط الدينية ولكن الأصولية في أي نظام فكري، كاليبرالية والعلمانية، وأي ادعاءً بامتلاك الحقيقة ضد أي ادعاء آخر مماثل اعتبره أبوزيد شكلا من أشكال الأصولية.
إثارة التساؤل
كان أبو زيد يمثل فكرا تنويريا يستند إلى قاعدة علمية وفكرية وإيمانية صلبة، ودافع عما يؤمن به خاصة مبدأ إثارة التساؤل، وكان يرى أن خير الحوار ما كان جماعيا، وأن طرق البحث والتحليل هي المطلوبة دائما.
فالموضوع الرئيسي للمشروع الفكري له تمثل في نقد الفكر الديني الإسلامي في دراساته، حول الكيفية التي نفهم بها أو نقرأ بها النص الديني الإسلامي، ولقى أبوزيد هجوما شديدا واتهامات بالهرطقة والكذب والادعاء، وذلك لأنه قال إن النص القرآني هو في الأساس "نص لغوي" و"منتج ثقافي".
آراء أبوزيد لم ترق للكثيرين وانتهى به المطاف منفيا باختياره، بسبب الدكتور عبدالصبور شاهين، الذي اتهمه في تقريره "بالكفر" والارتداد والإلحاد، بسبب أبحاثه الأكاديميّة بالارتداد والإلحاد.
إسلام بحيري.. نفس المصير
قصة نصر حامد أبوزيد تتكرر مرة أخرة مع الباحث إسلام البحيري، ويتم اتهامه بالكفر والإلحاد، رغم أن الرجل لم يخرج عن الملة لكن كل ما في الأمر أنه استخدم نفس منهج نصر حامد أبو زيد في الاستقراء والاستنتاج العلمي لما ورد في تاريخ التراث الديني، والتحقق من صحة الأحداث، المسألة قد لا تروق لكثيرين ممن يعتبرون أن مسألة كتب التراث من الثوابت التي لا يمكن الاقتراب منها، متناسين أن التاريخ عرضة للتزوير والخطأ وعدم الموضوعية في بعض الأحيان، وما ورد في التراث لا يمكن الأخذ به دون إعادة بحث وتحليل.
يقول إسلام البحيري محذرا علماء الأزهر في أحد مقالاته "لا بد أن تعلموا علم اليقين أن التراث - بما فيه الأحاديث المنسوبة للنبي ص - قد امتدت إليها يد الحكام وطالتها ألاعيب السياسة، وتم تهذيبها وتشذيبها وأنسنتها بما يتوافق مع استقرار الأمر للحاكم والسلطان، لا سيما في عصر الدولة الأموية والعباسية، حتى قرب استواء تدوين السنة على سوقه في عصر الخليفة المتوكل العباسي.
لذلك لا تقشعر جلودكم حين تسمعون مسلما مثقفا يرد بعض أحاديث البخاري أو مسلم، وهما أصح كتابين بعد كتاب الله، نعم هما أصح كتب الحديث، لكن لا يجوز مقارنتهما بكتاب الله، لأن نقله تم بالتواتر وهو متعبد بتلاوته وبحفظه في الصدور عن ظهر قلب، فهل البخاري متعبد بتلاوته وحفظه؟ كلا، إذن ليست له قدسية كتاب ينقل (ظنيا) عن نبينا، صلى الله عليه وآله وسلم، وكلكم يعلم مرتبة حديث الآحاد وأنه ظني الثبوت".
يواجه إسلام بحيري اليوم مصير ربما يشابه نصر حامد أبو زيد، خاصة بعد أن طالب الأزهر، من هيئة الاستثمار وقف بث برنامج "مع إسلام"، الذي يعرض على قناة "القاهرة والناس"، واتهم الأزهر البحيري باستغلال برنامجه للتشكيك في ثوابت الدين وإثارة الشبهات والطعن في البخاري والأحاديث النبوية.