التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:52 ص , بتوقيت القاهرة

الروك.. تدافع عن روح الإنسان وتنصره على أحزانه

مع التغيرات الفكرية والثقافية والسياسية التي تجري للشعوب، ينفتح المجال أكثر  للأفكار الجديدة، في كل مناحي الحياة، خاصة الفن، ومثال ذلك موسيقى "الروك"، التي غيّرت -ولا تزال تغيّر- الكثير من المفاهيم السائدة عن الذوق العام،والتعبير عن المشاعر، والاستمتاع بالموسيقى.




نشأت الروك، المفعمة بالحماس والحيوية والانطلاق، في الولايات المتحدة، في حقبة الخمسينيات، تحت اسم "الروك آند رول"، وتطورت أساليبها فيما تلى ذلك من سنوات،  سواء في أمريكا أو بريطانيا،  متأثرة بموسيقى البلوز والكانتري.


ويعد الجيتار الكهربائي محور موسيقى الروك، وإن كانت تتسع لتضم جيتار البيز والدرامز، وكل ما من شأنه أن يُحلّ التوازن على الإيقاع، ويضفي مزيدا من الحيوية.


وبمرور الوقت، تطوّرت موسيقى الروك، وتغيّرت، مثلما تغيّر الشباب والذوق السائد في ذلك الوقت، عقب انتهاء الحرب العالمية، التى تركت بصماتها في النفوس والأرواح، وبالتالي على ما يفضله الناس، فازداد صخب الموسيقى، وحضرت الآلات الكهربائية بقوة، وانتشرت  بشكل غير مسبوق، خاصة بين الشباب.




المرة الأولى التي تستمع فيها للروك، سوف تجدها مفعمة بالحيوية والقوة، يطغى صوت الآلات فيها على كلمات الأغنية،  وكلما كانت المعاني ثورية، جُنّت الموسيقى، وازدادت تحليقا في سماء التمرد، وكلّما كانت رومانسية، هدأت الموسيقى، وأفسحت المجال للتأمل والحلم.


أُشير للروك بأنها حركة ثقافية، وظاهرة اجتماعية، لم تقف عند حدود الموسيقى فحسب، بل تجاوزتها لتشمل أبعادا أخرى، أكثر التحاما بطبيعة المجتمع، بعد أن نجحت في خلق قاعدة شعبية كبيرة، في جميع أنحاء العالم، رغم الجدل الكبير الذي صاحبها.



والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الروك؟


لأنه الفن الأكثر  تعبيرا عن الحالات الإنسانية المختلفة، واستيعابا للحيرة التي يشعر بها الإنسان، في مواجهة العالم طوال الوقت.


ومؤخرا، ظهرت عدة فرق عربية للروك، لاقت استحسان الجمهور،  مثل فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية، التي تأسست عام 2008 في بيروت، وضمت: حامد سنّو، أمية ملاعب، هايغ بابازيان، كارل جرجس، أندري شديد، إبراهيم بدر، فراس أبو فخر، وصدرت  لهم ألبومات ناجحة على رأسها "مشروع ليلى" و"رقصوك"، إضافة لترشيحهم لجائزة الموسيقى العالمية لأفضل أداء حي.


هناك أيضا فرقة "جدل" التي أنشئت في الأردن عام 2003، وبدؤوا بتوزيع أغنية العندليب الأسمر "أنا كل ما أقول التوبة" بأسلوب الروك الخاص بهم، فحازوا إعجاب الكثيرين في الوطن العربي، واشتهرت لهم عدة أغانٍ مثل "ما ردتش" و "باي باي عزيزي" و "يا أحلى عيون".


وكان  لمصر نصيب من تلك التجربة، فظهرت فرقة "كايروكي"، التي تضم أمير عيد وشريف هواري وتامر هاشم وآدم الألفي وشريف مصطفى. بدأت نشاطها عام 2003، وترشحت لجائزة إم تي في الموسيقى الأوروبية، لأفضل فنان في الشرق الأوسط، كما أصدرت ألبومات غنائية عدة، منها "مطلوب زعيم" و"السكة شمال"، وقريبا "ناس وناس".



وهناك أيضا فرقة "المربع" الأردنية، التي انطلقت عام 2008 وضمّت  محمد عبدالله وطارق أبو كويك والأخوين ضرار وعدي شواقفة، ومن أعمالهم "تحت الأرض، أغنيك وما عندك خبر".


وتبقى الموسيقى كونا قائما بذاته من الجمال والراحة النفسية، ونافذة خفية على عالم أكثر جمالا وسحرا، تحتل الروك فيه مكانا لا يمكن إغفاله، بمخاطبتها المشاعر بلا وسيط، وتعبيرها عن قضايا الإنسان المعاصر، وانحيازها لأحزانه، ودفاعها عن روحه في مواجهة مادية العالم وقسوته.