Home يحتفظ ببطاقة جنسية دريم ووركس
تيمة الشخص المختلف المتفرد، الذي لا يطيقه أغلب المحيطين، ولا يرون فيه أي أمل. ثم يتضح بمرور الوقت، أن تفرده واختلافه مكسب له ولهم، ومحطة إنقاذ للكل من ورطة صعبة، تيمة أدبية وسينمائية معروفة. وغالبا لا يوجد في تاريخ هوليوود من لعب على هذه التيمة، أكثر من شركة دريم ووركس للرسوم المتحركة. تاريخ نجاحات الشركة كله تقريبا قائم عليها.
بداية من العمل الأقدم للشركة Antz 1998 مرورا بأفلام مثل Shrek - Shark Tale - Bee Movie - Kung Fu Panda - Monsters vs. Aliens - How to Train Your Dragon - Megamind وغيرها، وانتهاء بفيلمنا الحالي Home 2015 الذي أخرجه تيم جونسون نفس مخرج المحطة الأولى Antz، كانت هذه باستمرار التيمة الأساسية (أو على الأقل أحد الأوراق الرئيسية).
تطرح التيمة رسالة عذبة بسيطة ومهمة للأطفال، عن قبول الاختلاف والتفرد. وتمنح أيضًا صناع أي عمل كارتوني، نقطة انطلاق أولى جيدة، لتصميم شخصيات غريبة الهيئة والتصرفات، بكل ما يوفره هذا لاحقا من خامة تصلح لبناء مواقف كوميدية.
دريم ووركس اقتبست تيمتها المفضلة هذه المرة من كتاب الأطفال The True Meaning of Smekday الصادر عام 2007 لأدم ريكس، لتنتج منه قصة فيلمها عن الفضائي أوه الوحيد بلا أصدقاء (جيم بارسونز). ورحلة هروبه من زملائه غزاة الأرض، التي تبدأ بسبب خطأ ارتكبه دون قصد. وعلاقة الصداقة التي ستربطه خلال الرحلة بالطفلة (ريهانا)، التي تبحث عن أمها الضائعة (جينفر لوبيز).
يبدأ الفيلم ربما بألطف مشاهد غزو فضائي للأرض، ويقدم صورة شديدة المرح للغزاة، ستلمح فيها غالبا تأثرا واضحا بفريق المينيونز Minions الشهير من حيث التصميم والحركات الصاخبة والصوت الهستيري. الاستنساخ لا يرقى للأصل بأي حال، لكنّه كفيل بتوفير بعض الضحكات خصوصا من الأطفال. لفظ (كيوت) هو غالبا الوصف الأدق للجو العام للفيلم من منظورهم.
أضاف فريق العمل بصمة جديدة مرحة لتصميم شخصية أوه، تتعلق بتغير اللون لسريع طبقا للحالة المزاجية. وهكذا ينتقل الضيف الفضائي بسرعة من الأرجواني للأخضر والأزرق والأحمر باستمرار. اللعبة على بساطتها وفرت أداة تواصل سريعة لا بأس بها مع الجمهور.
على العكس مما توقعت، فإن نجمة الغناء ريهانا مكسب حقيقي للفيلم. أداؤها الصوتي للشخصية جيد، واستفاد الفيلم أيضا من أغانيها الشهيرة، التي ستستمع إلى بعضها خلال المشاهد الراقصة. ستيف مارتن كوميديان حقيقي يقدم المتوقع منه باستمرار، ولا يحتاج الى إشادة. وجيم بارسونز نجم المسلسل الكوميدي الشهير The Big Bang Theory يقدم دوره بالإزعاج المطلوب.
رغم هذا تكرر دريم ووركس نفس خطاياها من جديد، وعلى العكس من تيمة هذا العمل وغيره، التي تدعو لاحترام الاختلاف وتُشجع المبادرات والنزعة الفردية، يظل Home نفسه مفتقدا للتميز والاختلاف أو الروح المبادرة. الأحداث متوقعة إلى حد كبير. الجرافيك جيد لكن غير استثنائي، وأقل درجة نسبيا من مستوى الشركة مؤخرا في أعمال مثل The Croods و How to Train Your Dragon. ولا يزال الـ 3D عنصر إزعاج حقيقي، بدون أي مكسب أو توظيف فني، لدرجة تجعلني أحسد من سيشاهد الفيلم ثنائي الأبعاد على شاشة تليفزيون كبيرة، بدلا من النسخة الثلاثية الأبعاد في قاعات السينما.
تكرار التيمة لا يعني بالضرورة عملا مكررا. يمكنك مثلا أن تلمح روح التجديد فيها مع Kung Fu Panda بفضل اختيار أجواء وثقافات الصين وآسيا، ومزجها بشخصية رئيسية، تملك تحديدا النقيض تماما، لما تتطلبه شخصية البطل المقاتل (جسد سمين).
نفس الشىء ستجده في The Croods بفضل اختيار العصر الحجري، وتنحية شخصية المختلف المميز - الابنة في الفيلم - إلى الخلف قليلا، لتفسح المجال لأسرة كاملة، تم صبغها بكل معالم أي أسرة أمريكية معاصرة. لا يوجد للأسف في Home عنصر مماثل يجعله ذو مذاق مختلف.
إيرادات الفيلم أنقذت دريم ووركس مؤخرا، بعد أزمات مالية متتالية، لكن لن ينضم إلى قائمة كلاسيكيات الشركة. وعلى غرار أعمال مثل Monsters vs. Aliens - Bee Movie سيصبح غالبا مستقبلا محطة أخرى ناجحة تجاريا، لا يتذكرها الجمهور.
في الحقيقة فإن الفيلم القصير Almost Home الذي قدمته الشركة عام 2014 ليصبح تمهيدا وإعلانا مبكرا لفيلمنا هنا، قد يكون أكثر بهجة ومتعة من Home ، بفضل مدته السريعة (4 دقائق). وأنصح بمشاهدته أكثر.
باختصار:
عمل مسلٍ للأطفال بالأخص، بفضل شخصياته المرحة، لكن يفتقد إلى روح التجديد والمغامرة، التي جعلت أعمال أخرى للشركة موضع إعجاب وتقدير من كل الأعمار.