التوقيت الإثنين، 18 نوفمبر 2024
التوقيت 08:23 ص , بتوقيت القاهرة

السلطانة كوسام.. عودة لمكائد "الحريم" في الدراما التركية

بعد النجاح المدوي الذي حققه المسلسل التركي"القرن العظيم" الشهير باسم "حريم السلطان" في عالمنا العربي، تطل علينا الدراما التركية هذا العام بملحمة تاريخية أخرى، ستأسر القلوب وتخطف العقول.


 الملحمة التاريخية الجديدة بطلتها الممثلة التركية، بيرين سآت، المعروفة باسم "سمر" في عالمنا العربي، وستتناول حياة السلطانة "كوسام"،  المرأة التي  اهتز لأسمها التاريخ العثماني من فرط قوتها وجبروتها، والتي اعتبرت أول سلطانة تحكم الدولة العثمانية فعليا وليس من وراء الستار كسابقيها، وهي أول امرأة جلست على العرش، وقيل عنها إنها كانت ذكية إلى درجة استثنائية، وماكرة ومراوغة، وأستاذة في صنع الخطط? ومقنعة في كلامها وتعي أهمية إرضاء الشعب.



 


من هي


مثلما دخلت السلطانة "هيام" بطلة حريم السلطان، قصر الخلافة كـ جارية، ونجحت في قلب أمور السلطنة رأسا على عقب، فإن كوسام دخلت كجارية أيضا، نجحت بذكائها ودهائها في حكم البلاد لمدة 11 عاما متواصلين، بطريقة غير مباشرة عن طريق أولادها وحفيدها.


ولدت  السلطانة كوسام ماهبيكار  باسم "أناصطاصيا"  عام 1950،  بإحدى القرى البلقانية لأسرة يونانية ولأب كان يعمل قسيسيا، وسبيت وهي صغيرة على يد الجنود العثمانيين، وتم إرسالها من قبل والي البوسنة، كهدية للسلطان أحمد الأول، وكان عمرها وقتها 13 عاما، والحقت بجواري السيدة الوالدة "خندان" والدة السلطان أحمد، وبعد وفاة خندان، انتقلت ملكية كوسام للسلطان أحمد الأول.


في سن الـ15 عاما، نجحت أناصطاصيا  في أن تكون من خاصة جواري السلطان أحمد الأول  وبعد ذلك زوجته  الثانية وأم أولاده ، وكسابقيه من السلاطين عندما اغرم بها سماها "كوسام" ،  وأنجبت له (مراد الرابع، سليمان، إبراهيم، قاسم، عائشة، فاطمة)، وكانت كوسام في البداية  متعبدة متصوفة، تعتني بأطفالها وبالسلطان فقط، دون التطرق لأي نواحي سياسية.



سلطتها


عندما توفي السلطان أحمد عام 1617، تولى السلطان  عثمان الثاني مقاليد الحكم، وهو ابن السلطان أحمد من زوجته الأولى "ماه فيروز"، والتي أصدرت  أمرا بإبعاد "كوسام"  وحاشيتها إلى القصر القديم الواقع في حي بايزيد، ومكثت فيه كوسام 3 أعوام لحين وفاة ضرتها "ماه فيروز" عام 1621 ، وبعد وفاتها عادت كوسام  إلى قصر طوب قابي، لتبدأ مكائدها لتولية ابنها مراد الرابع، الذي لم يكن يتجاوز عمره 4 سنوات.


واستمرت نيابة كوسام  سنوات طوال حتى بلغ ابنها مراد الرابع سن العشرين، فأمسك بزمام الأمور وأبعد أمه عن شؤون السياسة حيث عادت إلى قسم الحريم في قصر طوب قابي، ولم تقدر على التأثير على ابنها السلطان مراد الذي عرف بشدته وقسوته مع معارضيه وشكه الشديد بكل من حوله، حتى حدا به الأمر إلى قتل أخوته الثلاثة سليمان وبايزيد وقاسم والمحجوزين في قصر طوب قابي خنقا في عام 1638، قبل خروجه مع الجيش لاستعادة بغداد من الصفويين.


لم تجد توسلات كوسام  نفعا في إنقاذ ابنها الثاني قاسم، إلا أنها نجحت في إنقاذ ابنها الأصغر إبراهيم بعد أن أقنعت ابنها السلطان مراد الرابع بالإبقاء عليه حيا، خوفا من انقراض سلالة آل عثمان، حيث إن السلطان مراد الرابع لم يرزق بولد حي فأبقى على أخيه إبراهيم محجوزا في قصر طوب قابي، وما لبث أن توفي السلطان مراد الرابع، بسبب مؤامرة دبرها أخوه إبراهيم، مثلما يقولون.



وتولى إبراهيم الحكم، وكان شخصية طيبة مسالمة بخلاف شقيقه مراد الرابع، كما كان مصابا بمرض الشقيقة نتيجة لما واجهه من خوف ورعب أثناء حجزه في قصر طوب قابي ولرؤيته أخوته الثلاثة يخنقون أمامه، وما أن بدأت شوكة إبراهيم تشتتد حتى خافت كوسام وتأمرت عليه وقامت بعزله، بتأليب الانكشارية عليه نظراً لمحاولته القضاء على فساد الانكشارية، والوقوف في وجه رغباتها، ولم تكتفِ كوسام  العاشقة للسلطة والسياسة بعزل ابنها بل عملت على قتله بعد عشرة أيام من ذلك التاريخ، لتهديده لها بإبعادها عن السياسة، حيث تم تعقبه أشخاص وخنقوه  بحبل حرير.


وبعد ذلك تولت نيابة السلطنة في الدولة العثمانية نيابة عن حفيدها السلطان محمد خان الرابع الذي صعد إلى العرش وهو في السادسة من عمره، بعد عزل أبيه السلطان إبراهيم، وذلك بديلا عن والدته السلطانة خديجة تارخان.


أعمال خيرية


بغض النظر عن دسائسها داخل القصر، فقد اشتهرت بكثرة أعمالها الخيرية وتحريرها لعبيدها، وتسديد ديون المعسرين والإنفاق على زواج كثير من الفتيات الفقيرات والجواري? كما بنت جامعا فخما، فضلا عن  حمام عمومي ومدرسة للصبيان وسبيل ماء? وكانت كل عام ترسل صرة من المال لتوزع على فقراء الحرمين إضافة إلى أوقافها فيهما والتي يصرف من ريعها على الحرمين الشريفين، حتى أنها عندما توفيت أعلن أهالي اسطنبول الحداد عليها لمدة ثلاثة أيام.



 


مقتلها


أرادت السلطانة خديجة تارخان والدة السلطان الطفل محمد خان الرابع استرداد منصب نائبة السلطنة التي أخذته بالقوة السلطانة الجدة "كوسام"، فأرسلت إليها رجالا قاموا بخنقها عام 1061، وهي في عمر 62 عاما، وقتلت نائمة، ودفنت بجوار قبر زوجها السلطان أحمد.


وكانت هذه المعركة الخفية بسبب رغبة كوسام في كسر شوكة زوجة ابنها "خديجة"، بقتل حفيدها السلطان الطفل الذي لم يكمل 10 سنوات، حيث كانت تنوي تعيين ولي العهد وحفيدها الآخر الأمير سليمان الذي هو من أم أخرى ، فقررت أن تعيّنه سلطاناً مكان أخيه السلطان بعد قتله أيضا، ولكن محاولاتها باءت بالفشل.