التوقيت السبت، 02 نوفمبر 2024
التوقيت 11:29 م , بتوقيت القاهرة

المرأة ومجتمعاتنا العربية (2)

عندما نتأمل في واقعنا العربي نجد أن الموروث الشعبي يحوي ويحمل الكثير تجاه المرأة، فهناك الكثير من الأفكار التي تقلل من قدر المرأة وتنظر إليها لا ككائن عاقل له شخصية متميزة، ولكن باعتبارها أقل من الرجل، فمن الأمثال الشعبية: "النساء مقص أعوج"، وأن المرأة تُجيد التمثيل في العبادة والصلاة "لا تأمن للحرة إذا صلت ولا الخيل إذا أطلت ولا للشمس إذا ولت".


 ومن الأمثال الشعبية أيضًا ما يؤكد إن المرأة تحتاج للرجل لا من أجل الزواج في حياة تكاملية يكمل كل منهما الآخر، ولكن لمجرد إحساسها بالأمان فمن الأمثال: "ضل راجل ولا ضل حيطة"، و"حرمة من غير راجل زي الطربوش من غير زر"، و"جهنم جوزي ولا جنة أبويا".


 وكذلك تبين الأمثال الشعبية أن المرأة مخلوقة لإسعاد الرجل وتسليته فمن الأمثال : "اللي جوزها يحبها الشمس تطلع لها" و"بفلوسك بنت السلطان عروسك"، و"إللي مراته مفرفشة يرجع البيت من العشا"، و"خد المليح واستريح"، و"خد الحلو واقعد قباله وإن جعت شاهد جماله".


 ومن مظاهر العنف ضد المرأة في الموروث الشعبي أيضاً أن الأنثى لا تؤتمن على سر، فالمثل الشعبي يقول: "من أعطى سره لمراته ياطول عذابه وشتاته" و"الراجل ابن الراجل اللي عمره ما يشاور مراته"، "ولذلك يكثر بين العرب ضرب المثل بالمرأة من ضعف الرأي وانعدام الحكمة، ويقال (رأي نساء) تحقيراً للرأي, و(شاوروهن وخالفوهن)، وينسبون إلى الشيطان قوله: (سهمي الذي إذا رميت به لم أخطئ: النساء)، ولا يعني نفي الرأي عن المرأة سوى نفي العقل الذي تؤكده مرويات كثيرة منهاما يُنسب إلى حكماء يقولون: "النساء شر كلهن"، "لا تثق بامرأة"، "من أطاع عرسه فقد أضاع نفسه"، "ذل من أسند أمره إلى امرأة"، "من اقتراب الساعة طاعة النساء"، "لا تطلعوا النساء على حال ولا تأمنوهن على مال"، "اعص النساء وهواك وافعل ما شئت"، "هن عوادي يوسف"، "كرامة النساء دفنهن".


وفي مقارنة بين موقف الشرق والغرب من المرأة، تقول الأستاذة إقبال بركة في كتابها المرأة الجديدة: "بينما كان الرق في الغرب يلفظ أنفاسه الأخيرة طوال النصف الأول من القرن التاسع عشر، ظل في بلاد المشرق يعتبر من أمور الحياة الطبيعية، وعندما صدرت معاهدة برلين الدولية لإلغاء الرق عام 1855م  امتنعت الدولة العثمانية عن التوقيع عليها بحجة أن الإسلام لا يحرم الرق، وظلت الدول الإسلامية ممتنعة عن التوقيع على معاهدة الرق الدولية حتى انهارت الإمبراطورية العثمانية".


ومن المعروف عن حضارة مصر أنها من أقدم وأعرق حضارات العالم القديم اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وكان للمرأة مقام ممتاز عند القدماء المصريين، فكانت المرأة تعقد العقود، وتقوم بالأعمال التجارية، وتنهمك في الأمور السياسية, وتتولى المناصب القيادية، كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه المرأة لا مكانة لها في الحضارات الأخرى، فكان بعض الهنود القدماء يدفنون المرأة حية مع زوجها عند وفاته، وكان بعض الألمان القدماء يقامرون بزوجاتهم عند لعب النرد، وكان بعض الصينيين إذا توفى زوج المرأة تظل أرملة طول حياتها ولا يجوز لها أن تتزوج، فمصر الفرعونية كانت متقدمة جدا في موقفها من المرأة، وهذا ما يدعونا لأن نتساءل:
ماذا جرى اليوم للعقل المصري؟!!