قصة قصيرة مكررة
كان ياما كان، في هذا المكان والأوان يوجد فتاة. لا يهم اسمها ولا عمرها على وجه الدقة. كل ما يهم أنها فتاة ولدت وتعيش على هذا الجزء من الكوكب. تعلّمت في مدارسه، وتربت على إعلامه. وكبرت حتى بلغت من العمر السن الحرج.
والسن الحرجة هي السن الذي تظن فيها المرأة أنها على أعتاب فصول الجفاف. فالرجال في حياة المرأة كما المطر. تأتي بعض المراحل العمرية بفيضان منهم، ثم ينحسرون تدريجيًا أو فجأة. وبغض النظر عن الأسباب، يسبب الانحسار نوعا من الهزة النفسية لدى الكثير من بنات حواء.
تتسبب الهزة في إعادة تقييم سؤال "ماذا أريد؟". تبدأ كل منهن التفكير في القائمة المكونة لفتى أحلامها، وتبدأ في القص واللصق. تتنازل عن أشياء وتفتح عقلها لتقبل أشياء ما كانت لتقبلها في مواسم الفيضان.
بعد التقييم، تعدل بطلة قصتنا أحلامها للتوافق مع ما تتوقعه من موسم جفاف. وتقابل شخصًا ما كانت لتقابله لولا تلك التعديلات. وتنشأ بينهما علاقة، ما كانت لتنشأ لولا أنها تنازلت عما ظنته "ثوابت".
سيظن البعض أن هذا نجاح، مادامت قد حققت الهدف. ولكن لنترك تقييم النجاح والفشل لما بعد نهاية القصة.
من هو إذن فارس الأحلام المعدل؟
هو رجل يمر بالسن الحرجة أيضًا. والسن الحرجة للرجال هي السن الذي يظن فيه الرجل أنه لن يتمكن من "اصطياد" النساء بعده. هو في الأغلب في دائرة الأربعين عامًا. وفي المعتاد لديه أسرة وأطفال وحياة "سعيدة" مستقرة رغم كل ما سيسوقه من حجج لإثبات عدم سعادته في زواجه.
يدخل هذا الرجل هذه العلاقة باحثًا عن طريقة لكسر رتابة حياته، ومحاولًا استرجاع "عنفوانه"، وراغبًا في المتعة. في حين تدخل "هي" العلاقة باحثة عن فرصة "حياة" قبل موسم الجفاف.
يبحث هو عن "الدلع" وتبحث هي عن "الأمان". يرغب هو في "الجنس" وترغب هي في "مشاعر الحب" لا فعله.
يختلفان في الأهداف من قبل اللقاء ولكن رغم ذلك يلتقيان وتولد العلاقة ومعها الصراع. ففي حين أن الدلع والجنس مطالب يسهل تحقيقها، لكن الأمان والحب مطالب تحتاج إلى العمل الجاد والمثابرة.
ورغم الصراع، وفي المعتاد بمبادرة شخصية من الفتاة لتجاوز العقبات، تنشأ العلاقة. تقدم الفتاة المطلوب منها بدقة وتنتظر في المقابل ما وُعدت به. ولكنها مهما طال انتظارها لن تحصل على ما تريد.
لا لأن "شريكها" رجل سيئ كما ستظن وكما ستؤكد لها الصديقات. ولكن لأنها وتحت تأثير التهديد بموسم الجفاف فات عليها أن تقرأ ما لم يُخفه هو. طالب "الدلع" لا يستثمر في حب ولا أمان. فالدلع قصير الأجل مهما طالت مدته في حين الحب أبدي مهما بدا قصيرًا.
تولد مثل تلك العلاقات لتموت. يدخلها الرجل في الكثير من الأحيان لهذا السبب. وتدخلها المرأة في كل مرة هربًا من موسم جفاف وتتناسى في كل مرة أن الموت "عطشًا" هو المصير.