حرب الأفيون الأولى.. الأكثر نذالة في التاريخ
في القرن الثامن عشر الميلادي، فتحت بريطانيا أبواب الصين أمام تجارتها العالمية، ووقتها طلب الملك جورج الثالث من الإمبراطور الصيني شيان لونج توسيع العلاقات التجارية التي تربط البلدين، فأجاب الأخير: إمبراطورية الصين السماوية لديها ما تحتاج من السلع الأساسية، وليست في حاجة لاستيراد سلع إضافية من بلاد البرابرة.
وعندها، اشترى البريطانيون سلعهم من الشاي والحرير والفضة بعد دفع الثمن، ودفع العجز الإقتصادي في بريطانيا لزرع الأفيون في المناطق الوسطى والشمالية من الهند، ثم صدرته عن طريق شركة الهند الشرقية إلى الصين مرة أخرى.
أول شحنة.. بداية الأزمة
تسلمت الصين أول شحنة من الأفيون عام 1781، وقد لاقت تجارة الأفيون رواجًا في الصين فزاد حجم التجارة بين البلدين.
بدأ الشعب الصيني يدمن الأفيون بالفعل، وتمكّن الإدمان منه، فأصدر الإمبراطور الصيني يونغ تشينج عام 1829 مرسوما بتحريم استيراد المخدرات من الخارج، ومن هنا بدأت عملية التهريب.
لجأت بريطانيا إلى زرع كمية من الأفيون وتهريبه إلى الصين، ووصل حجم التهريب إلى 272 طنا في العام الواحد. وفي ذلك الوقت لجأ الصينيون إلى أي حيلة مقابل الحصول على الأفيون حتى لو اضطره الأمر لرهن البيت والحقل.
حرق الأطنان.. أزمة عالقة
في بداية عام 1829، تم تهريب 200 صندوق تحوي 608 جرامًا من الأفيون، وقدرت التكلفة الكلية لها وقتها 15 مليون دولار. وبقدوم عام 1892 وصلت الشحنة المهربة إلى 4000 صندوق حوت 272 طنًا.
وذهب ممثل شركة الهند الغربية بنفسه إلى مركز تصدير الأفيون، وأجبرهم على حرق طن منه، وسط احتفالية كبيرة شهدها الجميع.
بداية الحرب.. معركة صعبة
في هذه الفترة قامت الثورة الصناعية في بريطانيا، وأعلنت بريطانيا مبدأ حرية التجارة والتداول، وقد خرجت منتصرة من حروبها على الدول البحرية بالإضافة إلى حروب نابليون.
كانت بريطانيا تبحث عن منافذ بشكل دوري حتى تتمكن من توزيع موادها البدائية. وفي الثالث من مارس عام 1840 أرسلت بريطانيا سفنها المسلحة وقواتها إلى الأراضي الصينية حتى تفتح أبواب التجارة بالقوة، واستمرت الحرب في الفترة من 1840 إلى 1842، بعدها أحلت بريطانيا مقاطعة دينغ هاي من الصين في مقاطعة شين جيانج، واقترب الأسطول البريطاني من أبواب بكين.
ونتيجة لهذه الحرب، تم توقيع اتفاقية نان جنج 1842.
اتفاقية مذلة
بموجب هذه الاتفاقية، تنازلت الصين عن جزر هونج كونج لبريطانيا، وتحولت بعد ذلك إلى قاعدة عسكرية وسياسية. ثم فتحت بعدها 5 موانئ للتجارة، ولتعويض بريطانيا عن خسائر الحرب أيضًا، وتحديد التعريفة الجمركية للسلع البريطانية. وفقدت الصين سلطتها في فرض الضرائب. كما وقعت الصين على نسبة 5% على الصادرات البريطانية.
موقف بريطانيا الاستعماري دفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض سيطرتها، بل وطلبت نفس الحصة البريطانية على الأراضي الصينية، وفي عام 1844 وقعت معاهدة وانج شيا بالقوة، ففتح الباب لها ولفرنسا والسويد وبلجيكا لطلب امتيازات إضافية كان من ضمنها حق التبشير الكاثوليكي.