"الكشري" و"المحشي" و"الفلافل" ليسوا أكلات مصرية
يلعب الجوع دورا كبيرا في حياة الإنسان، ويدخل الطعام في عناصر تشكيل ثقافته، لأنه يعكس الذوق العام للمجتمعات المختلفة، بل ويحكي عن التاريخ ويسلط الضوء على حلقات مفقودة منه.
والمطبخ المصري، في حقيقة الأمر، يُعد خليطا من عدة مطابخ تنوعت جذورها الثقافية، لتتشابك وتكون الأكلات الشعبية المصرية، لذا يأخذك "دوت مصر" إلى رحلة داخل المطبخ المصري، للتعرف على أصول الأكلات المصرية والحكايات التي تدور حولها.
"الكشري"
الكشري من الأكلات المصرية الأصيلة، ولكن هناك روايات تقول إن الكشري ليس أكلة مصرية كما يظن المصريون.
يروى أن أول من ذكر الكشري في التاريخ هو "ابن بطوطة"، في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، الذي قال فيه إن الهند يطبخون المنج (الشعير) مع الأرز ويأكلونه بالسمن، ويطلقون عليه كشري ويفطرون به كل يوم.
ولكن هناك من قال إن المصريين عرفوا الكشري عند اندلاع الحرب العالمية الأولى، وقت مجىء الجنود الهنود مع القوات البريطانية عام 1914، وكان الكشري الهندي خليطا من الأرز والعدس أبو جبة ويطلق عليه "كوتشري".
ويتضح من كل الروايات أن المصريين عرفوا الكشري عن طريق الهند، فمن خلال حركة البيع والشراء مع جنود الهند انتشرت هذه الأكلة داخل أحياء القاهرة، وأحب الإيطاليين الذين كانوا يسكنون مصر في هذا الوقت هذه الأكلة وأضافوا لها المكرونة.
ثم أصبحت الوجبة على ما هي عليه الآن، عن طريق إبداعات المصريين لإكمالها، حيث أضافوا النكهة المصرية، مثل: "الصلصة الحمراء الحارة، الدقة، البصل المحمر، الحمص".
"الملوخية"
أكلة مصرية قديمة، انتقلت إلى البلدان العربية، وهناك عدة روايات تتعلق بنشأة الملوخية ومعرفة الناس بها.
الرواية الأولى هي أن الملوخية كانت نباتا قديما في عهد الفراعنة، يسمى "خية"، وكان يعتقد المصريون أنها سامة، وعندما احتل الهكسوس مصر، وطمسوا معالم الحضارة الفرعونية، أجبروا المصريين على تناولها و كانوا يقولوا لهم: "ملو - خية" أي كلوا "خية"، وبعدما تناولها المصريين وظنوا أنهم حتما ميتون، لكنهم اكتشفوا أنها غير سامة وأنها صالحة للأكل.
أما الرواية الثانية والثالثة فبينهما تشابه، وتقول الرواية الثانية إن الخليفة الحاكم بأمر الله أصدر قرارا بمنع أكل الملوخية على عامة الناس، وجعلها أكلة الأمراء والملوك، فسُميت "الملوكية"، ثم حرف هذا الاسم إلى "الملوخية".
والرواية الثالثة تقول إن العرب تعرفوا على الملوخية في زمن المعز لدين الله الفاطمي، حيث أصيب بألم حاد في أمعائه، فأشار أطباؤه بإطعامه الملوخية، وبعد أن أكلها شُفي من المرض، فقرر احتكار أكلها لنفسه والمقربين منه، وأطلق عليها من شدة إعجابه بها اسم "الملوكية"، أي طعام الملوك، وبمرور الزمن حرفت التسمية إلى الملوخية.
"الفلافل"
الفلافل أو الطعمية هي جزء لا يتجزأ من المطبخ المصري، فهي جزء من الفطار اليومي لدى المصريين، ولكن هناك من يقول إن أصولها ترجع إلى بلاد الشام، وانتقلت إلى المطابخ العربية بعد ذلك، أما اليهود فيؤكدون أن الفلافل عبرية المنشأ.
وهناك رواية تقول إن الأقباط المصريين أول من اخترعوا هذه الأكلة، فكانت لها مكانة كبيرة لديهم، لدرجة أنها حلت محل اللحوم في أوقات الصيام، وانتشرت الفلافل من أقباط مصر إلى بلاد الشام.
بينما تقول بعض الروايات إن الفلافل أكلة فرعونية الأصل بأدلة كثيرة منها أن الاسم المأخوذ من "الفلفل"، وأن كلمة فلافل مكوّنة من ثلاثة أجزاء "فا" "لا" "فل" بمعنى ذات الفول الكثير.
"المحشي"
هي أكلة عثمانية عرفت في العديد من البلدان، وأصبحت أكلة مشهورة في بلاد الشام ومصر والعراق وتركيا والبلقان والقوقاز.
ورغم أن أكلة المحشي ليست مصرية الأصل، لكنها تعد من الأكلات المفضلة لدى المصريين، فإذا كنت مدعوا لتناول الطعام في أحد البيوت المصرية، فأغلب الظن أنك ستجد المحشي على المائدة.
"بيتزا.. أكلة الفقراء"
كان هناك بائع جوال في الأحياء الفقيرة في نابولي الإيطالية، يبيع خبزا مفرودا مزخرفا ببعض الأعشاب ويطلق عليه "بيتزا"، وكان الفقراء يقبلون على شرائه لقلة سعره، ومع زيادة إقبال الناس عليه أخذ هذا البائع يتفنن في إعداده.
وفي يوم من الأيام، كانت الملكة مارجريتا وزوجها، يجريان جولة لتفقد أحوال الرعية، فرأت الملكة عددا كبيرا من الناس يتزاحمون على هذا البائع، فأعجبها شكل الخبز وتذوقته، فأصبحت تخرج خصيصا لذلك البائع لتناول البيتزا.
ولكن رئيس مطبخ لم يعجبه خروج الملكة إلى هذا الرجل، فحضرّه وأضاف إليه شيئا من الصلصة والريحان الأخضر والجبنة الموتزاريلا، ممثلا بذلك العلم الإيطالي في ذلك الوقت الذي كان مصدر إلهامه، فاشتهر ذلك الخبز باسم الملكة ليطلق عليه "بيتزا مارجريتا".
"الشاورما"
تعد من أكثر الأكلات انتشارا في الدول العربية، تعرفنا إليها من خلال المطبخ السوري، ولكن هناك رواية تقول إنها من أصول تركية وليست سورية، وأنها جاءت من تركيا مع الحجاج الأتراك، القادمين إلى الحجاز عبر الأراضي السورية، ويحكى أن الأتراك في أثناء استراحتهم في سوريا وقت السفر، كانوا يضعون أسياخا من الفحم أمام النار، ومن هنا عرف السوريين الشاورما وأصبحت ضمن أكلاتهم الشعبية.
لتظهر رواية أخرى، تقول إن الشاورما ليست تركية الأصل، ولكنها جزائرية المنشأ، فهي من اختراع مدينة التقية الجزائرية، منذ آلاف السنين، ويطلقون عليها "مانيما".
"كفتة داوود باشا"
هي أكلة تركية الأصل، انتقلت إلى مصر حين أحضرها الوالي العثماني داوود باشا إلى مصر، والذي كان مغرما بها وطلب من الطهاة إعدادها له، ويقال إنها سُميت باسمه لأنه عاقب أحد الطهاة لخطأه في أثناء إعدادها له.
يذكر أن بعض المصريين كانوا يضعون خاتما فضيا في الكفتة، كدلالة على الحظ، فمن يجده في صحنه (طبق) يعتبر صاحب حظ كبير.
"السوشي"
كانت في البداية طريقة لحفظ السمك من التعفن لدى اليابانيين، حيث يقطعون السمك إلى قطع صغيرة ويضعونها داخل الأرز المملح، ولكنها تحولت إلى أكلة في القرن السابع عشر في الصين ثم إلى اليابان.
"أم علي"
تشتهر كطبق حلوى محبب لدى الشعوب العربية، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى "أم علي" زوجة عز الدين أيبك، أول سلاطين المماليك بعد الأيوبيين، وهو زوج شجرة الدر التي تزوجته بسبب رفض مماليك الشام أن تتولى حكمهم امرأة.
وفي فترة من الفترات ساءت علاقة "شجرة الدر" بـ"أيبك"، بسبب تسلطها على الحكم وحياته الشخصية، حيث كانت تمنعه من زيارة زوجته الأخرى أم ابنه نور الدين، فقررت شجر الدر التخلص من عز الدين أيبك في أثناء استحمامه داخل قلعة الجبل على أيدي عدد من الخدم، فعلم الجميع بجريمة القتل.
فأمرت أم نور الدين جواريها أن تقتل الملكة شجرة الدر ضربا بالقباقيب، ثم نصب ابنها علي بن عز الدين أيبك سلطانا، وبهذه المناسبة أمرت والدته بخلط مزيج من الحليب ورقائق الخبز الأبيض مع السكر، وتوزيعها على الناس لمدة شهر، لذلك سميت هذه الأكلة بـ"أم علي" نسبة إليها.
"البقلاوة"
سميت بهذا الاسم نسبة إلى اسم زوجة السلطان التركي "بقلاوة"، عندما صنعتها له حينما طلب منها أن يتذوق حلوى ليس لها مثيل، فحضرّت البقلاوة له، عن طريق الإتيان بشرائح الجلاش ووضع بين كل طبقة والأخرى السمن، ووضع الحشو في منتصف الطبقات، وإدخاله الفرن، ثم وضع العسل عليه عند إخراجه من الفرن، وقدمت الزوجة طبق الحلوى للسلطان، وعندما تذوقها أكد على مهارتها وحسن عملها.
"القطايف"
هناك تضارب كبير حول أصولها، فبعض الروايات تقول إنها تعود إلى العصر العباسي، وبعضها يرجعها إلى العصر الأموي، وهناك روايات أخرى ترجعها إلى العصر الفاطمي،علما بأن أول خليفة أموي يأكل القطايف كان عبد الملك بن نروان.
ويعود تسميتها بهذا الاسم إلى تهافت الناس عليها، حينما أعدها صانعو الحلويات، وحشوها بالمكسرات، وصبوا عليها شربات، فاقطتفها الضيوف من شدة إعجابهم بها، لتُعرف بعد ذلك باسم "القطايف".