التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:19 ص , بتوقيت القاهرة

حوار| زين محمود: أحلم بتأسيس مدرسة لتعليم الفن الشعبي

قضى حياته بين القاهرة ومرسيليا الفرنسية، الشيخ زين محمود "الفرنسي" الذي وُلد في المنيا، ويعشق الفن والتراث، كل همه الآن إعادة إنتاج التراث الغنائي الشعبي مرة أخرى، بعد أن انقرض، بحسب تعبيره، لذا يقيم من حين لآخر مجموعة من الورش لتعليم التراث لجيل جديد من الشباب.


عرفه الجمهور لأول مرة، بكلمات الأخطل الصغير، وقصيدة "يبكي ويضحك"، التي تغنت بها السيدة فيروز، حيث أداها بشكل مختلف في فيلم "باب الشمس" للمخرج يسري نصر الله، ونالت الأغنية بعدها شهرة واسعة أكثر من الفيلم نفسه، وتساءل الجميع: من هو صاحب هذا الصوت؟ إليكم حوار "دوت مصر" مع الشيخ زين محمود، لتتعرفوا عليه أكثر.



- متى بدأت علاقتك بالفن والغناء الشعبي؟


بدأت علاقتي بالفن منذ أن كان عمرى ثلاثة عشر عاما بغناء المديح وقراءة القرآن، وكنت مغرما بالفن الشعبي، واستمعت كثيرا إلى عم جابر أبو حسين في السيرة الهلالية على إذاعة الشعب، وكان حلمي الأكبر غناء الفن الشعبي والسيرة الهلالية والموال القصصي وليس فقط الاستماع إليهم، فرحلت إلى القاهرة، لأبدأ مع فرقة الورشة، وأتعلم الفنون الشعبية والسيرة الهلالية، مع المنشد الكبير سيد الضوي، وكان عمري وقتها 24 عاما.


- ما الفرق بين الفن في مصر وفرنسا، عقب تجربتك الفنية هناك؟


هناك اختلاف كبير، فلا شك أن الفن المصري له تأثيره على كل الثقافات، وهي أكثر سمة تميزه، ولكن الجمهور في فرنسا يستمع أكثر، ولديه فضول يدفعه للتعرف على أنواع جديدة من الفن، ولهذا اهتم بالفن الشعبي المصري الذي يختلف كثيرا عن الموسيقى الرائجة هناك، أما في مصر فلم يتم الاهتمام بالتراث الغنائي إلا في فترة قريبة، حين بدأ الشباب المصري في التعرف على التراث والاهتمام به، وهذا شيء مشرف جدا من وجهة نظري.



- ماذا عن عملك الفني في فرنسا؟


منذ أن سافرت إلى فرنسا أسست مدرسة "بيت الثقافة الشرقية" في مرسيليا، وفرقة "كورال الشيخ زين" للغناء الصوفي، بالإضافة إلى "كورال فلكلور" للغناء الشعبي والسير الشعبية، هذا بالإضافة إلى تعليم الناس، فبعضهم يفضل الدروس الخصوصية، والبعض الآخر ينضم إلى الورش التي أنظمها بقرى مرسيليا ومونبلييه وبواتييه وغيرها من الأماكن.


- هل هناك منشدين أجانب ممن تعلموا على يد الشيخ زين؟


لا يوجد منشدين بمعنى الكلمة، ولكن يمكن أن نطلق عليهم مريدين، يوجد 6 بنات كن تلميذاتي على مدار ثلاثة أعوام، في إحدى الورش هناك تعلمن الغناء ولديهن موهبة وصوت جيدان، قمت بضمهن إلى فريق كورال الشيخ زين، وهن الآن مريدات ولسن منشدات، لأن الإنشاد كلمة كبيرة "مش أي شخص ينشد، نطلق علية لقب منشد".


- إذن من الشخص الذي يطلق عليه لقب "مُنشد"؟


المنشد هو الشخص القادر على الإنشاد من قلبه، لكي يصل المعنى إلى الجمهور، والإنشاد ليس قاصرا على حلاوة الصوت والاحتراف في الغناء.


- هل هناك اختلاف بين الجمهور الذي يحضر حفلات للشيخ زين في فرنسا ومصر؟


نعم هناك اختلاف كبير، لا يوجد في فرنسا حميمية ودفء بينك وبين الجمهور مثل هنا، ولكن الجمهور في فرنسا يستمعون إليك جيدا على عكس هنا في مصر، ففي أثناء الحفل نسمع أحاديث الناس المتفرقة "دوشة"، وفي مصر الجمهور يساعدك في صنع حالة غنائية فريدة من خلال الاندماج والغناء معك.


- من وجهة نظرك، ما هي المشكلات التي تواجه فن الإنشاد في مصر؟


ليس فقط فن الإنشاد هو ما يعاني من المشكلات داخل مصر، ولكن التراث بأكمله يعاني من المشكلات سواء كان "السيرة الهلالية أو الأغاني الشعبية أو الموال القصصي..."، وللأسف لا يوجد اهتمام بتراثنا القديم، رغم وجود عدد من فرق الأندرجراوند التي ظهرت وانتشرت، لكن ليس هذا هو الفن الخاص بنا، لأن التراث القديم له أصول مختلفة، ويتطلب عملا وجهدا على المسرح، يختلف تماما عن الآلات التي يستعين بها الباندات التي تنتج أصوات فقط.


- ما الواجب فعله من أجل استرجاع التراث القديم والحفاظ عليه؟


والله أنا حاليا أعمل على عدد من الورش لتعليم الشباب تراثنا القديم، وهناك عدد كبير من الشباب بالفعل انضموا إلى هذه الورش، ولكن هناك مشاركة كبيرة من جانب البنات، والورشة تضم الآن 25 مشتركا، حيث زاد عدد المشاركين، فقد بدأت هذه الورشة بـ6 مشتركين فقط، وهذا دليل علي وعي الشباب.



- ماذا عن الأصوات الجديدة؟


الحمد لله، هناك أصوات جيدة قادرة على الغناء في الحفلات الكبيرة، وأنا طلعت منهم 6 أصوات رائعة، غنوا معي في حفل مركز "الربع" الثقافي، يوم الخميس 19 فبراير.


- بم تشعر عندما تغني وتنشد؟


هناك حالة تنتابني عند الغناء، فكل لون من الغناء له حالة خاصة أشعر بها، عندما أغني "صوفي"، وهو غناء روحاني في حب الرسول، يكون له حالة مختلفة، حيث أغمض عيني وأعيش مع الكلمات، وأهم شيء فيه، أن يكون الكلام مصدره القلب حتى يصل إلى قلب الجمهور مباشرة.


أما الفن الشعبي لا بد أن يكون المغني لديه القدرة على إعطاء الجمهور طاقة توصيل المعنى من "الموال أو السير الشعبية"، أما السيرة الهلالية فالموضوع مختلف هنا لأنه يتتطلب منك أن تعيش مع الحدوتة من خلال رؤية "العرب والحرب والجبل.. كل شيء"، حتى تكون قادرا على حكايتها بصدق شديد، لأن الغناء "مش إني أحفظ حاجة وأروح أغنيها كده وخلاص"، حينها بالتأكيد لن تصل إلى الجمهور.


- ما هو أكثر جزء مفضل بالنسبة لك من السيرة الهلالية؟


السيرة كلها حلوة، لكن أكثر جزء مفضل عندي للغناء هو "مقتل عمرو خفاجي".

- هل فكرت في تقديم مشروع للدولة للارتقاء بالفن؟


أنا أعمل على عدة مشروعات والدولة على علم بذلك، ولكن لا حياة لمن تنادي، لست بحاجة لتقديم مشروع حتى تهتم الدولة، لأن هناك تليفزيون يصوّر الحفلات، وجرائد تكتب أخبار عن الورش التي أقيمها، وإن كان هناك من يهتم بالارتقاء بالفن، والمحافظة على التراث القديم، لا بد أن يسعى وراء الموضوع، أنا أعمل بمجهود ذاتي، ولم أطلب شيئا من أحد، ومن المفترض أن يوجد مسؤولين في البلد يهتموا بهذا، ولكن لا يوجد أي اهتمام.


- لماذا لا يوجد جيل جديد من الشباب من المهتمين بالتراث القديم وفن الإنشاد؟


لأن كل منشد بيقول "يلا نفسي وخلاص"، لا يوجد لديه حب في تعليم غيره ما تعلمه "أنا ومن بعدي الطوفان"، وأنا أحاول العمل على ذلك من خلال الورش لتخريج جيل جيد وجديد وأصوات مختلفة.


- لماذا لم تفعل مثلهم؟
لأني بالفعل أخذت فرصتى وتعلمت فلازم أساعد هؤلاء الشباب في الوصول مثلي، ولأن هناك أصوات كثيرة في بلدنا حلوة، ولكنها مدفونة، فيجب علي مساعدتهم في الخروج إلي النور.


- لماذا سافرت إلى فرنسا وتركت مصر؟


 سافرت "علشان اتخنقت"، فأنا أريد تحقيق حلمي ولا أستطيع تحقيقه هنا، فقررت السفر أملا في تحقيقه في الخارج، وأني أجد هذه المدرسة بالخروج من مصر.


- هناك فنانون مصريون يقدمون عروضهم في الخارج، لماذا لا يقدمونها هنا؟


لا أعرف لماذا، من الممكن أن يكون هذا رغبة في الربح، فهذا أمر يرجع إلى شخصية كل فرد وأسبابه.


- ما هي أحلامك؟


أنا حلمي هو وجود أكثر من 20 فرقة فن شعبي في مصر، يقدمون عروضهم في جميع المحافظات حتى يعيش هذا الفن.


- ماذا تحتاج من أجل تحقيق هذا الحلم؟


كل ما أحتاج إليه هو "مكان" توفره الدولة لي لتأسيس مدرسة لتعليم الفن الشعبي، أنا أعطي الورش في "بيت السناري" ولكنني لا أجد راحة فيه، لأن المكان مفتوح، وبه ندوات وفعاليات أخرى، وأنا بحاجة إلى مكان مغلق لعمل الورشة، ولكن رغم ذلك كل الشكر لـ"بيت السناري" فهم ساعدوني وأعطوني المكان.


- هل تحدثت مع أحد المسؤولين من أجل توفير مكان لك؟


لا، لأني ببساطة لا أعرف أي من المسؤولين.



- هل سنرى الشيخ زين محمود في تجربة مسرحية جديدة قريبا؟
لا، لأن كل همي الآن هو "الفن الشعبي"، فمنذ 1994 بدأت تعليم الناس الغناء الشعبي، وساعدت في صعود فرق كثيرة، الموضوع هنا لا يقتصر على حب النفس، لأني أحب هذا الفن، فأحب أن ينتشر ويظهر جيل جديد يتغنى به ويحافظ عليه.


- مَن مِن المنشدين تحب أن تستمع لهم؟


شيماء النوبي إحدى العضوات بفرقتي، وربيع زين ليس فقط لأنه ابني، ولكن لأنه يمتلك روح كبيرة في الغناء ومهتم بهذا الفن، بالإضافة إلى أن ربيع يبلغ 25 عاما ويدرّب الناس على الغناء، فهذه هي الروح التي أحتاج إليها وهي حماس الشباب.


- هل هناك اختلاف بين الشيخ زين محمود وربيع زين؟


بالتأكيد هناك اختلاف، ربيع يحب عمل كل شيء في نفس الوقت، أما أنا أفضل ترتيب أولوياتي، فأشتغل على شيء، وبعد أن أنتهي منه ابدأ في غيره، على سبيل المثال، تعلمت "السيرة" على مدار أربعة سنوات من عام 1994 إلى 1998، ثم بدأت بعد ذلك في تعلم "الموال القصصي والأغاني الشعبية".


- ما رأيك في فرق الأندرجراوند؟


"في مليون حاجة طلعت بس مش هو ده التراث بتاعنا"، تلك الفرق "مزوقة"، والسؤال المطروح هنا، أين الأصل؟ لذلك أنا أسمع أم كلثوم فقط.
 
- وماذا عن قرار العودة إلى مصر؟


اتخذت قراري بالعودة إلى مصر نهائيا منذ خمسة أشهر، وبالفعل زرت مصر كثيرا في الفترة الأخيرة، على عكس الفترات السابقة، كنت لا أعود إلى مصر إلا في شهر واحد وهو رمضان، ثم أسافر إلى مرسيليا مرة أخرى.


- ما جديد الشيخ زين محمود في الفترة المقبلة على المستوى الفني؟


أفكر الآن في عمل فريق كورال كبير، وبعد ذلك سأبدأ في تقسيم كل مجموعة إلى فرق ليكون لهم تجربتهم الغنائية الخاصة بهم، وبالفعل أعمل على تأسيس هذا الفريق، وهناك 8 أعضاء يعملون معي في الفرق الكبيرة كنوع من التدريب، وبعد أن يثبتوا قدرتهم على تأسيس فرقهم الخاصة، سأفصلهم عني.