حفلات تاريخية لأم كلثوم (3)
سنة 1997 كان عمر بطيشة مسئول الإذاعة بـ يحط خريطة البرامج، ووقع فـ إيده تسجيل لـ حفلة من حفلات أم كلثوم في الأربعينات. الحفلة دي كانت الإذاعة مانعة إذاعتها بعد 1952، ومخبياها (للأسباب اللي هـ نشوفها بعدين) لـ حد ما اكتشفها جلال معوض (المذيع الشهير)، لكن كمان مكنش يقدر يذيعها، وفضل التسجيل مجمد لـ حد ما وقع في إيد بطيشة.
الراجل قال لك: خلاص، الحكاية قدمت، والدولة ما بقاش عندها الموقف الحاد من الملكية، وشريط زي ده ممكن يبقى "انفراد" للإذاعة، فـ قرر يذيعها في ليلة عيد الأضحى وقتها.
الحفلة كانت يوم الأحد 17 سبتمبر 1944، اللي كان موافق 29 رمضان، وصابح عيد الفطر، وكانت في النادي الأهلي، وكالعادة كانت كومبليت، والفرقة عزفت في الوصلة الأولى مقطوعة موسيقية للقصبجي اسمها "ذكريات".
المقطوعة دي فيه ناس بـ تتعامل معاها بـ اعتبارها مقدمة لـ "رق الحبيب"، بس هي منفصلة، والخلط ده بـ يخلي ناس أوقات تقول إن أم كلثوم غنت في الوصلة التانية "رق الحبيب"، بس هي غنت "حبيبي يسعد أوقاته" اللي عملت السيناريو المثير للحفلة.
أثناء الوصلة التانية، وأم كلثوم بـ تغني "حبيبي يسعد أوقاته"، اللي فيها: "الليلة عيد.. الليلادي عيد.. وإنت حبيبي"، وقبل ما توصل أم كلثوم للحتة دي، دخل الحفلة الملك فاروق، فـ وقفت أم كلثوم، وبدأ الحضور في الهتاف للملك لأكتر من خمس دقايق كاملة، وبعدين استمرت أم كلثوم في الغُنا، ولما وصلت عند "الليلة عيد" غيرت القفلة وخلتها: "الليلة عيد وإنت مليكي".
بطيشة بـ يستنتج من كده إنه قد إيه الشعب كان بـ يحب الملك، والواحد مش متأكد إذا كان كريمة المجتمع، اللي عندهم قدرة على دفع تذكرة حفلة لأم كلثوم ينفع يتقال عليهم "الشعب" على عمومه وإطلاقه، وده مش معناه إني بـ أشكك في شعبية الملك، لأن ده موضوع تاني، جايز ما يهمنيش بـ شكل شخصي، ناهيك عن إن الشعبية مش حاجة ثابتة، ومش بالضرورة اللي كان سايد 1944، يبقى هو نفسه في سنة 1950 مثلا، أنا بس عايز أشاور على النوع ده من الأحكام والاستنتاجات.
الوصلة التالتة، الأهم، هي اللي أم كلثوم غنت فيها: "يا ليلة العيد آنستينا"، وقبل كده حكيت بـ التفصيل حكاية الأغنية دي، وازاي أم كلثوم عملت فيها تغييرات من ساعة أول مرة غنتها، لـ حد النسخة اللي اتعودنا نسمعها من طفولتنا في الراديو.
بس اللي عايز أقوله إنها غيرتها تاني في سياقات أكتر من كده، زي ما هـ نشوف الحفلة اللي جاية.
طبعا، الملك راح أنعم على الست بـ نيشان الكمال، اللي بقت بسببه "صاحبة العصمة". والنيشان ده عمل دوشة كبيرة، جوه العيلة المالكة وبراها.
اللي بس عايز أكد عليها إن الكلام عن منح أم كلثوم لـ نيشان الكمال كان نكاية في أسمهان، كلام يفتقد للمنطق، لأن أسمهان اتوفت، أو اغتالوها، قبل الحفلة دي بـ شهرين، والأقرب بالنسبة لي هو إن له علاقة بـ إن شريف باشا (خال الملك، واللي اتسمى على اسمه الشارع الشهير في وسط البلد) كان المفروض يتجوز أم كلثوم.
جايز يكون فيه علاقة بين الجوازة دي اللي ما تمتش، وبين أسمهان قبل ما تتوفى، خصوصا الكلام إن الجوازة دي كانت رغبة نازلي أم فاروق، لكن النيشان نفسه مالوش علاقة.
على جنب كده: الحفلة دي، كانت بعد فترة قليلة من منح فاروق اسمه لـ نادي المختلط، اللي بقى بعد كده نادي الزمالك، غريم النادي الأهلي التقليدي.
عموما، حفلة أم كلثوم اللي جاية بره مصر، وتفاصيلها أكثر إثارة.