فيديو| كيف تنام كالمدن القديمة؟.. اسأل شيراز الفارسية
يحكي المصور "جاي برودي" في موضوعه المنشور عبر موقع The Guardian، في يوليو الماضي، عن المشهد الموسيقي في إيران من الداخل، تحديدًا في العاصمة طهران، في دولة يجر عليك الجيتار الكهربي فيها متاعب أفراد الحرس الثوري.
قال برودي إنه كان يعتقد أن الإعلام يملك صورة مغلوطة عن إيران، بأنها أرض للإرهابيين والمتعصبين دينيا، يكرهون الغرب بكل تفاصيله، مؤكدا أنه من الخطأ الاعتقاد أن النظام الإيراني هو انعكاس للشعب الإيراني.
وأوضح إنه في أثناء زيارته إلى طهران دُعي إلى شقة حولها أصحابها لاستديو للصوت، تسمح بتسجيل وإعداد ولعب موسيقى الروك التي يحرمها عدد من رجال دين إيران وشرطتها، وإنه التقى بهذا الاستديو نحو 3 فرق تلعب موسيقى الروك في حفلات خاصة، بعيدا عن عيون "البسيج".
الفرق التي التقاها، ما بين آواخر العشرينات وأوائل الثلاثينيات، ذا مستوى متواضع، إلا أن لهم امتياز ممارسة موسيقاهم وسط كم هائل من التضييقات، منها فرقة تسمي نفسها Langtunes ، كانت تستعد ساعتها لرحلة أوروبية مع الموسيقى.
ما يحكيه جاي برودي مبشّر بأن الموسيقى تجد لها مكانا وسط نظام ديني يحرّم ممارستها، ويتعقب ممارسيها، هناك بُشرى خير.. موسيقيون يلعبون الروك، ويخالفون قوانين عديدة تحت سماء فارس، هناك فنون تحاول أن تحيا هناك.
مهرجان شيراز للفنون
عند مقارنة الوضع بعد نحو 35 عامًا من الثورة الإسلامية، بما كانت عليه أحوال إيران قبل الثورة، سنجد الأمر محبط، فقبل نحو 12 عامًا من الثورة، كانت شيراز، واحدة من أهم المدن الإيرانية، مدينة الشعر والأدب والورد والنبيذ، كانت مدينة من "ألف ليلة وليلة"، تستضيف مهرجانا للفنون يحمل اسمها، وكانت قبلة موسيقيين ومبدعين كثيرين حول العالم، في الموسيقى والسينما والفنون البصرية التي تميزت بها "بيرشا" بلاد فارس.
الستينات.. وما أدراك ما الستينات!
في 11 سبتمبر 1967 افتتحت الملكة الفارسية فرح بهلوي أول دورة لمهرجان شيراز للفنون، ليكون مهرجانا سنويا لاستضافة الفنون من حول العالم، وتتابعت دوراته 11 دورة، حتى 1977، بمتابعة إعلامية كبيرة من التليفزيون والإذاعة الفارسية، وضم حفلات موسيقيى وعروض مسرح عقدت بين أطلال مدينة بيرسبوليس القديمة.
الموسيقي الهندي العالمي رافي شانكر في مهرجان شيراز للفنون
على مدار 11 دورة، احتفى مهرجان شيراز بالفنون الفارسية، الموسيقى والشعر والسينما والمسرح، كان لإيران مشهدًا فنيًا رائعًا، تستقبل المبدعين الأشهر حول العالم، موسيقيون وممثلون وفنانون، حتى أن الموسيقار وعازف البيانو الأمريكي دوك إلينجتون صنع موسيقى تحتفي بإيران، وقدمها في الدورة الثالثة لمهرجان شيراز عام 1969، باسم أصفهان.
كيف تنام كالمدن القديمة؟
لتنام كالمدن القديمة عليك أن تسأل الروائي الدكتور يوسف زيدان، أو تسعى وراء مدينة قديمة نائمة، هناك مرحلة النعاس، منذ 1971 حتى 1979، كان الأمن فيها يلاحق ويضيق على حركة خلق، والفرصة أمام رموز دينية شيعية للاستئثار بالشارع، الشاه لا يحب عدة مظاهر إسلامية منها الحجاب الذي مُنع بقرار ملكي، حالة من التضخم تسري في الأسواق، جهاز الأمن يملك ميزانيات ضخمة والدولة تتبع سياسة تقشفية، والمهرجانات والاحتفالات يُنفق عليها ببذخ.
الحركات الإسلامية بقيادة خُميني تتصاعد ضد الشاه، ولا قدرة على احتوائها، حزب "راستاخيز" البعث الذي أسسه الشاه وفرض عضويته على كل إيراني بالغ عاقل، وسّعت من دوائر الغضب الإيرانية التي تقاطعت حتى قامت ثورة شعبية، قادتها المجموعات الأكثر تنظيمًا، خميني وشيعته وانضم لها التنظيمات اليسارية الأخرى، هرب الشاه، وهرب كثير من الفنانين خارج إيران ما بين عدة دول أوروبية وولايات أمريكية هادئة.
وبعد نحو 2508 أعوام على نشأة الإمبراطورية الفارسية، نامت المدن الإيرانية القديمة، وصعد الخميني للحكم في فبراير 1979، ونسيت شيراز مهرجان فنونها ولم تنس الاحتفال بـ"يوم حافظ"، لسان الغيب، شمس الدين محمد حافظ الشيرازي، شاعر فارس الأول، الذي يحفظ كل فارسي جزءًا من شعره، ويحتفل الإيرانيون سنويًا بيومه في مقام الحافظية، مقبرة حافظ، وتمنع الشرطة الإيرانية الموسيقى كونها بدعة وحرام كما يراها رجال الدين هناك.