التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 12:28 م , بتوقيت القاهرة

كوني له شكرية.. يكن لكِ عبد الشكور

لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.


كم أتذكر هذا القانون وأتذكر باقي قوانين الفيزياء عندما أستمع أو أشاهد أحد الأشخاص وهو يختصر علاقة الزوجين بعبارة كافية شافية بها كل الحلول لكل ما يواجهانه من مشاكل: "كوني له أنثى، يكن لكِ رجلاً"!


هكذا، بمنتهى البساطة، فعل شرط وجواب شرط. وكي لا تقع كل المسؤولية على "الست الغلبانة"، ظهر على استحياء من يحاول أن يهمس في أذن الزوج أيضاً: "كن لها تكن لك"، حتى لا يُقال علينا أننا مجتمع ذكوري.


هذه المواقع ومَنْ يتبنونها من السادة مستشاري العلاقات الزوجية يذكرونني- ببساطة- بالأخ "صالح" أحد أفراد العائلة الذي حضر على عَجَلٍ بعد اتصال الجيران به عندما سمعوا أصوات الأطباق "الصيني" وهي تتكسر، ورأوا من نافذة غرفة المعيشة الأخ عبد الشكور وهو ماسك الأخت شكرية من شعرها، والتي بدورها قد غرست أسنانها في ذراعه، فيأتي صالح ويجلس مع شكرية على انفراد في زاوية من الصالة، ثم يجلس مع عبد الشكور فى الزاوية الأخرى، وبعد تكرار الجولات بينهما يُمسك بيد كل منهما قائلاً لهما: "بوسوا بعض".


أعتقد أن مثل صاحبنا "صالح" هو من فكر في عمل مثل هذه المواقع، متذكرًا كلامه لشكرية حينًا، ومتذكراً كلامه لعبد الشكور حيناً آخر. ومن هنا جاءت فكرة "كوني له، يكن لك" و"كن لها، تكن لك"،


الغريب أن الأمر قد وصل للجرائد، فعلاً، فقد وجدت مقالاً في جريدة "اليوم" السعودية بعنوان "كوني له جاريةً، يكن لك عبداً!"


وبغض النظر عن نوعية النصائح الموجهة للزوجة فى الأغلب وللزوج أحيانًا، فأنا لن أحلل هذه النصائح تماماً، فالأمر أشبه بأن الزوجين محل النصح قد أتيا من المريخ، ألم يتعامل أيٌ منهما مع الجنس الآخر سابقاً؟ ألم يتناقشا مع إنسان من قبل؟ وهل هناك شهادة ضمان تضمن أن يكون الزوج لزوجته "مهند" إن كانت هى له "نور"؟


يا أسيادنا، العلاقات الإنسانية مختلفة- كل الاختلاف- عن القوانين الفيزيائية، فطبيعة كرة التنس التي ترتد لك إن قذفتي بها الحائط مختلفه تماماً عن طبيعة رأس زوجك الذي تريدين أن تملكيه (والكلام لكليهما) قد تكونين له "مشمشا" ويكن لكِ "قلقاساً"، وقد تكونين له "سبانخ" ويكن لكِ "قلقاساً" أيضاً، وهناك مجموعة لانهائية من التباديل التي قد تنتج من كونك له "أنثى" أو كونه لك "رجلاً".


المسألة، ببساطة، هي أننا لم نتعلم كيف نتعامل مع الآخر بشكل عام والجنس الآخر بشكل خاص. لم نتعلم أن هناك دائماً شيئاً أساسياً في حياتنا مفقود يسمى "الدائرة المستديرة" أو "طاولة الحوار".


الموضوع يبدأ من حيث كان لطفلك الصغير أختاً أصغر أو أكبر، ثم جاء أحدهما يشكو من الآخر فلم تلفت نظرهما أن هناك ما يسمى الحوار، وأن عليهما أن يجلسا بمفردهما ويصلا  لحلٍ يرتضيانه.


ثم أرجع وأقول إنها سلسلة متصلة، فإن كان طفلك الصغير لم يتعود أن يشاهدك أنت وأمه تتحاوران حتى تصلا إلى نتيجة، فكيف لك أن تقنعه أن يتحاور هو وأخته عندما يختلفان؟ وكيف له أن يتعلم فكرة الحوار؟!


إن تعلّم كيفية الحوار مع أخته صغيراً، سيتعلم كيف يصل مع زوجته بحوارهما إلى ما يحبه كلاهما، أو على الأقل إلى حلول وسط. وإن تعلّمت كيف تعبر عن نفسها أمام عائلتها، وكيف تثق في نفسها، وكيف تجد تقبلاً من أسرتها في حوارها، فستعلم أنها لا تحتاج أن تكون له "نور" كي يكون لها "مهند" ولا تحتاج أن تكون له "جارية" ولا تريد أن يكون لها "عبداً".


ستعلم ببساطة أنها تريد أن تكون "هي" وليس أكثر وستختار من البداية رجلاً يريدها أن تكون "هي" وليس أكثر، وسيدركان سوياً أن لا وجود للأخ "صالح" المذكور أعلاه، فقد اتفقا منذ البداية أن يحل محله طاولة صغيرة في ركنٍ من الصالة اسمها "طاولة الحوار".


وعندما يهمس في أذنها أحدهم قائلاً: "كوني له... " فستقاطعه قائلةً: "عفواً.. فلا أحب أن أكون شكرية!" ولو سألها: "شكرية مين؟" فسترد ضاحكةً: "واحدة صاحبتي متعرفهاش".