التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 05:42 م , بتوقيت القاهرة

يوسف شاهين.. المايسترو من المحلية للعالمية

كان يوسف شاهين أحد هؤلاء المهمومين بالآخر في أعماله السينمائية. وتعرض له في مجموعة من الأعمال الفنية، التي كانت ترصد بدقة تأثير الغرب على الشرق.



كانت علاقة يوسف شاهين بالولايات المتحدة الأمريكية شديدة التعقيد، فليست هي تلك الدولة المسالمة كما يعتقد، بل كان يرّكز دائمًا على تمثال الحرية، ويُظهره بصورة المتلاعب الذي يخفي نوايا سيئة بداخله. إنها دولة الحرب التي تحاول طول الوقت السيطرة على الحاضر والمستقبل، ولأنها بلا ماضٍ كما يرى، فلا يشير إلى تاريخها في أي مرحلة.


إنه ذلك الشاب الشرقي، الذي يحاول أن يتحدى الحرب من خلال دراسته وموهبته، لكنه يدرك بمرور الوقت أن الفردية وحدها لا يُمكنها أن تقهر دولة المؤسسات. مثّلت أفلام مثل "الآخر"، و"إسكندرية نيويورك" تلك المرحلة، والتي تلعب فيها السيرة الذاتية ليوسف شاهين دورًا كبيرًا.


أصول متعددة


لكن يوسف شاهين ذو الأصول المسيحية، الذي وُلد لأب من أصول لبنانية وأم ذات أصول يونانية، حاول جاهدًا في معظم أفلامه إبراز الثقافة "الكوزموبوليتانية" لأصوله، والإسكندرية التي ضمّت هذه الثقافات المُتعددة. تلك المدينة التي مرَّ عليها العديد من الشعراء والأدباء أمثال "ريلكه" و"أونجاريتي"، و"كفافيس".


هذه الفترة أيضًا ظهرت في العديد من أفلامه أمثال "إسكندرية ليه"، "إسكندرية كمان وكمان"، و"إسكندرية نيويورك". في إطار متعدد الأديان والثقافات تطل مدينة الإسكندرية التي تقام الاحتلال البريطاني، ويعيش بداخلها اليهود، وتتعرض لأوقات عصيبة أثناء الحرب العالمية الثانية، تشغل فكرة الاحتلال ومقاومته مساحة كبيرة من سينما يوسف شاهين. لكن هذه المقاومة لا تتم بالأسلحة فقط؛ حيث يرى أن مقاومة الأفكار والمد الغربي أخطر من الهجوم العسكري.


يهتم شاهين بالواقع التاريخي، يرصد بدقة ويُبرز سلبياته وإيجابياته كما حدث في فيلم "وداعًا بونابرت"، وكذلك "العصفور" في بداية السبعينيات، الذي يرصد حال المجتمع المصري في مرحلة ما بعد الهزيمة والنكسة. لكنه يعود في "حدوتة مصرية"، ليعقد محكمة ذاتية لنفس الأطبال في أفلام سابقة.



عالمية يوسف شاهين جاءت من محليته، حاول أن يُقدم الإسكندرية بشكل مغاير، من خلال إبراز الثقافات والأجناس المتعددة داخلها، بداية من الحرب العالمية الثانية. لكن عندما ننظر إلى فيلم "المصير" تبدو الحقائق التاريخية كأنها وليدة الأمس، الأندلس ومعاناة ابن رشد وسقوط الدولة في النهاية، هذا التاريخ الذي يشير دائمًا إلى المفقود، هو أحد الأركان الأساسية في سينما شاهين.



وفي عيد ميلاده، تصدر تصميم على صفحة "جوجل" الرئيسية، يحتوي صورة المخرج الكبير يوسف شاهين، حيث يحتفل محرك البحث الأشهر في العالم بالذكرى الـ89 لميلاده، مصحوبا بتعريف بالإنجليزية "مخرج سينمائي مصري ذو شهرة عالمية، معروف بأعماله المثيرة للجدل، وبرباعيته السينمائية التي تتناول سيرته".