كيف يُمكن للـ"بورن" أن يصنع مستقبلك؟
قالت له: " تعبيرات وجهك وأنتَ تقول "أكشن" هي- بكل تأكيد- الوجه الأكثر إثارة لك.. يومًا ما سأراه عندما تعود إلى شغفك الأول سالمًا.. ولكن حدثني يا عزيزي، أخبرني عن حبك للإخراج.. متى علمت أنك تريد أن تكون مخرجًا ولماذا"؟
وعلى الرغم من أنها كانت تجلس وحدها أمامه، إلا أنه كعادته، وقف وبدأ يحدث جماهير ليست موجودة بجنون عظمة، لم تقدر هي أن تتركه أبدًا فيه، وقال:
لماذا الإخراج؟ أسمعكم تقولون لماذا الإخراج؟ سأخبركم بقصة صغيرة حول ذلك الأمر،عندما كنت صغيرًا قبل تطور التكنولوجيا كان من الصعب الحصول على أفلام "بورن"، ولذلك كنت أحاول توجيه جهاز استقبال التليفزيون "الإريال" في اتجاهات مختلفة، وأبحث في القنوات البعيدة حتى أجد إشارات مشوشة لقناة تركية ما تعرض أفلام خليعة.
الصورة كانت رديئة جدًا وكنت أرى مشهدًا وعشرة مشاهد تفوتني، ولذلك كان عليّ أن أنسج قصة من خيالي بناءً على هذا المشهد، ولذلك كنت أجلس ليال طوال أمام إشارات مشوشة في الصندوق، وأتخيل قصص وهمية قد تدفع البشر لممارسة الجنس.
ثم بدأ الأمر يتطور وبدأت أشعر بأهمية قصصي فدونتها جميعا، وبدأت أنسخ منها صورا ورقية وأبيعها لزملائي في المدرسة- القصة بجنيه- ثم بدأت أشعر أن الأمر أكبر وأرقى من ذلك.
وبدأت في كتابة قصص خالية من أي مشاهد جنسية، ولكن الطاقة بها تُبشر بحدوث ذلك، وأترك الباقي لخيال القارئ؛ حتى لا أحرمه من المُتعة التي أعلم قيمتها جيدًا بناءً على خبرة سنوات من "العس" وراء إشارات "البورن" المشوشة، ثم بعد فترة قررت أن أمزج بين الاثنين، الأحداث العادية والبورن، ولكن دون إظهار الجانب الجنسي في الحدث بشكل فج".
لم تندهش هي من هذا الرد، إنها تعرفه جيدًا منذ أعوام وتعلم قدرته الرائعة على ربط أي شيء على ظهر الكوكب بالـ "بورن"، في داخلها تعلم جيدًا، أن تلك القصة قد لفقها هو الآن، ولا شيء منها حقيقي على الإطلاق، ولكن هذا لا يُغضبها، فهي طوال الوقت تستمتع بادعائه وبخياله، ولذلك سألته:
"ولكن لماذا تحب الـ"بورن" بهذا الشكل.. على الرغم من أنك تستطيع الوصول لأي امراة تريدها في أي وقت..على أرض الواقع"؟
بنفس الأداء المسرحي، موجها نظره إلى جمهور ليس موجودًا، دون أن ينظر إليها هي وقال:
"أقول لكم لماذا أحب أفلام "البورن" لأنها ببساطة صادقة، ولا أتحدث هنا عن الأداء التمثيلي، حيث إنني أعلم أن أحدكم سيقول لي أنهم يفتعلون "الأورجازم" أحيانا في البورن، ولكن ليس هذا قصدي، أنا أقصد أنهم يخاطبون الجمهور كاملاَ، وبشكل مباشر دون أي ترميز، يضغطون على الجرح بدقة ولذة، إلى جانب أن "البورن" عادل تمامًا لا يعترف بالعنصرية، هناك أفلام لجميع البشر بجميع ألوانهم وأجناسهم وتوجهاتهم الجنسية، حتى الحيوانات صنعوا لها أفلاما".
في هذه النقطة التقت عينه بعينها للمرة الأولى من أول الحديث، وكأنّه يعلم أن هذه النقطة سوف تثير اشمئزازها، لأنه يعرفها كظهر يده، فأدارت وجهها بعيدًا، ولكنه اقترب منها وهمس في أذنها بصوت تعلم غرضه:
"ربما هناك شخص يود أن يفعلها مع كلبته وهذا الفيديو الذي سيشاهده سيخبره أنه ليس وحده، وأن تلك الهواجس لا تأتيه وحده، بل تأتي للآخرين أيضًا، سيكون هذا الفيلم بمثابة يد تَرْبِتُ على كتفه وتقول له: "اطمئن..لست وحدك غريب الأطوار على هذا الكوكب".
نظرت له وهي تسأل نفسها، كيف يُمكن لها أن ترى هذا الكلام المقزز رومانسي، وتنهدت بداخلها قائلة: " يا ألله.. كم صعب على أي فتاة أن تعشق مخرجًا سينمائيًا.. وكيف يُمكن للـ"بورن أن يصنعَ مستقبل إنسان".