التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 03:55 م , بتوقيت القاهرة

في ذكراها الرابعة.. هل نشرت ثورة 25 يناير الإلحاد بمصر؟

للإجابة على سؤال يخص زيادة عدد الملحدين في مصر بعد ثورة 25 يناير، يجب مراعاة أمرين أولهما أن الاعتراف بالإلحاد يحمل في مفهومه انكارا لوجود الله، والذي يعد التصريح به ازدراء لأكبر دينين في مصر بالنسبة لعدد الأتباع، كما أن المادة 98 من قانون العقوبات، تعاقب كل من يتعدى بجميع وسائل النشر على أي دين، دون تحديد وسائل نشر بعينها، ونتيجة لها فإنه لا يوجد حصر رسمي بأعداد الملحدين، اللادينيين في مصر، قبل الثورة أو بعدها، وبالتالي المقارنة بالأرقام لتحديد فرق العدد مستحيل.


رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 36 قضية ازدراء أديان، في الفترة التي أعقبت "25 يناير"، وحتى نهاية 2012، بمعدل 3 قضايا/ شهرين، قدمت فيها بلاغات لأجهزة الأمن وجهات التحقيق، واتخذت فيها خطوات فعلية سواء بالتحقيق مع المشكو في حقهم أو تحريك الدعاوى القضائية ضدهم ومحاكمتهم.


الأمر الثاني هو الغضب الشعبي حول المتحول دينيا، حيث قال الباحث السويسري، وأستاذ تاريخ الأديان، ومدير مرصد الأديان السويسري، جون فرانسوا ماير، إنه يمكن القول إن حالات التحول الديني ينظر إليها كتهديد من حيث اعتبارها نوعا من الخيانة للجماعة الأصلية، وقد يكون رد الفعل عنيفا، ويتفق هذا الرأي مع الواقع المصري في عدة قضايا تتعلق بحالات التحول الديني، كان آخرها قضية الطالب كريم أشرف محمد البنا، الذي شهد أبوه أمام محكمة جنح إدكو الجزئية، التي قضت في 10 يناير الجاري، بالحبس ثلاث سنوات وكفالة ألف جنيها لوقف التنفيذ، في القضية رقم 3954 لسنة 2014 جنح مركز إدكو، بتهمة ازدراء الدين الإسلامي عن طريق نشر مواد تدعو لذلك، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".



ومن ردود الفعل العنيفة ما يحكيه أحمد حرقان وزوجته، اللذين تم الاعتداء عليهما بعد تصريح حرقان بإلحاده عبر إحدى المحطات الفضائية.



وكانت وكالة أسوشيتيد برس سلطت الضوء على ظاهرة الإلحاد في مصر، بعد لقاء أجرته مع الشاب السكندري الثلاثيني إسماعيل محمد، الذي يقدم برنامجا عبر "يوتيوب"، يناقش أفكار التحول الديني، لإتاحة الفرصة للادينيين والملحدين في شمال إفريقيا لمناقشة أفكارهم، حسب وصف إسماعيل محمد.


وقالت صحيفة "جارديان" البريطانية في تقرير سابق إن عدد الملحدين في مصر وصل لنحو 2 مليون مواطنا، ما يعادل 3% من المصريين، في حين قال مستشار مفتي الجمهورية، إبراهيم نجم، في تصريحات سابقة لـ"دوت مصر"، إن الإحصائيات التي نشرها مرصد الإفتاء عن عدد الملحدين في مصر نقلها عن إحصائيات دقيقة لمعهد "جلوبال"، والذي أكد أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى 866 مواطنا، وأوضح نجم أن الإفتاء لم تنشر تلك الإحصائية رغبة في زعزعة الأوضاع المصرية، وإنما هدفت من ورائها إلى دق جرس الإنذار للمؤسسات الدينية والتربوية والجهات المسؤولة عن رعاية الشباب، في تضارب واضح حول حصر أعداد الملحدين.



ثورة الإنترنت


يحكي مدير مرصد الأديان السويسري أنه "في فرنسا مثلا وفي السنوات الأخيرة بدأ بعض الكاثوليك المحافظين في استخدام الإنترنت كطريقة فعالة لطرح رؤاهم المعروفة والربط بين الناس الذين يحملون نفس هذه الرؤى والتحرك للحصول على مزيد من الدعم لتحقيق أجندتهم، في هذه الحالة: الحصول على أبرشيات حيث يمكنهم ممارسة شعائرهم وقداسهم على الطريقة الكلاسيكية القديمة التي تعود إلى ما قبل مجمع الفاتيكان الثاني".


كما بدأت الدعوات لثورة 25 يناير عبر الإنترنت، كان الإنترنت أول الساحات لمناقشة الأفكار الجديدة، وبطبيعة حال الثورات، صنعت "25 يناير" حالة خلخلة للأفكار القديمة، التي اعتادها الناس، ومع التغيرات والبحث، كان الإنترنت بنقرة واحدة يمكنك من الوصول لمصادر المعرفة، كما يساعدك على نشرها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي من اسمها كان تواصل المجتمعات ذات الأفكار المتقاربة للخروج بأفكار أكثر اختلافا عن القديم، بالتزامن مع انحسار سطوة الدولة بأجهزتها الروحية والتنفيذية.


ويؤكد فرانسوا ماير، من المرصد السويسري، في ورقة بحثية عن الأديان والإنترنت، أن الوجود على الإنترنت لا يتعلق فقط بنشر المحتوى الديني، إنه يعني أيضا نشر مضمون قادر على الجذب والحفاظ على وجود الموقع على السيرفر، وسط بيئة شديدة التنافس حيث توجد مواقع أخرى على بعد "نقرة" واحدة، ويمكن أن تشرح هذه القاعدة الكثير عن الاتجاه نحو مضمون جذاب، والابتعاد عن وسائل قديمة للدعوى أو للرد على الملحدين، كما قال الداعية الإسلامي الحبيب علي الجفري.