في 25 يناير.. ماذا قال السادات عن مبارك ليوسف شاهين؟ّ!
بينما يحتفل الفنان يوسف شاهين بعيد ميلاده رقم 89، دخل عليه الفنان عبدالوارث عسر، وطلب منه أن يأذن لمجموعة من الضيوف أن يدخلوا أيضا، للتباحث معه في أمر هام، فوافق شاهين.
دخل الرئيس أنور السادات وزعيم المافيا الأمريكي آل كابوني، ورئيس الوزراء عزيز صدقي، وسيف الدولة الحمداني، فاستغرب يوسف شاهين من هذه المجموعة التي لم يكن يتوقع أبدا أن تجتمع، فنادى على عبدالوارث عسر، وقال له: انتو ازاي اتلميتو كدا.
عبدالوارث: كلنا أموات يا أستاذ يوسف، يعني في دار الحق، وكلنا لينا ذكرى مع عيد ميلادك اللي هو 25 يناير، احنا عارفين انك اتولدت في اليوم دا سنة 1926، في اسكندريه، وعارفين انك رجل مفكر وفنان وصاحب خيال واسع، وكمان كان ليك آراء سياسية مابتعجبش السلطة، فقولنا نيجي نتكلم معاك في الهوجة اللي حاصلة دي... المقابر يا أستاذ ماليانا زوار النهارده، لأن دي سنوية ولادهم اللي راحوا زي اليومين دول سنة 2011.
يوسف شاهين: أنا قبل ما اموت بعت رسالة للنظام من خلال فيلم "هي فوضى"، وقلت إن الفساد اللي في الشرطة هيودي مبارك في داهية، لكن ماحدش سمع الكلام، والذكرى الوطنية الجميلة اللي هي عيد الشرطة اتحولت لمواجهة معاها.
رد رئيس الوزراء الراحل عزيز صدقي قائلا: أنا رحلت في مثل هذا اليوم من عام 2008، وفي الفترة التي سبقت وفاتي بسنوات بسيطة أسست التجمع الوطني للتحول الديمقراطي، وطرحنا من خلاله رؤى إصلاحية في شتى المجالات، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولكن مبارك كان يتعامل معنا بتجاهل، حتى فلتت الأوضاع من يده وانفجر الشعب في وجهه عام 2011.
رد الرئيس السادات قائلا: دي قلة أدب، لما ييجي شوية عيال يشوهوا التاريخ، دول ما يعرفوش إني زي النهارده سنة 1980 كنت ببلغ الأمم المتحدة بشكل رسمي، بإنهاء حالة العداء بين مصر وإسرائيل، واللي كان دراعي وسندي وقتها هو حسني مبارك، وما يعرفوش إن الشرطة الباسلة اللي هتفوا ضدها، هي اللي وقفت قدام الاحتلال الانجليزي زي النهارده سنة 1952 في الإسماعيلية، ووقع منها 50 شهيد وعشرات الجرحى... لكن أرجع واقول إن مبارك غلط، قعد كتير قوي في السلطة وساب الأمور ترهلت منه، وبقه مش داريان باللي بيحصل، غير إنه ماعرفش يتعامل مع الولاد اللي تظاهروا بحكمة زي ما أنا عملت سنة 77.
زعيم المافيا الأمريكي آل كابوني: في مثل هذا اليوم رحلت عن الدنيا عام 1947، وكل ما تتكلمون عنه لا يشغلني بالأساس، ولكني حضرت هذا المجلس، لعلي أستفيد منه شيئا، كما استفاد لصوص كثيرون من ثورتكم.
سيف الدولة الحمداني تكلم موجها حديثه ليوسف شاهين: لقد رحلت عن الدنيا في مثل هذا اليوم في عام 967، أي قبل ميلادك بقرون، ولو كنت حيا أحكم وأنت موجود، لكنتَ ضمن مجلسي؛ فالحاكم الذي لا يستعين بالمثقفين ورجال الفكر ويقربهم منه لا يصلح؛ فهم عقل الأمة ونهضتها... أنا مثلا كنت أقرّب مني الشاعر أبوالطيب المتنبي، وعالم النحو ابن خالويه، والفيلسوف والفيزيائي والطبيب الموسوعي أبونصر محمد الفارابي.
يقف عبدالوارث عسر ويطلب من الحضور السكوت، ثم يقول: أنا سامع صوت الأستاذ صلاح عبدالله واقف فوق دماغي، ما نسأله يمكن يجاوب علينا... يا أستاذ صلاح: مش النهارده عيد ميلادك، إيه اللي جايبك المقابر ولا مؤاخذه، وإيه رأيك في 25 يناير؟
بحسه المرهف كفنان، شعر صلاح عبدالله بنداء "عسر" فرد عليه: اليوم هو عيد ميلادي رقم 60، فقد ولدت في 25 يناير سنة 1955، وجئت أزور أعزاء عليّ ماتوا في مثل هذا اليوم، وفيما يخص 25 يناير، أرى أنها كانت ثورة ولكني أرفض نتائج كثيرة من التي وقعت بعدها، وعلى رأسها وصول الإخوان للسلطة، وأيضا حالة الكراهية الشديدة التي سادت في المجتمع، وتوقف حركة الإنتاج بشكل عام.
يوسف شاهين يشد نفسا طويلا من السيجارة التي لا تفارقه ثم يقول: وانت ياسي عبدالوارث مش هتتكلم، ولا هتعيش دور "صابر افندي" في فيلم "صراع في الوادي"، وتكتفي بدور الرجل الغلبان اللي مالوش رأي، وعمال يخدّم على القعده وخلاص.
عسر: لا يا أستاذ يوسف، بما إنك اتكلمت كدا أنا هرد عليك بالفصحى بقه: لكل منا رسالته وأنا لم أشتغل بالسياسة، وكان تركيزي كله على النهوض بصناعة التمثيل، حتى أني ألفت كتابا عن التمثيل بعنوان "فن الإلقاء" لازال من أهم المراجع في هذا المجال إلى اليوم، كما كانت مهمتي في فرقة جورج أبيض هي تعليم الوجود الجديدة كيف يمثلون.
يوسف شاهين: بما انك مثقف كدا احكيلنا بقه التاريخ بيقول إيه عن 25 يناير.
عسر: والله دا يوم مهم جدا، يعني زي النهارده سنة1260، استولى التتار على مدينة حلب، وهي أول مدينة شامية تواجه الغزو المغولي بعد سقوط بغداد، وفي سنة 1479 السلطان العثماني محمد الفاتح أجبر إمارة البندقية على توقيع معاهدة اسطنبول، واللي فرضت عليها دفع غرامات وجزية للدولة العثمانية، كمان زي النهارده أعلن رئيس أمريكا وودور ويلسون سنة 1919 إنه اتفق مع زعماء العالم على تأسيس عصبة الأمم.
تدخل عزيز صدقي قائلا: لاتنسى يا أستاذ عبدالوارث أن في مثل هذا اليوم أيضا 1999، عزل ملك الأردن الحسين بن طلال أخاه الأمير الحسن من ولاية العهد، وعيّن نجله الأكبر الأمير عبد الله خلفا له، وهذا الإجراء وإن كان حدوثه طبيعيا في ظل نظام ملكي يحكم الأردن، إلا أنه كان مستهجنا جدا في سوريا التي ورث فيه بشار أبيه حافظ الأسد، وكان يُمهد له في مصر، بتولية جمال ابن حسني مبارك رئاسة الدولة خلفا لوالده.
صلاح عبدالله: ربنا يهدي الحال والبلد تستقر.
يوسف شاهين منفعلا: الاستقرار يعني الموت، دا عالم بيتدافع وبيتغير كل لحظة، المهم إن الناس تستفيد من حركة الكون وتطلع لقدام مش تنداس تحت الرجلين، العالم فوضى صحيح لكن فيه ناس بتنظم الفوضى دي وبتقودها، والشاطر هو اللي يعرف يتحكم فيها، ويلا بقه انتوا قرفتوني ونكدتوا عليا عيد ميلادي.