التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:04 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| 8 فتاوى أجازت تجسيد الأنبياء والصحابة

هل يجوز تهنئة الأقباط بعيدهم؟ هل يجوز الترحم على المنتحر؟ هل يجوز مصافحة المرأة؟ إذا تتبعنا سلسلة "هل يجوز" نجدها طويلة ولا تنتهي، لكن الغريب هي تلك الأسئلة التي لا تتوقف عن التكرار، فكل عام تُنشر تلك الفتوى التي تحرم أو تجيز تهنئة الأقباط في عيدهم، وكأن الناس ينسون، أو يتناسون ما قيل لهم العام الماضي.


ومن حلقات سلسلة "هل يجوز" الأكثر جدلا، تلك التي تثار من وقت لآخر، "هل يجوز تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية؟".


الرسالة، آلام المسيح، مملكة سليمان، يوسف الصديق، عمر بن الخطاب، وأخيرا نوح، جميعها أعمال فنية استدعت ذلك السؤال، وفي كل مرة تتكرر الإجابة، وتثبت نفس الجماعات على رأيها، ففي فقه الشيعة، تذهب الأغلبية إلى جواز تجسيد الأنبياء والصحابة، ما دام ذلك يساهم فى نشر رسالة هؤلاء الأنبياء، ويحيى ذكراهم.


وقال عضو المجمع العالمى لأهل البيت، والناشط الشيعى الطاهر الهاشمي، إن حرمة التجسيد تكون فقط إذا كان هذا العمل يؤدي إلى تشويه رسالة هذا النبي.


وبنفس الثبات دائما يرفض الأزهر الشريف، قبلة أهل السنة، تجسيد الأنبياء والصحابة، وأكد شيخه أحمد الطيب، في لقاء جمعه بالفنانين، العام الماضي، أن رأي المؤسسة الدينية في الرفض، هو رأي ثابت ومدروس من هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، نافيا أن يكون ذلك مصادرة لحرية الفكر والإبداع.


ورغم ثبات موقف الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء على رفضهم، إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية، خرج من بينهم من أفتوا بجواز تجسيد الأنبياء والصحابة، وقدم كل منهم أدلته على ذلك.


قدر من العلم


الداعية الإسلامي مبروك عطية، أستاذ بجامعة الأزهر، قال إن تجسيد الأنبياء لا شئ فيه، مضيفا أنه يختلف مع الأزهر الشريف في رفضه لتجسيدهم، لأن كل العلماء الذين أفتوا بتحريم ذلك ليسوا على القدر الكافي من العلم.


وأضاف خلال حواره مع الإعلامي شريف عامر ببرنامج "يحدث في مصر"، المذاع على شاشة "mbc مصر"، مساء الخميس، أن تجسيد الأنبياء جائز، ولكن مع إضافة عبارة أن هذه الصورة لا تجسد الشخصية الحقيقية لسيدنا محمد، على أي عمل يتم تصويره.


زمن المنع انتهى


الفتوى الثانية كانت في ديسمبر الماضي، للداعية الإسلامي أسامة القوصي، قائلا إن "المنع انتهى في هذا العصر من أجل مناعة وتحصين المجتمع وتوعيته"، مضيفا أن العالم أصبح يعيش في عصر السماوات المفتوحة ومن الصعب منع أي فيلم درامي.



قواعد عامة


أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور سعد الهلالي، قال إن مسألة تجسيد الأنبياء حديثة ولا يوجد لها نص يحرمها، مشددا على أن هذه المسألة تخضع للقواعد العامة.


وأوضح الهلالي، في مداخلة مع الإعلامي محمود سعد، على قناة "النهار"، أن هناك فريقا يحرم تجسيد الأنبياء بشكل قاطع، وفريق آخر يعتبر الموضوع تمثيلا جزئيا مثل المعلم الذي يشرح مفاهيم بعض الأحاديث النبوية، وكلا الفريقين صحيحين.


وأشار إلى أن حظر تجسيد الأنبياء في الأعمال الدرامية يلزم الأزهر وليس الشعب، قائلا: "إن الأزهر للعلم والتنوير وليس سلطة دينية".



سبب للتوبة


أستاذة الفقه بجامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح، رأت أيضا أنه لا مانع من تجسيد الصحابة والتابعين في الأعمال الفنية، بشرط أن نتحرى الدقة والصدق في الرواية، لكنها رفضت تجسيد الأنبياء والمبشرين بالجنة.


وتحدثت صالح، في ندوة عن تجسيد الأنبياء والصحابة، في مايو 2012، عن فيلم "الرسالة"، قائلة إنه قدم الإسلام بصورة رائعة، وقدم الرسول والصحابة بصورة أروع، كما أشارت إلى مسلسل عمر بن عبدالعزيز الذي قدمه الفنان نور الشريف، ووصفته بأنه قدم بصدق سيرة عمر بن عبدالعزيز، وأضافت "لا ننسى أن الفنان عندما ينفعل مع الدور الذي يؤديه ربما يهديه الله ويتوب إلى الله".


7 أدلة


الداعية الإسلامي التابع لوزارة الأوقاف الدكتور أحمد علي عثمان، أجاز تجسيد الصحابة، والنبي نفسه في شتى الأعمال الفنية، مؤكدا أن الرسول كان يستخدم كل هذه الفنون في الدعوة للإسلام.


وقدم عثمان، في حوار صحفي عام 2011، سبعة أدلة من الحديث والسنة النبوية تؤكد ما ذهب إليه من آراء جريئة، أولها عدم وجود نص صريح يحرم ذلك، والثاني استخدام الرسول للفن التشكيلي، ثم استعانته بالتمثيل في بعض الأحاديث النبوية، واستخدامه للفوازير، ثم استدل على رأيه بـ"سيناريوهات القصص القرآني".


ورفض عثمان ظهور الرسول في الدراما في صورة نورانية، موضحا أنه بشر ويجب أن يظهر مثلهم، واعتبر ذلك دليله السادس على إمكانية تجسيد الرسول، أما الحجة السابعة والأخيرة، هي أن تلك الأفلام لا تجسد الله، وهو المرفوض رفضا تاما.


نعم ولكن بضوابط


وقال أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وخطيب مسجد ذو الجلال والإكرام ببورسعيد، الشيخ عبدالحليم محمد، إن الإسلام لا يرفض الفن مطلقا، بل بالعكس يشجعه ويدعمه إذا كان طريقا لعلاج الأخطاء والسلبيات، ودعم الأفكار الإيجابية.


وأضاف في تصريحات صحفية، مارس الماضي، أن القرآن والسنة ليس فيهما ما يمنع تجسيد الأنبياء والصحابة دراميا، وأن القاعدة الفقهية الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما دل الشرع بتحريمه أو إبطاله، ومن ثم يكون الحكم هو الجواز والإباحة.


ووضع عدة ضوابط للقيام بذلك: التركيز على الجانب الإنساني البشري للأنبياء أو الصحابة، وسلامة وصدق الغرض، واستقامة المنهج وحسن سمعة الممثلين وسلامة سيرتهم.


ورد على رفض البعض تجسيد الأنبياء والصحابة بحجة "سد الزرائع" قائلا: التوسع في سد الزرائع يجعلنا ننطوي وننعزل بغرابة عن العالم ونرفض كثيرا من المباحات، مثل تعليم البنات في الجامعات، وعدم استخدام الفضائيات والإنترنت.


التحريم في القرآن


المفكر الإسلامي عبدالفتاح عساكر، أجاز تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية، بشرط عدم وجود تجاوزات تسيء للرسالة، لأن الرسالة واحدة جاء بها جميع الأنبياء.


وقال عساكر، في مداخلة على قناة التليفزيون المصري الأولى، يوليو 2012، إن "الحل والتحريم موجود في القرآن الكريم، والحرام مفصل في القرآن بدقة شديدة ولا يستطيع أي إنسان أن يحرّم خارجه".


المشاهد يدرك الفرق


ومن أنصار الإباحة لعدم وجود دليل على التحريم، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السابق في مكة الشيخ أحمد الغامدي، الذي أيد فكرة إنتاج مسلسل عن الخليفة عمر بن الخطاب، كي يتعرف الجيل الجديد إليه، مشددا على أنه مع مبدأ تجسيد الخلفاء في المسلسلات التاريخية لأنه لا يوجد نص شرعي يمنع ذلك.


وتابع في تصريحات لـ"العربية"، مقللا من فكرة الخوف من أن يختلط الممثل والشخصية التاريخية في ذهن المشاهد: "يدرك المشاهد الفرق بين شخصية الصحابي وبين القائم بهذا الدور وهو الممثل، ولن يلتبس الأمر على المشاهد لدرجة أن يربط بين الممثل إذا قام بدور آخر غير جيد وبين شخصية الصحابي الجليل".