التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 04:48 ص , بتوقيت القاهرة

مؤرخ بريطاني يروي ما حدث عندما كتب فيلما عن النبي محمد

بعد حادث الاعتداء على مجلة شارلي إبدو الفرنسية، وقتل عدد من صحفييها، أصبح الخوف من إثارة المشاعر الدينية في أوروبا أكبر مما كان عليه في القرن الثامن عشر، ورغم إن الرسامين الذي راحوا ضحايا الهجوم على مقر الصحيفة كانوا على دراية بالخطر المقبلين عليه، إلا أن رئيس تحريرهم قال بأنه يفضل أن يموت وهو شجاع على أن يموت وهو راكع.


ويقول المؤرخ والروائي البريطاني، توم هولاند، في سياق مقاله لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إنه معجب بهذا النوع من الشجاعة، إلا أنه لم يكن خائفا مثل ذلك عند تأليفه لكتاب يحكي تاريخ سقوط الإمبراطورية الرومانية، والذي قد يثير استياء البعض.


وركز هولاند في كتابه على كيفية سقوط النصف الغربي من الإمبراطورية الرومانية في أيدي العرب، وذكر أن سقوط هذا الجانب من الإمبراطورية تزامن مع تعاظم قوة الإسلام، ما دفعه إلى المزيد من البحث في هذا الصدد.


وتبين له، وهو ما ذكره في الكتاب، أن آيات القرآن التي تتحدث عن الغزو هي التي قادت المسلمين للسيطرة على مصر وفلسطين وسوريا من الإمبراطورية الرومانية، كما خلص بحثه إلى الخروج بنتائج تجافي حقيقة ما جاء به تاريخ الإسلام، مثل أن الفاتحين العرب لم يكونوا مسلمين من الأساس، وأن القرآن لم يوح إلى محمد بل إنه نتاج عدة مصادر قديمة، بل أن النبي محمد نفسه لم يعش في مكة بل بصحراء وراء فلسطين.


واكتشف هولاند أن كتابه هذا تسبب له في حالة خوف وقلق شديد، لكن ذلك لا يقارن بما تعرض له من رعب بعد أن تلقى عرضا من قناة تشانيل 4 البريطانية لتأليف فيلم عن أصول الدين الإسلامي، على الرغم من أنها كانت المرة الأولى التي تعتزم فيها قناة بريطانية إنتاج فيلم وثائقي عن أكثر ما يؤمن به المسلمون في دينهم، ألا وهو أصول الدين نفسه.


ونجح كيفين سيم، مخرج الفيلم، في إقناع هولاند بالمشاركة في التمثيل فيه، ما زاد من رعبه من عواقب هذا العمل، وطرح الفيلم في دور العرض في أغسطس 2012، حينها شعر هولاند بأنه مهددًا أكثر مما شعر به عند طرح كتابه للبيع، حيث تباينت ردود الفعل حول الكتاب، إلا أن كثيرا من المسلمين وجهوا له النقد، إلا أنهم مع ذلك لم ينتقدوا حقه في وضع مسألة نشأة الإسلام في موضع البحث التاريخي ونشر نتائج بحثه هذا، وهو ما شجعه على إطلاق فيلمه وطمأنه بأنه لن يثير غضب المسلمين.


لم يلبث هولاند طويلًا ليكتشف أنه كان مخطئًا عندما تصور ذلك، فبعد دقائق من نهاية عرض الفيلم، انهالت التهديدات بالقتل على حسابه على تويتر، وليست تهديدات بقتله هو فقط بل لعائلته كلها، كما نالت قناة تشانل 4 حظًا من الاعتراض على الفيلم، حتى أن الشرطة أخلت مسؤوليتها في حالة الاستمرار في إذاعة هذا الفيلم من أنها لن تضمن أمن القناة، وتلقى هولاند تهديد أخرى بالقتل بعد أسبوعين من عرض الفيلم، من مسلمين مقتنعين بأن هذا الفيلم ممول من الموساد أو المخابرات الأمريكية أو ربما كلاهما.


ويؤكد هولاند أن ما حدث له لم يغير من وجهة نظره، فما لقيه من تهديدات وانتقادات لا ترقى لمستوى الحادث المرعب الذي تعرضت له صحيفة شارلي إبدو، التي ما ت صحفيوها الساخرين وهم يدافعون عن الحق في التعبير، فمهما كان فالكتاب الساخرون هم من يقفوا في خط الدفاع الأول مقارنة بالمؤرخين، الذين وإن كانو في نفس المعركة فإنهم يقفون في الخطوط الخلفية.