التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 03:55 م , بتوقيت القاهرة

كيف رصد مؤرخو الحملة الفرنسية المولد النبوي

أكد خبير الآثار، الدكتور عبد الرحيم ريحان أن الاحتفالات الدينية بمصر على مر التاريخ، كانت احتفالات قومية يحتفل بها كل شعب مصر بنسيجه الوطني مسلمين ومسيحيين، مشيراً إلى أن الحملة الفرنسية رصدت احتفالا بالمولد النبوي الشريف، فى الساحة الرحبة، بـ"بركة الأزبكية"، حيث كانت تنصب السرادقات للدراويش وحلقات الذكر للمنشدين الهاتفين طوال الليل، وكان الناس يجتمعون لمشاهدة المهرجين 



وأوضح أن الباحث الفرنسي "إدوارد ليم لين»" كان قد تعجب من احتشاد المسيحيين لمشاهدة حلقات المنشدين حتى أذان الفجر، وكأن مصر مجتمعة كلها، بداية من الأمير ولي العهد في سرادقه حتى المزارعين والعمال والصناع، وذلك طبقا لما جاء فى الدراسة الآثارية عن احتفالات المولد النبوي في التراث الإسلامي لعالم الآثار الإسلامية، التي أعدها الدكتور علي الطايش، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار، جامعة القاهرة 
وقال ريحان إن الدراسة رصدت ليلة الاحتفال بالمولد النبوي، حيث يقيم السلطان خيمة بالحوش السلطاني في القلعة، ذات صفات خاصة تسمى "خيمة المولد"، ويذكر ابن إياس أنها عدت من عجائب الدنيا، وكان أول من وضع هذه الخيمة السلطان المملوكي الجركسي قايتباي، وقيل في وصف هذه الخيمة أنها زرقاء اللون، على شكل قاعة فيها ثلاثة دواوين وفى وسطها قبة مقامة على أربعة أعمدة، وبلغت تكلفتها حوالي ثلاثين ألف دينار 
وأضاف أن هذه الخيمة لا ينصبها إلا ثلاثمئة رجل، وكان يوضع عند أبوابها أحواض من الجلد تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون، وتعلق حولها الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس الأصفر والمزينة بالنقوش الجميلة، وتربط هذه الأكواب بسلاسل من النحاس، ويصّف حولها طائفة من غلمان "الشُرب خانة" لمناولة الوافدين من الناس، ولا فرق بين صغير وكبير واستمرت إقامة هذه الخيمة حتى العصر العثماني 
وتابع أنه في الليلة الختامية للاحتفال، يظهر المقرئون براعتهم في التلاوة بآيات الذكر الحكيم، فيتعاقبون واحدا بعد الآخر، وبعد صلاة المغرب تمد الحلوى السكرية مختلفة الألوان، وفى صباح يوم المولد يوزع السلطان كميات من القمح على الزوايا 
وأشار إلى أن المؤرخ "عبد الرحمن الجبرتي"، الذى عاش في زمن الحملة الفرنسية على مصر، ذكر في كتاباته أن نابليون بونابرت اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، سنة 1213هـ 1798م، من خلال إرسال نفقات الاحتفالات وقدرها 300 ريال فرنسي إلى منزل الشيخ البكري نقيب الأشراف في مصر بحي الأزبكية، وكانت ترسل الطبول الضخمة والقناديل، وفي الليل تقام الألعاب النارية احتفالاً بالمولد، وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقادتها 
من جانبه، نوه الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، إلى مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في العصر الفاطمي، حيث كان يخرج الخليفة الفاطمي راكبا حصانه ومن خلفه سيدة القصر في هودجها في موكب مهيب، يبدأ من قصر الخلافة وحتى مشهد الحسين رضي الله عنه، ومن هذا الموكب ظهر ما يعرف بحصان المولد وعروسة المولد، حيث صنع المصريون من السكر أشكالا للحصان والعروسة ما زالت موجودة إلى أيامنا هذه، ويحرص غالبية المصريين "على شرائها، وقد اتخذ اليوم طابعاً جميلاً كالأعياد ويشتهر بالحلوى التي تعرف بـ"حلاوة المولد


وأضاف أن هناك أراء عن تأصيل عروسة المولد وحصان المولد، أنهما تجسيدا لأسطورة "إيزيس وأوزوريس" في شكل حصان المولد المستوحى من تمثال حورس راكبا الحصان ممسكا بالسيف ليقتل رمز الشر ست الذى صور على هيئة تمساح، وفي شكل عروسة المولد وكرانيشها الملونة المستوحاة من جناح إيزيس الملون