صور| أطفال الدرب الأحمر.. من المهن الشاقة إلى فنون
منذ 4 سنوات، بدأت مؤسسة المورد الثقافي التعاون مع مؤسستي أغاخان والفنار، إنشاء مدرسة فنون الدرب الأحمر لمساعدة الأطفال الذين يعملون في مهن تقتل طفولتهم، في منطقة الدرب الأحمر، عن طريق تعليمهم مهن فنية بديلة.
يبدأ حكايته واثقا في نفسه وقدرته على التحدي، هادي أحمد، 16 عاما، فقال "عرفت من دعاية وزعتها المدرسة عن قبول طلاب للإيقاع، فذهبت للتقديم، رغم قدمي المكسورة، ووجدت بعض أصدقائي يلعبون على الطبلة، فتحمست وأحببت التعلم".
يروي هادي بفخر ودون خجل "أعمل مكوجي قبل أن أنضم إلى المدرسة، وما زلت أعمل لأساعد والدتي وكي لا أحتاج إلى أحد، وأحب الاعتماد على نفسي" إلى جانب العمل والدراسة في مدرسة الدرب الأحمر، فهو طالب بمدرسة ثانوية صناعية يتعلم الزخرفة.
انضم عازف الإيقاع منذ عامين إلى مدرسة الفنون، كان متفائلا ويضع لنفسه تحديات لتفوقه على زملائه، بل ومدربيه، حتى استطاع أن يحقق بعضها، ويقول شادي "شعرت مرة واحدة بخيبة أمل حينما لم تختارني الفرقة للسفر والعرض في دولة الكويت، ولكنني في نفس اليوم علمت أنني سأعزف مع فرقة "بركشن شو" فضاع حزني وسعدت بهذه التجربة"، كان شادي يتابع تلك الفرقة وينتظر أي عرض حي لهم ليحضره ولم يكن يتخيل أنه في يوم ما سيكون عازفا بينهم.
وعن تنظيم وقته ما بين الدراسة والعمل والعزف يوضح "أعمل الآن وقت أقل في محل مكوجي يملكه خالي، أذهب صباحا إلى المدرسة حتى 12 ظهرا، ثم أذهب إلى العمل ومنه إلى مدرسة الفنون في الساعة 3"، وكذلك ينتظم في معظم فصول المدرسة، حيث يدرس اللغة الإنجليزية والكمبيوتر والصولفيج، إلى جانب دراسته للطبلة والرق.
يروي صاحب الـ16 عاما إحدى التحديات التي قابلته حينما عرض مع أطفال المدرسة بميدان أصلان بالدرب الاحمر "يعتبر أهل المنطقة أحيانا أنني طبال، سأعمل في ملهى ليلي، لكنهم بعدما شاهدوني أعزف تأكدوا من أنني أتعلم ذلك كفن وليست مجرد طبلة مثل طبل الأفراح".
ينهي هادي حديثه عن أمنياته في تحقيق نجاح أكبر بالعزف الإيقاعي، ولكنه لا يتمني أن يترك مهنة المكوجي التي يعتبرها مصدرا بديلا "لأكل العيش".
وتضيف أبو سعدة "في البداية كان يشمل نشاط المدرسة الأطفال العاملين فقط، ثم اتسع ليشمل الأطفال ساكني الدرب الأحمر وما حولها، دون النظر إلى عملهم، ما أتاح الفرصة لمزيد من الاكتشافات".
فتاة "الطبلة" لا تخشى النقد
دور "الطبالة" في العرض المستوحي من حكايات أطفال الدرب الأحمر ليس بعيدا عن حياة دنيا سامي، ذات الـ16 عاما، مع إضافة نكهة درامية، حيث بدأت دنيا مشوارها مع المدرسة منذ عامين، عندما شاهدت أحد أقربائها يعزف الطبلة في مركز شباب الدرب، وشجعتها والدتها على الانضمام.
تعيد الفتاة ومدرسيها اكتشاف مزيد من الإمكانيات في شخصيتها، حين تؤدي 3 أدوار في عرض مسرحي واحد، اعتمدت فيها على العزف والتمثيل والغناء الشعبي، وتحكي دنيا "كنت أتمنى الانضمام إلى فرقة موسيقية للإيقاع، ولكنني اكتشفت حبي للتمثيل وبدأت في دخول تجارب أداء لبعض الأدوار".
وعن عقبات تجربة عزف الطبلة في الشارع، تقول دنيا "قابلت بعض العقبات مثل محاولة شباب المنطقة مناداتها بالـ"طبالة" وكان بعضهم يسخر منها في الشارع، ووصل انتقادها إلى أقاربها الذين بدأوا في القول بأنها ستعمل خلف راقصة، وأصرت دنيا على موقفها وقالت "لم أخش النقد وأحببت الطبلة وأتيحت لي فرصة الانضمام إلى فرقة للبنات وسأكون عازفة الإيقاع بالفرقة".
من عروض الشارع إلى الاحتراف
"قطقوطة".. أشهر طالبات مدرسة الفنون، بدأت بلعب الجونجلير – أحد ألعاب السيرك – ثم لعب الأكروبات باستخدام أحبال القماش، حيث تعلمتها على يد المدرب التونسي رضوان شلباوي، والذي كان مرشحا للفوز في عرب جوت تالنت الموسم الماضي.
فاطمة محمد الشهيرة بـ"قطقوطة" ذات الجسد الصغير لم تتخيل أنها ستستطع يوما المشي على الحبل، وكانت مفاجأة لجميع من شاهدوها في دور بارز في عرض "تاهت ولقيناها" أنها تستطيع الغناء والتمثيل ولعب الأكروبات.
وتقول ذات الـ10 سنوات "جسمي صغير على كل آلات الإيقاع، ولا أستطيع لعبها ولكنه يساعدني جدا في التفوق في كل ألعاب السيرك".
قطقوطة بعد أن شاركت في أكثر من عرض بالشارع وبالمسرح تحقق أحد أحلامها في الظهور على شاشة التليفزيون، فقد حظيت بدور في مسلسل "إمبراطورية مين" من بطولة هند صبري وسلوى خطاب، وإخراج مريم أبو عوف، والذي عرض في شهر رمضان الماضي.
الطفل هاشم محمد، لعب دور "النوباتجي" في عرض تاهت ولقيناها، يقول "كذبت في سني حتى ألتحق بالمدرسة منذ عامين، وكنت أرى لاعب درامز اسمه "سمكة" في الأفراح، وتمنيت أن أصبح مثله، وحاولت العزف في فرح أختي ففشلت، والآن أستطيع العزف جيدا"، وحظي هاشم أيضا بدور في نفس المسلسل.
اختلاف أعمارهم ما بين 8 إلى 18 لم يبعدهم عن حلم احتراف الفن، حيث بدأت المدرسة بحوالى 20 طفلا وتضم الآن 113 طفلا من منطقة الدرب الأحمر، بعضهم تقدم له المدرسة دعما ماليا لتعويضه عن مهنة كان يمتهنها، والبعض الآخر يشجعه أهله على دخول المدرسة رغبة في تنمية مهاراتهم أو كبديل للعب في الشارع.