"القراموص" رائدة صناعة ورق البردى فى العالم
عبق التاريخ والحضارة تجدها على أرض قرية القراموص بمحافظة الشرقية، التى انفردت دون غيرها من سائر قرى الجمهورية والعالم، فهى رائدة صناعة ورق البردى فى العالم، مما جعل وزارة الآثار تزورها مؤخرا لإعداد ملف الصون العاجل لإدراجها ضمن قائمة التراث اللامادى بمنظمة اليونسكو.
يقول "سعيد طرخان" أحد أبناء قرية القراموص مركز أبوكبير بمحافظة الشرقية، وأحد المصنعين لورق البردي، إن قريته تخصصت دون غيرها من سائر قرى الجمهورية والعالم فى زراعة ورق البردى منذ أكثر من 40 سنة، وكانت البداية على يد الدكتور أنس مصطفى، أستاذ الفنون الجميلة، الذى كان له الفضل فى جلب شتلات من نبات البردى وقام بزراعتها أمام منزله، وعند الحصاد فوجئ أن أهالى قريته اشتروها، وقرروا بعدها تقليده، وفى سبعينات القرن الماضى كانت المساحة الزراعية تبلغ 500 فدان، جميعها منزرعة بردي، ولكن فى السنوات الأخيرة وبعد ثورة يناير تأثرت السياحة وتقلصت معها المساحة المنزرعة إلى 100 فدان فقط.
وتابع: البردى نبات صيفى يزرع فى بداية فصل الصيف ويستمر فى الأرض لمدة 5 سنوات وبعد السنة الأولى من الزراعة يتم الحصاد ويتم تقطيعه مقاسات طول وعرض بعد جمعه من الحقل، ويتم دخوله المكابس للتلاصق حتى يصبح منتج خام يستخدم فى الطباعة والرسم والتلوين.
يسترجع العم "سعيد" ذكرياته الجميلة عن قريته، رائدة صناعة البردى فى العالم، قائلا: قريتنا لم يكن بها عاطل واحد وأبناء القرى المجاورة كانوا يتوافدون عليها للعمل بها، وكان يطلق عليها "ليبيا الصغري" لأنها كانت محور جذب للعمالة، للعمل فى الصناعة والرسم والتلوين ولكن فى الفترة الأخيرة بعض العمالة بدأت تتسرب، ومن هنا بدأنا نفكر خارج الصندوق فلجأنا لجهاز تنمية المشروعات ووصلنا إلى الأمم المتحدة لدعم للمرأة، وتم دعمنا بمنح لعمل مشروعات من البردي، ومؤخرا لجأنا إلى منظمة التراث العالمية اليونسكو لكى نلقى رعاية اليونسكو، وتم تشكيل لجنة الصون العاجل المكلفة للحفاظ على حرفة البردى من الأنقراض ،وهى لجنة مشكلة من وزارات الثقافة والآثار والسياحة ونحن بصدد الإنضمام لمنظمة التراث العلمى اليونسكو لتبنى هذه الحرفة للحفاظ عليها من الإنقراض.
يذكر أن الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، قد استقبل فى نهاية شهر نوفمبر المنقضي، الدكتورة إيمان زيدان مساعد وزير الآثار، والدكتور مصطفى جاد خبير التراث اللامادى باليونيسكو، وعميد المعهد العالى للفنون الشعبية، والدكتور مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار، والدكتور أحمد النمر عضو المكتب العلمى لوزير الآثار، والبروفيسور كواردو باسيلى أستاذ البرديات، ومؤسس متحف البردى بإيطاليا، والبروفيسور أنا ديناتال مدير متحف البردى بإيطاليا، من أجل الحفاظ على حرفة البردى من الأنقراض وتطويرها.
وأكد محافظ الشرقية على ضرورة الإهتمام بحرفة صناعة البردى والحفاظ عليها من الإندثار لما تمثله من قيمة فنية وأثرية، و قام بإصدار قرار بتشكيل لجنة قومية عليا لإعداد ملف الصون العاجل لحرفة صناعة ورق البردى وإدراجها ضمن قائمة التراث اللامادى بمنظمة اليونسكو لتوضيح القيمة العالمية والإستثنائية للتراث المصرى بين ثائر بلدان العالم،وتحدث من الوفد على ،بحث إمكانية فتح بيوت الهدايا لمنتجات ورق البردى بجميع المواقع الأثرية بجهورية مصر العربية بالتعاون مع وزارة الأثار ، وتعظيم الإستفادة من المواقع الأثرية بإقامة معارض حرفية وورش صناعة البردى، وكذلك بحث سبل التعاون بين المحافظة ومتحف سيراكوزا للبرديات بإيطاليا لإنشاء متحف للبرديات بقرية القراموص يضم معملا للترميم ومركز لتدريب الكوادر على ترميم البرديات ، وتدريب أصحاب الحرف لتحسين جودة المنتج، وكذلك الاستفادة من فاعليات سيراكوزا للبرديات بإيطاليا فى تسويق منتجات ورق البردى دولياً، وتم التوصل إلى توصيات هامة فى ملف إعداد الصون العاجل والذى من شأنه العمل على إعداد جدول زمنى لمرحلة كتابة ملف الصون العاجل لحرفة البردى وذلك لتقديمة لمنظمة اليونيسكو 2020 م ، والإنتهاء من الفيلم الوثائقى عن حرفة صناعة البردى بالشرقية بالتنسيق مع أكاديمية الفنون، وتجميع المادة العلمية لإصدار كتاب لمحافظة الشرقية يوثق صناعة البردى ويقوم عليه مجموعة من الباحثين من المحافظة ووزارتى الأثار والثقافة وأكاديمية الفنون ، وإعداد مخطط للتنمية لحرفة صناعة البردى والمنطقة بالتعاون مع وزارة السياحة.
ومن جانبها أوضحت الدكتورة رشا حسن مدير إدارة التراث الحضاري، أن الوفد قام بزيارة منطقة آثار تل بسطة بمدينة الزقازيق للتعرف على ما تضمه من آثار ومدى إمكانية إقامة فاعليات من معارض وورش حرفية لصناعة البردى للترويج عن منتجات الحرف التراثية التى تشتهر بها محافظة الشرقية ، كما قام الوفد بزيارة لقرية القراموص بأبوكبير للتعرف على منتجات ورق البردى وكيفية صناعتها ومدى جودتها لتوظيفها فى أعمال الدعاية للمعارض الدولية والفاعليات التى تقيمها وزارة الآثار، والإستفادة منها إقتصادياً للحافظ عليها من الإندثار، وقدم البروفيسور كواردو باسيلى أستاذ البرديات ومؤسس متحف البردى فى إيطاليا، الشكر لمحافظ الشرقية لدعمه وتشجيعة على إحياء صناعة ورق البردى والحفاظ عليها من الإندثار وترويجها سياحياً، مطالباً بضرورة التنسيق والتعاون بين البلدين للترويج لصناعة ورق البردى بأوروبا .