التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 12:13 م , بتوقيت القاهرة

معركة الخشت والطيب .. رئيس جامعة القاهرة: منهج الأشاعرة يعتمد على أحاديث الآحاد و علينا تجديد علم أصول الدين بالعودة إلى القرآن وما صح من السنة لتكوين رؤية جديدة للعالم .. والطيب: نعيش فتنة سياسية وليست تراثية

شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة
شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة

شهد اليوم الثانى من مؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الإسلامى، جدلاً عقب كلمة الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، التى اعتبرها البعض تتعرض للمذهب الأشعرى، ما دفع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر إلى التعقيب على كلمة رئيس جامعة القاهرة،  وبدأ الأمر فى التوتر، حيث تدخل الدكتور الخشت، قائلا موجها كلامه للإمام الأكبر:" أنا فى بيتك وبين أبنائك ، فيه سوء التباس حضرتك حولتها معركة."

البداية كانت مع الكلمة المقررة لرئيس جامعة القاهرة فى الجلسة الأولى باليوم الثانى لمؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الدينى، حيث أكد الخشت أنه لابد من تجديد علم أصول الدين بالعودة إلى المنابع الصافية القرآن الكريم وما صح من السنة النبوية المطهرة، فالتجديد يقتضى تغيير طرق التفكير وتغيير رؤية العالم يجب أن تقوم على رؤية جديدة عصرية إلى القرآن الكريم بوصفه كتاب إلهيا مقدسا يصلح لكل العصور ولكل الأزمان، وندعو إلى تطوير علوم الدين وليس إحياء علوم الدين فلو عاد الشافعي وأبو حنيفة لجاء بفقه جديد والدعوة لتطوير العلوم دعوة للاقتداء بطريقة الفقهاء السابقين وليس التقليل منهم، فهناك فرق بين المذهب والمنهج لابد فى التجديد الخروج من الدائرة المغلقة إلى دوائر أخرى، الوحى لا يأتى عبثا فالوحى يأتى لمن يأخذ بالأسباب، وأنا أعتبر نفسى تلميذا بين يدى الشيخ شلتوت لأنه مجدد حقيقى فالإسلام فى نشأته يقوم على البساطة فالموطأ هو أصح كتاب بعد كتاب الله لأنه الأقرب سندا لرسول الله وستجدون فيه بساطة الأحكام وعدم التعقيد وعدم وجود اللاهوت المركب الذى يشتت الناس، إذا التجديد ليس تهذيبا ولا اختصارا ولا انتقاءً ولا شرحا فالتجديد هو بناء بمفاهيم وبمفردات جديدة وليس مجرد تنقية كتاب من الاسرائيليات.

وتابع: "لن نستطيع أن نأت بخطاب دينى جديد إلا إذا غيرنا منهجيات وأسس الدراسات الدينية، فهناك خلط بين المقدس والبشرى، وهناك علم تفسير قديم يقوم على صحة وصواب الرأى الواحد، بينما القرآن يتسع لمعان عديدة ومتعددة كلها تحتمل الصواب وكلها ممكنة التنفيذ لابد من دراسات جديدة تتخلص من سيادة العقائد الأشعرية وتكوين رؤية جديدة للعالم، ولابد التمييز بين درجات الأحاديث الآحاد والمتواترة فلابد أن نفتح المجال للعلوم الإنسانية الحديثة.

وتطرق الخشت إلى قضية توثيق الطلاق، مشيرا إلى أن الطلاق لابد أن يكون بالتوثيق ولا أتحدث عن الإثبات بل عن الانعقاد لأن العصر أصبح فيه من تلاعب الرجال والنساء وضياع الحقوق إذا كان الزواج بالتوثيق فلابد أن يكون الطلاق بالتوثيق بالانعقاد لا بالإثبات، ولابد أن يكون هناك طريقة واحدة للإثبات والانعقاد.

من جانبه، عقب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قائلا: إن إهمال التراث بأكمله ليس تجديدا وإنما إهمال، مشيرا إلى أن الأشاعرة لا يقوم منهجهم على أحاديث الآحاد، ويعتمدون على الأحاديث المتواتر، مشيرا إلى أن التراث حمله مجموعة من القبائل العربية القديمة الذين وضعوا أيديهم على مواطن القوة والتاريخ، وأن العالم الإسلامى كانت تسيره تشاريع العلوم الإسلامية قبل الحملات الفرنسية.

وأضاف شيخ الأزهر ردًا على كلمة الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، التى هاجم فيها مذهب الأشاعرة، أن توصيف التراث بأنه يورث الضعف والتراجع فهذا مزايدة على الإرث، ومقولة التجديد مقولة تراثية وليست حداثية. 

وأوضح أن الفتنة التى نعيشها الآن هى فتنة سياسية وليست تراثية، وأن السياسة تخطف الدين اختطافا حينما يريد أهلها أن يحققوا هدفا مخالفا للدين كما حصل فى الحروب الصلبية وغيرها.

وتابع: ماهى مبررات الكيان الصهيونى فى أن يستعمروا دولا غير تابعة لهم إلا من خلال الاستناد إلى نصوص فى التوراة لكى يحققوا أهدافا تخالف تعاليم الدين.

وأوضح الإمام الأكبر: ربما لا يعرف الكثيريون العلاقة القديمة مع الأستاذ الخشت والتى لم تخل أيضا من المناوشات ولولا أنه طلب وقال : "لو قلت غلط قولولى"، ما كنت أسهم بهذه الملاحظة، وأرجو أن أكون فيها طيبا، وتابع: أنت قلت أن التجديد مثل بيت أبويا أحبه وأقدره ولكن لا أسكن فيه وانتقل إلى بيت جديد، فهذا ليس تجديدا فهذا إهمال وترك وإعلان الفرقة لبيت الوالد مع احترامى، التجديد فى بيت الوالد وبدل ما يكون طوب لبن أعيده بما يناسب أنماط البناء المعاصرة.

وتابع شيخ الأزهر: أنت تنادى بترك مذهب الأشاعرة، فالأشاعرة بنوا ولا يقيمون عقيدتهم على أحاديث الآحاد، كما أشرت فهذه الأمور أنا درستها منذ أن كنت فى الثانوى عام 1960، والأشاعرة بل والمعتزلة قبلهم لا يمكن أن يقيموا مسألة واحدة من مسائل العقائد إلا على الأحاديث المتواترة، وأن نسمع اليوم أن الأشاعرة يقيمون منهجهم على أحاديث الآحاد وبعد هذه الفترة الطويلة فأعتبر هذه خاطرة وليست مسألة علمية مدروسة.

 

وأكد شيخ الأزهر أن التراث الذى نهون من شأنه ونهول فى تهوينه، هذا التراث جعل مجموعة من القبائل العربية التى كانت متناحرة، استطاعوا خلال 80 عاما أن يضعوا قدما فى الأندلس وقدما فى الصين، لأنهم فعلا وضعوا أيديهم فى مواطن القوة فى هذا التراث، فالتراث خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ.. فقل لى كيف كانت الأمة الإسلامية تسير قبل الحملة الفرنسية؟!  ألم يحتكموا إلى الشريعة الإسلامية، فإن كان التراث يورث الضعف والتراجع فهذا مزايدة على التراث فمقولة التجديد مقولة تراثية وليست مقولة حداثية فالتراث ليس فيه تقديس وهو ما تعلمناه من التراث وليس من الحداثة.

واستطرد:" تصوير أن الأزهريين ليس معهم سوى المصحف تصوير يحتاج إلى المراجعة فنحن درسنا العلوم الإنسانية كما أن فتنة عثمان ليست فتنة تراثية بل هى فتنة سياسية والسياسية تختطف الدين اختطافا فى الشرق والغرب."

وعقب الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، على كلمة شيخ الأزهر، مؤكدا فى بداية حديثه أنه تم فهم حديثه عن الأشاعرة بشكل خاطئ، وأنه يعى تمامًا كل ما يقوله، وأن له مؤلفات وكتب تدرس فى الجامعات منذ قديم الزمن وأراد من كلمته تصحيح معنى المفاهيم الهامة التى تقوم عليها الشريعة الإسلامية، موضحا أنه قصد بتجاوز التراث أى يحمل معنى النسخ بمعنى استيعاب التراث فى شكل جديد.

وأضاف "الخشت" فى تعليقة على رد شيخ الأزهر على كلمته، أنه ليس من دعاة هدم التراث أو حذفه، وإنما يجب مراعاة عدد من المقومات الهامة عند الأخذ بالتراث، مؤكدا أن من يعتقد بعصمة التراث فعلية أن يراجع نفسه جيدا.

وأوضح رئيس جامعة القاهرة أن الجميع يصيب ويخطئ، قائلا: "أنا مسلم ولست أشعريا أو أتبع أى تيار آخر"، موضحا أنه يحترم الأزهر بشدة ويتفق معه فى بعض الأمور ويختلف فى أخرى، ووجه رسالة لشيخ الأزهر: "أحترم رأيك بشدة ولست معك فى كل شيء ولست ضدك فى كل شيء".

وتابع: أنا على علاقة كبيرة بشيخ الأزهر، لكنى اليوم واجهت طريقة غير متوقعة فى فهم كلامى ولا أريد أن أقع فى نفس الفخ بأن ألقى اتهامات مقابلة وتم تحميل كلامى تيار آخر مضاد للأزهر وهذا ليس حقيقيا فعندما أقول أعنى ما أقول وبدقة، لم أكن أريد حججا، ولكن كنت أبحث عن حوارا وأرضية مشتركة.. لماذا أخذنا الكلام على أنه هجوم، فهناك فرق بين إما أو فإما الخشت معنا أو ضدنا فهذا تفكير أرسطى، واختتم كلامه الأزهر يصيب ويخطئ وأنا أصيب وأخطئ.