التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 07:47 م , بتوقيت القاهرة

كلاوديو برافو.. جندي برشلونة المجهول

واحدة من أهم القواعد في عالم كرة القدم هو أن نظافة الشباك هي الخطوة الأولى نحو تحقيق الفوز، وبرشلونة ليس استثناء لهذه القاعدة، فإذا كان الكثيرون يغدقون بالثناء على الثلاثي الهجومي للبرسا، الأرجنتيني ليونيل ميسي والأوروجوائي لويس سواريز والبرازيلي نيمار، فإن التشيلي كلاوديو برافو يبدو أشبه بـ"الجندي المجهول".

فهو ليس من هواة التصريحات النارية التي يلهث ورائها الصحفيون، بالكاد يظهر أمام وسائل الإعلام ويبدو عليه الهدوء وانكار الذات، ولكن الوضع يتغير تماما كلما ارتدى القفازين ونزل أرضية الملعب، حيث يصبح وحشا كاسرا يذود عن مرماه باستماتة، وهذا ما تثبته الأرقام.

برافو، وهو من مواليد سانتياجو التشيلية في 1983 أصبح خلال أول مواسمه الحارس الذي يمنى مرماه بأقل عدد من الأهداف في الليجا، بعد أن اهتزت شباكه 21 مرة خلال 38 مباراة دافع فيها عن عرين البرسا وآخرها أمام ديبورتيفو لاكورونيا (2-2)، في مباراة لم تكن ستؤثر بأي حال من الأحوال على حظوظ البرسا في الليجا، حيث كان قد حسم اللقب خلال مواجهة أتلتيكو مدريد في الجولة 37.

هذا يعني أنه حافظ على عذرية شباكه خلال 23 مباراة، وهو رقم قياسي يدخل به حارس ريال سوسييداد السابق وأحد نجوم المنتخب التشيلي في مونديال 2014 بالبرازيل، تاريخ النادي الكتالوني. الطريف أن برافو لم يتخط فقط الرقم القياسي السابق المسجل باسم حارس الفريق السابق فيكتور فالديس، الذي انتقل إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي، وانما كذلك أندوني زوبيزاريتا، الحارس المعتزل والمدير الرياضي السابق للفريق الكتالوني الذي استقدمه، ولكل منهما 20 مباراة دون أن تهتز شباكهما.

وبالتأكيد لا تنسي جماهير البرسا، في نشوة الاحتفال بلقب البطولة المحلية والثلاثية التي باتت على مشارف أبواب القلعة الكتالونية أن شباك برافو لم تهتز خلال الدقائق الـ776 الأولى التي خاضها في الدوري هذا الموسم (أول ست مباريات).

ويعتبر هذا رقما آخر يضاف إلى سلسلة النجاحات التي يحققها الحارس التشيلي وهو في الثانية والثلاثين من عمره، قضى منها ثماني سنوات في صفوف ريال سوسييداد، الذي انتقل إليه قادما من نادي كولو كولو التشيلي، والذي توج معه بالبطولة المحلية موسم 2005-2006.

وخلال السنوات الثمانية التي أمضاها في الدفاع عن عرين ريال سوسييداد، أدى مهامه برشاقة وسرعة ومهارات قدمين جعلته أحد أفضل حراس المرمى في أوروبا في هذا الميدان، وهو الأمر الذي يجذب اهتمام أي مدير رياضي يرغب في التعاقد مع حارس، خاصة إذا سبق له أن وقف بين الخشبات الثلاثة وارتدى القفازات مثل زوبيزاريتا. المدير الرياضي السابق للبرسا لم يتعاقد فقط مع برافو، وانما ضم كذلك الألماني أندريه تير شتيجن لتأمين حراسة المرمى بأفضل صورة ممكنة، وقد كان.

فتولى برافو حراسة مرمى البرسا في الليجا، فيما أوكلت لشتيجن مهمة الدفاع عن عرين الفريق الكتالوني في دوري أبطال أوروبا وكأس ملك إسبانيا. والنتيجة تتويج البرسا بالليجا، والاقتراب من التتويج بالكأس ذات الأذنين حال فوزه على يوفنتوس الإيطالي في نهائي التشامبيونز ليج، ورفع كأس ملك إسبانيا إذا تمكن من الفوز على أثلتيك بلباو، ولكن هذا ليس كل شيء، على الأقل على المستوى الفردي. فقد فاز برافو بجائزة (زامورا)، التي تمنحها صحيفة (ماركا) الإسبانية، للحارس الذي يمنى مرماه بأقل عدد من الأهداف، وهو الأمر الذي قلل من أهميته.

برافو علق، في إحدى المرات المعدودة التي ظهر فيها أمام وسائل الإعلام، أنه يتعامل مع الجائزة بـ"هدوء"، مشيرا "لا فارق بين فوزي بها أو عدم الحصول عليها. أريد الفوز بالدوري ودوري الأبطال وكأس ملك إسبانيا"، وهي المهمة التي أكمل فيها الجزء الخاص به على أكمل وجه، لتتجه أنظاره بعدها إلى تشيلي.

السبب ليس رغبته في قضاء العطلات وانما الاستعداد لخوض منافسات كوبا أمريكا التي تستضيفها بلاده، حيث بات حجر زاوية في "لاروخا" اللاتيني وأصبح عميد لاعبيه، وخطف الأنظار في مونديال البرازيل ومن قبله في نسخة 2010 التي استضافتها جنوب أفريقيا.

وبعد ثلاث محاولات له في كوبا أمريكا، أعوام 2004 و2007 و2011 سيحاول مساعدة (لاروخا) اللاتينية، من موقعه في حراسة المرمى على التتويج بالبطولة القارية للمرة الأولى، ليكلل النجاح الذي يحققه مع البرسا.

وإن كان وراء كل عظيم إمرأة، فهي في هذه الحالة كارلا باردو، زوجته التي أنجب منها ثلاثة أبناء، ويعيشون معا في منطقة سبولجاس دي يوبريجات بالقرب من برشلونة. باردو استحقت عن جدارة لقب "السيدة الأولى" للمنتخب التشيلي نظرا لدعمها للفريق وزوجها.

هذا الدعم لم يتوقف بانتقال برافو إلى برشلونة، وان كان قد اتخذ شكلا مختلفا، وفقا لما تؤكده في مقابلة أجرتها مع زوجها في مجلة (يا) التشيلية. وتؤكد "في لحظات كنت في حاجة لأن أعيده إلى أرض الواقع وأخبره: تذكر من أين جئنا، ومن هما والداك، عد إلى أرض الواقع" وذلك لمنعه من الانتشاء بالنجاحات التي حققها مع الفريق الكتالوني، والتي أدى فيها دوره على أكمل وجه.