الكرة مثل الخبز.. همٌ وطني
قد يبدو العنوان ( ثقيل الهضم ) على البعض ممن يضعون الرياضة في آخر اهتمامات الحكومات حول العالم.. إذ يعتقد الكثيرون أن السياسة والاقتصاد والصحة والتعليم والدفاع والثقافة هي أولويات أي حكومة في أيّ بقعة في الدنيا، ولكني أعتقد أن الرياضة وكرة القدم تحديدا في مصر تحظى، إن لم يكن بنفس القدر من الأهمية، فبدرجات لا تقل كثيرا عنهم.
كرة القدم في مصر ليست مجرد رياضة، بل هي عشق أمة ونَفَسُها الذي يضيق أو يتسع حسب ظروفها، وهي مصدر عيش الملايين من لاعبين وأسرهم وإعلاميين وتلفزيونات وإذاعات ومحللين ومذيعين ومصورين وصحفيين ومواقع إلكترونية، ومصدر دخل لعدد كبير من الأسر المصرية.
وبالتالي لا أعتقد أن فكرة إلغاء الدوري أو حتى إقامته بدون جمهور هي فكرة صائبة، مع كامل احترامي وتقديري لما قد يصدُر عن الحكومة يوم الأربعاء، فهو يبقى في النهاية قرار سيادي وأهل مكة أدرى بشعابها، ولكنني أتحدث بنفس العاشق لأم الدنيا ولكرتها التي شرفتنا كبطل إفريقيا سبع مرات منها ثلاث مرات متتالية، وشرفتنا بالأهلي والزمالك والإسماعيلي والترسانة وهي من الأندية التي بات لها شعبية وجماهيريه خارج الأراضي المصرية.
مصر في عهد السيسي تختلف عما قبله، فهي باتت أشد عودا وأكثر حزما وأمانا، ولن تثنيها لا حادثة ولا حتى بضع حوادث عن الوصول لغايتها الأساسية وهي إسعاد شعبها والحفاظ على أمنه وأمانه.
وأعتقد أن أجهزة الدولة المصرية قادرة على حماية ورعاية ومراقبة دوري لكرة القدم بوجود جماهيره وليس بدونها، مع الاستعانة بآخر ما توصلت إليه تكنولوجيا مراقبة المدرجات، والقبض على كل من تُسول له نفسه تعكير صفو أمن بلاده خارج الإطار الرياضي المعروف والمعهود من التشجيع الأخلاقي والمحترم، والذي لا يهدد الجماهير ولا المنشآت ولا الوطن.
سبق وكتبت في (دوت مصر) أن كرة القدم ليست هي السبب وراء ما يحدث بل هي ضحية.. نعم ضحية وليس عليها أن تدفع الثمن هي الأخرى، بل يجب أن ننتصر لها ونساعدها كي تبقى نظيفة وساحة للتنافس الشريف وللكسب المشروع لآلاف وربما ملايين المصريين.
لهذا أتوقع أن لا يكون هناك قرار بمنعها أو إلغائها، بل ربما تقنين وجودها وكينونتها، وربما تعود ولو بدون جمهور، ولكن يجب ألا تغيب عن الواجهة أبدا مهما كانت الأسباب.